رسمياً، بدأ اللبنانيون يدخلون في حالة المجاعة. فإعلان "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي أنّ، "لبنان، واليمن، وسوريا، والصومال، من الدول المهدّدة بانعدام الأمن الغذائي لجزءٍ من سكّانها" قطعَ الشكَّك باليقين. وأصبح الجواب على مقولة "اللبناني ما بيجوع"، هو "مبلا جاع وكتّر"، وما ينتظرنا أسوأ بحسب رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برّو.
"نعم، قسمٌ من اللبنانيين معرضٌ للجوع والمجاعة، لأنّ من كانوا على حافة الفقر، والتي بلغت نسبتهم 27 في المئة قبل 17 تشرين، هم أساساً تحت خطّ الفقر، ومدخولهم يتراوح بين الـ300 والـ600 الف ليرة لبنانية. واليوم مدخولهم تراجع أكثر من ذلك. كذلك فقَدَوا حوالي 10 أضعاف مع تراجع قيمة الليرة اللبنانية" يقول برّو، في حديثٍ لـ"الأنباء" الإلكترونيّة. ويشير إلى أنّ "مخاطر الجوع حقيقية، فالحدّ الأدنى للأجور وصل إلى الـ45 دولاراً في الشهر، فبأيّ طريقة يمكن لمن يتقاضى الحدّ الأدنى أن يعيل عائلة؟! أي بدولار ونصف الدولار يومياً للفرد الواحد"، مضيفاً: "الهندي والصومالي اليوم وضعهم أفضل من هيك".
ويتابع برو، "اليوم شو بيشتري اللبناني بـ30 أو 60 ألف ليرة؟ بالكاد تكفي هذه القيمة أيّ شخص ليوم أو يومين. ولذلك ما حصل سيؤدي حكماً إلى جوع قسم من اللبنانيين، خصوصاً أنّ نسبة الفقراء وصلت إلى حوالي الـ60 في المئة، وكلّ يوم آلاف اللبنانيين يسوء وضعهم أكثر. فالعديد منهم كانوا يعيشون بمدّخراتهم، ولكن مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية سيتسارع انهيارها أيضاً".
ويلفت إلى أنّ، "الفاو أكّدت أن لبنان من بين 20 دولة معرّض أمنها الغذائي للخطر، وقسمٌ مهمٌ من اللبنانيين بدأ يدخل في حالة المجاعة". ويقول إنّ الأسباب واضحة، وهي برأيه: "أنّ لبنان ينتج القليل جداً بالنسبة إلى استهلاكه. وقبل 17 تشرين ( 2019) كان ينتج حوالي الـ12 في المئة من حاجاته، وما تبقى يتمّ استيراده إما من المحيط العربي، أو من دول أجنبية. واليوم، ومع تقلّص الكتلة النقدية التي يمكن استخدامها للاستيراد وحجز الودائع، لم يعد التجار قادرين على شراء البضائع من الخارج، هذا بالإضافة إلى نهب قسم كبيرٍ من الودائع عبر "الهيركات" الذي مارسته المصارف. وقد ضخّت المصارف ومصرف لبنان من أموال المودعين حوالي 8 مليارات دولار من أجل شراء مواد غذائية، ولكن في الواقع لم يصل منها شيء سوى بضعة ملايين، والباقي تمّ الاستيلاء عليها من قـِبل مستوردين كبار ومهربين. وبالتالي لم تحلّ مشكلة ومخاطر الأمن الغذائي".
وبما أنّ الجوع أصبح محتماً على جزء من اللبنانيين، يجدر السؤال عن الخطوات التي يجب القيام بها لمنع تهديد الأمن الغذائي.
هذه الخطوات بحسب برو هي، "الانقلاب على السلطة، وقرارات مصرف لبنان والمصارف، والقيام بعملية استرجاع حقوق اللبنانيين بالقوّة، إذ لم يعد أمامنا إلا القوّة، لأنّ الدولة سقطت، والأبواب كلّها أُقفلت".
ويختم برّو: "لا يمكن السكوت بعد الآن، لأنّ صمتنا يعني جوعاً، وفقراً، وانهياراً أكثر، وعدم استقرار. فالوضع الذي وصل إليه اللبنانيون سيّء، والوضع في الأسابيع المقبلة سيكون أسوأ بكثير، وبالتالي سيلجأون للعنف تجاه بعضهم البعض".
إذاً، مشاهد العنف هي المتوقّعة. ولمن يريد نبذة عمّا قد يحصل، فليشاهد بعضاً ممّا كان يحدث في فنزويلا، أو... الصومال!