باريس لن تتراجع.. وبري أول الحاضنين للحريري

31 آذار 2021 11:49:00

من سوء حظ اللبنانيين وهم يراقبون جلجلة تأليف حكومة جديدة، ان الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وصلا الى هذا الحدّ من التباعد وعدم تلمّس امكان توصّلهما الى مخرج في القريب العاجل على رغم كل الضغوط الديبلوماسية الغربية، وآخرها من جانب الفرنسيين عبر وزير خارجيتهم جان- ايف لودريان. 

وترى مصادر ديبلوماسية انه على رغم المناخات السوداوية التي تسيطر على الداخل اللبناني وانتكاس العلاقة بين عون والحريري والتي لم تكن في الاصل محصّنة بالنيات الحسنة، الا ان باريس لن تستسلم ولا تزال تعوّل على امكان توفير التقريب بينهما مع علمها المسبق بالعراقيل التي تعترض طريقها في لبنان. وينشط الفرنسيون هنا على خط التواصل مع الداخل، وتحديدا مع الرؤساء عون والحريري و#نبيه بري. وما يقوله لودريان في اطلالاته الاعلامية لا يختلف عن متن الكلام الذي يردده على مسامع المعنيين اللبنانيين. وثمة نقاط يمكن البناء عليها من طرف باريس التي لا تكتفي بالسعي والتواصل في الداخل، بل ان ديبلوماسيتها تنشط على خط الجهات الخارجية المؤثرة في لبنان بدءاً بواشنطن التي تتعاون معها في شكل اكبر مقارنة بأيام ولاية الجمهوريين في البيت الابيض. كما تنشط في الوقت نفسه مع موسكو حيث لا يزال الروس يؤكدون دعمهم للمبادرة الفرنسية. وتنقل المصادر عن مسؤولين فرنسيين في الاليزيه أنهم لا يخفون طرح اسئلة حول تعاطي القيادة الايرانية مع القيادة الفرنسية التي تدقق في كلام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومواقفه الاخيرة، والتي تضعها باريس في "خانة السلبية".
 
 ومن النوافذ التي يمكن ان تأتي باشارات ايجابية ما يدور بين باريس والرياض واستفادة لبنان من هذا الامر، ولا سيما ان قنوات التواصل ازدادت في الاسابيع الاخيرة، بحسب جهات ديبلوماسية متابعة، ولا سيما ان الزيارة التي كان الرئيس ايمانويل ماكرون يعتزم القيام بها الى السعودية تم تأجيلها لاسباب تتعلق بالداخل الفرنسي، وكلما تطور هذا التقارب الفرنسي - السعودي ستكون له انعكاسات ايجابية على لبنان.
 
 وفي خلاصة هذه الاتصالات، يقول ديبلوماسيون ان الأطراف الدوليين، ولا سيما منهم الاوروبيين، لا يمكنهم ان يسلموا بمقولة البعض في لبنان انه يمكن الاستمرار على هذا المنوال من التدهور والتراجع الى حين انتهاء ولاية عون. ويدعو هؤلاء الغيارى الجميع الى التدقيق جيداً في الحال التي سيكون عليها البلد والى اين سيصل بعد سنة ونصف سنة من دون وجود حكومة، وانه في النهاية لا مفر للبنانيين من الدخول في تسوية ليقدر بلدهم على الاستمرار رغم الضغوط التي تواجهه. 
 
 وبالعودة الى الاتصالات التي يقوم بها لودريان مع الاقطاب في الداخل، يبدو ان وتيرتها لن تتوقف، ولا سيما ان كل فريق يُظهر امامه أنه قام بالواجبات المطلوبة منه ولم يعد في امكانه ان يتنازل اكثر. ويبقى الرئيس المكلف محور هذه الاتصالات، مع ملاحظة ان ثمة معنيين يضغطون عليه لتقديم تسهيلات اكثر، وهذا ما وصله من "حزب الله"، فضلاً عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي دعاه اكثر من مرة الى الدخول في تسوية تخلّص البلد وتوفر عليه المزيد من الانزلاقات والانهيارات المالية والمعيشية وغيرها. ويلاحظ هنا ان الرئيس بري سيبقى الحاضن الاول للحريري حيث يبدي تمايزا لافتاً عن الآخرين حيال الذود عن الرئيس المكلف. لكن ذلك لا يعني ان "حزب الله" وجنبلاط لا يريدان الحريري في السرايا كما يطمح الى ذلك العونيون. ولا يخفي "تيار المستقبل" تحفظاته هنا عن اداء جنبلاط ولو كان ينطلق من عناوين تساعد في امكان الحفاظ على ما تبقى من البلد. في غضون ذلك، يتم التوقف عند ما حققه الحريري من رصيد داخل الطائفة السنية في الاسابيع الاخيرة، الا انه بحسب متابعين لم تصل هذه الحصيلة الى حدود الاحتضان الكامل داخل هذه البيئة رغم تسجيله مزيدا من النقاط في مواجهته لعون في كيفية مقاربته لتأليف الحكومة.