"جمهورية" ذات كرسي

29 آذار 2021 15:45:00 - آخر تحديث: 30 آذار 2021 17:34:10

من أبراج النصف الشمالي للكرة الأرضية، كويكبة معروفة ب "ذات الكرسي" سميت كذلك، لأنها تشبه ملكة جالسة على عرشها، أو على كرسيها  

يتحدث العلماء الذين رصدوا "ذات الكرسي"، عن وهج إنفجار، بعد إجراء عمليات رصد ضوئية متعددة الألوان 

 

قال العلماء، إنه ناتج عن عملية سطو فضائي، حيث يقوم أحد النجوم القزم المعروف ب"القزم الأبيض" أثناء الدوران مع نجم أكبر، بالسطو على الهيدروجين من الرفيق الأكبر والأكثر رقة. فيتم تسخينه على سطح القزم الأبيض، مما يؤدي إلى إطلاق كمية هائلة من الطاقة التي تقذف الهيدروجين غير المحترق، بشكل إنفجاري إلى الفضاء.

 

 ويسجل العلماء، أن النجمين، يبقيان على قيد الحياة، ويستمران في الدوران في علاقتهما الغريبة. ويستمر التوهج لأيام عدة أو أشهر.

 ولا ينتهي التوهج، بعد أن ينتج النجم المتغير "الثنائي". إذ أن النجم المستعر، هو الجاني في عملية السطو الفضائي.

 

 جمهورية لبنان، أشبه بكويكبة "ذات الكرسي". تستمد حركتها، كما تستمد ضوءها، من حركة نجمين: الأول هو "النجم المستعر"، والثاني، هو "النجم المتغير".

 يقود النجم المستعر، حركة جمهورية لبنان، "ذات الكرسي". الشبيهة بالملكة. وهي تعرف نفسها، أنها ليست ملكة. بل تعرف نفسها، أنها جمهورية ذات نظام ديمقراطي. تعرضت لإمتحانات كثيرة، حين إشتبه على رئيس الجمهورية، أن يكون نجما مستعرا. فكثرت عليه التحديات، وكثرت أمامه الإمتحانات: الأمنية والسياسية.

 

 فمنذ تأسيس جمهورية لبنان، ومنذ تأسيس الكيان، قبل مئة عام، والبلاد تهتز، حين يقع الرئيس المستعر باللهب، أسير وهج الجمهورية "ذات الكرسي". فيطيح بالدستور، وينقلب على المفاهيم ويغرق البلاد ب"الفوضى الخلاقة"، التي تعيد البلاد للعصر الحجري.

 

 لعنة الجمهورية في لبنان، أنها "ذات كرسي". يظن الرئيس نفسه أنه "ذو لهب مستعر". يمكنه من السطو على الديمقراطية. ويمكنه من السطو على الحكومة من خلال السطو على رئاسة الحكومة. خصوصا، حين تكون الحكومة مستقيلة، أو حين يكون الرئيس المكلف، يزمع على تشكيل الحكومة. ويكون ذلك، بعد التشاور الإلزامي مع المجلس النيابي، وبعد التشاور، مع الكتل النيابية.

 

 يسطو الرئيس، "النجم المستعر"، على الجمهورية، "ذات الكرسي"، أثناء حضور الرئيس المكلف، للتشاور معه لتشكيل الحكومة. يجلس على كرسي الرئاسة، وكأنه يجلس على كرسي ملك. يفرض أوراقه. ويفرض أجندته. ويفرض وزراءه، ويسمي ويزكي، ويرشح من يشاء، لتولي هذة الوزارة أو تلك.

 

 يسطو الرئيس في الجمهورية، بسطوة ملك. يجلس على عرش، أو على "ذات كرسي". يستبد في جلسات المشاورات، ويهتك الأسرار، ويسيئ من حيث يدري أو لا يدري، لآداب التشاور مع الرئيس المكلف، الذي حاز ثقة الشعب من خلال المجلس النيابي.

 

 يتحدث العلماء أن تشغيل "الإندماج النووي"، على سطح "القزم الأبيض"، إنما يتم من خلال السطو على الطاقة، فيتحول بذلك إلى نجم مستعر. غير أنهم يقولون أيضا، إن مصدر الهالة، إنما هو حصيلة كمية هائلة من الطاقة التي تقذف الهيدروجين المهدور والمبدد، غير المحترق.

 

 هذة الهالة يجب أن تضبط من خلال نجم آخر، يعرف بـ"النجم المتغير"، الذي يعرف ب"الثنائي". 

 لا شك أن رئيس الحكومة، الذي حظي بالتكليف من المجلس النيابي، ومن رئاسة المجلس النيابي، هو "النجم المتغير" كلما، وقعت البلاد في الأزمات. وهو الذي يضبط إيقاع النجم المستعر. ويتحمل عبء الأزمات

 

 مأساة الجمهورية" ذات الكرسي"، أن "النجم المستعر" اليوم، يشعر ب"فائض اللهب"، جراء الأوكسجين الزائد من سطح "القزم الأبيض". وهو لذلك يتفلت من جميع الضوابط، التي يجب أن تراعي دورة الحياة السياسية، في جمهورية "ذات الكرسي"، بين "القزم الأبيض"، وبين "النجم المستعر"، وبين "النجم الثنائي" المتغير.

 

 جمهورية "ذات الكرسي"، ظاهرة فلكية غريبة في لبنان. لا تحكمها ضوابط. ولا تراعي الإصول الطبيعية في السياسة والحكم. تعيش كل يوم في إنقلاب فلكي. تتكاثف فيها الأزمات. تتكاثر فيها الإشتباكات. تهوي بها النجوم، إلى الدرك الأسفل فتعجز عن تحقيق أي من الإختراقات. وتعجز عن تحقيق أي من الإنجازات.

 قزم أبيض، ونجم مستعر، ونجم ثنائي متغير، يعيشون على السطو في كويكبة "ذات كرسي". في جمهورية "ذات كرسي". فمتى تعود الجمهورية، إلى شروط الحياة الديمقراطية، في أصول السياسة والحكم. إذهبوا إلى دولة الرئيس المغفور له "تقي الدين الصلح"، وأسألوه عن كتابه الذي وضعه غب حجر وغب حجز وغب سطو: " في أصول السياسة والحكم".

 

 فمتى يكف "النجوم" إذا: المستعر منها، والمستنير، والمتغير، بالإضافة إلى القزم الأبيض، عن السطو على الشعب.

 متى يستطيع الشعب، أن يصون حياته الديمقراطية، في "لعبة السياسة والحكم"!