Advertise here

الملف الحكومي الى ما قبل المربع الأول.. لبنان رسمياً مهدّد بالمجاعة

24 آذار 2021 06:04:00 - آخر تحديث: 26 آذار 2021 06:25:12

رسمياً، اللبنانيون مهددون بإنعدام الأمن الغذائي. فقد إنضم لبنان، وفق منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمية، إلى لائحةٍ تضم اليمن وسوريا والصومال، على أنه من دول المهددة مواطنيها بإنعدام الأمن الغذائي. لم يكن التحذير مفاجئاً على خطورته، فهو نتيجة حتمية بعد مرور أشهر على الأزمة الإقتصادية الخانقة التي يختبرها اللبنانيون. ورغم الواقع الخطير الذي يعبّر عنه التصنيف، إلّا أنه لم يدفع أهل السلطة إلى إتخاذ أي خطوة جدّية لإعادة تصويب الأمور إلى طريق الحل، بعد الحائط المسدود الذي وصلت إليه مختلف الأمور السياسية والإقتصادية في لبنان، وما الارتفاع المتكرر في سعر الخبز الا دليلا آخر على السير المستمر نحو المجاعة.

في سياقٍ آخر، أصبح من المؤكّد أن الخارج يهتم بالشؤون اللبنانية أكثر من الداخل. فبات جلياً الإهتمام والجهود المبذولة من قبل الجهات الدولية على تعددها بالملف اللبناني وعملية تشكيل الحكومة، أكثر من المعنيين في الداخل أنفسهم. فقد تحرّكت الأمم المتحدة ومجلس وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي، كما والجامعة العربية، في وقت زار سفيرا السعودية وفرنسا في لبنان وليد بخاري وآن غريو رئيس الجمهورية ميشال عون.

إلّا أن ملف تشكيل الحكومة عاد إلى المربع ما قبل الأول، في ظل تصلّب الفريقين وعدم ركونهما إلى تسوية تُنقذ لبنان من الواقع المجهول الذي يعيشه، والذي بدأت تتجلى مظاهره بالتحركات الخطيرة التي شهدتها شوارع لبنان في الأسابيع الأخيرة، وما رافقها من أحداث قد تُفجّر الوضع في أي لحظة. والهدنة التي إحتكمت لها دوائر القصر الجمهوري وبيت الوسط بين الخميس والإثنين، إنتهت بعد كلام الرئيس المكلّف سعد الحريري إثر لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا. إذ عاد السجال الإعلامي مع بيان تكتّل لبنان القوي من جهة الذي اتهم الحريري في إختراق الدستور، وبيان رؤساء الحكومات السابقين الذي رمى كرة التعطيل في ملعب رئيس الجمهورية. 

ويترقب الجميع ما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد أن وصلت الأمور بين الحريري وعون إلى حائط مسدود، وربما إلى اللاعودة، بعد أن ظهر تشبّث كل منهما بشروطه والإصرار عليها.

في هذا الإطار، ذكر عضو كتلة المستقبل النيابية عثمان علم الدين أن "أمام الحريري عدداً كبيرا من الأوراق التي سيلجأ إليها في المرحلة المقبلة، على أن يُعلن عنها في الوقت المناسب، ولم نصل على صعيد النقاش الداخلي إلى موضوع الإستقالة من المجلس النيابي، إلّا أن هناك خطوات أهم من الإستقالة من البرلمان قد يأخذها الحريري".

وحول الأفق المسدود بين الرئيسين، لفت علم الدين في حديث مع "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "الرئيس الحريري لا زال منفتحاً على النقاش، لكن ضمن الشروط التي وضعها لتأليف الحكومة، حكومة 18 وزيراً تضم إختصاصيين دون أن يحصل أحداً على الثلث المعطّل، وأي تواصل غير مبني هذا الأساس لن يكون له أي نتيجة إيجابية. كما وإن الحريري كان واضحاً، لا تشكيلة حكومية جديدة".

إلّا أن علم الدين أشار إلى أن تصلّب موقف الحريري "ليس تعنتاً، بل هو إلتزام بحكومة إختصاصيين تقوم بالإصلاحات، كما طلب المجتمع الدولي".

ورأى علم الدين أن "عون لا يتكلّم إنطلاقاً من موقعه كرئيس للجمهورية، بل بإسم التيار الوطني الحر، وهو يعمل على توريث النائب جبران باسيل بإسم حقوق المسيحيين، والأخطر أن يكون ينفذ أجندةً إيرانية، في حين أن الواقع الإجتماعي والإقتصادي سيّء".

وحول زيارة السفير السعودي وليد بخاري إلى بعبدا، ذكر علم الدين أن "بخاري شدد على ضرورة الإلتزام بالدستور من أجل حماية لبنان وصون إستقلاله وسيادته، وتشكيل حكومة لوقف الإنهيار، وهو ضمنياً أيد الحريري في طرحه، كما وإن التواصل قائم دائماً بيننا والسعودية، والعلاقات مفتوحة ولا قطيعة".

عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم شن هجوماً على رئيس الجمهورية، ولفت إلى إن "عون إستقبل اليوم سفيري السعودية وفرنسا، وكرر أمام آن غريو الكلام نفسه، التمسّك بالمبادرة الفرنسية، فالتناقض على المفضوح، إذ هو نفسه يطالب بالثلث المعطّل وبحصّة وزارية، كما وبتوزير أسماء ليست فقط قريبة من التيار الوطني الحر، بل تدين بالولاء له، وبالتالي هذا إنتهاك صريح للمبادرة الفرنسية".

كما أشار واكيم في حديث مع "الأنباء" إلى ان "رئيس الجمهورية إخترق الدستور صراحةً عبر الورقة التي وجهها للحريري وطلب منه تعبئتها، في حين من المفترض أن يكون له الجرأة لأن يعترف بأنه يريد تحصيل مكاسب فئوية، فالقصة ليست متعلقة بحقوق المسيحيين، وكفى لعب على هذا الوتر".

وإعتبر واكيم أن "الأمور وصلت إلى أفقٍ مسدود، فالحريري لن يعتذر، ولن يشكل حكومة كما يريد عون –وهو الأمر الذي لا نريده بطبيعة الحال- وبالتالي، الحل الأمثل هو إعادة إنتاج السلطة عبر التوجه نحو إنتخابات نيابية مبكرة، إذ الشعب اللبناني هو مصدر السلطات ومن المفروض إجراء الإنتخابات لتحديد الأكثرية التي قد تكون تغيّرت خصوصاً بعد إنطلاق ثورة 17 تشرين، وعندها، الفريق الذي يحصل على الأكثرية النيابية فليحكم".

لكن أعلن أنه "حتى يوم الأول من أمس، لم يتواصل أحد من فريق تيار المستقبل أو الحريري مع القوات اللبنانية من أجل التوجّه إلى إستقالة جماعية من مجلس النواب، لكن القوات ستفعّل قنوات التواصل مع المستقبل على هذا الخط في محاولة للوصول إلى إتفاق يقضي بإستقالة كتل الجمهورية القوية والمستقبل واللقاء الديمقراطي من البرلمان، وعندها، يفقد المجلس قريب نصف العدد، كما يفقد الميثاقية، ويصبح ملزماً إجراء إنتخابات نيابية جديدة".

أما من جهته، فقد رأى عضو كتلة "التنمية والتحرير" قاسم هاشم أن "الامور راكدة حتى الآن، وهي رهن بلورة آلية معينة بعد أن يتحرك أهل الحل والعقلاء من أجل خرق الجمود الحاصل في الملف الحكومي عبر تدوير الزوايا والتوصل إلى تسوية معيّنة، إذ لبنان شهد العديد من الأزمات في السابق التي كانت تُحل عبر التسويات".

ولفت هاشم في حديث مع "الأنباء" إلى أن "رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يتوانَ يوماً عن القيام بواجبه الوطني في حلحلة العقد، حتى بات اللبنانيون ينتظرونه للقيام بدوره كإطفائي، ومحركاته لم تنطفئ على صعيد التشكيل، فمبادرته، والتي تحاكي المبادرة الفرنسية، لا زالت حيّة، ولكن للأسف تم التعاطي معها كما جرى مع الملف الحكومي ككل، بإستخفاف ومماطلة، والتمسّك بالمصالح الفئوية على حساب وجع الناس".

أما وعن شكل التعاطي من قبل عون مع الحريري، فسأل هاشم: "أين نحن من الدستور؟ تم تجاوزه مرات عديدة من فترة طويلة، وتم إختلاق أعراف جديدة وبدع لا تمت للدستور بصلة، وهذا تفلّت من القيم الدستورية أصبح مرضاً".

وعن إمكانية سحب التكليف من الرئيس الحريري بطريقة ما بعدما ترددت أخبار عن نوايا عون القيام بالفعل، أجاب هاشم: "الدستور واضح ولا يحتاج إلى عناءٍ أو فلسفةٍ".

على خطٍ آخر، ومع تصاعد الدخان الأسود بعد لقاء عون والحريري والكلمة التي ألقاها إثر اللقاء، إرتفع سعر صرف الدولار في الأسواق السوداء وناهز الـ14 ألف ليرة، ومع هذا الإرتفاع، ستلتهب أسعار المنتجات في الأسواق في الأيام المقبلة، متأثرة بسعر الدولار.

في هذا السياق، ذكر الخبير المصرفي نسيب غبريل أن "إرتفاع الدولار هو نفسي ولا أسباب تقنية للإرتفاع في الأسواق الموازية غير شفافة"، وفضّل غبريل عدم الدخول بتكهنات حول الأرقام لأنها قد تؤدي إلى مضاربات في السوق.

وحول المنصة التي سيطلقها مصرف لبنان في الأيام المقبلة، فقد لفت غبريل إلى أن "مصرف لبنان طلب من المصارف كما والصرافين الشرعيين الإنضمام إلى المنصة تحت طائلة سحب الرخصة، لكن ما من شيء واضح حول آلية التعامل، وبالتالي من المفترض أي يُصدر "المركزي" قريباً آلية لتحديد أعمال المنصة".