Advertise here

اللبنانيون والسوريون ضحايا الصراعات... و"التقدمي" يمهد لاستراتيجية وطنية!

19 آذار 2019 07:50:00 - آخر تحديث: 19 آذار 2019 12:38:07

في العلاقة الجدلية بين القضايا الانسانية  والقضايا الوطنية.. قد تضيع الاوطان ويتألم الإنسان. لطالما شكّل لبنان لهذه المعادلة العنوان. خصوصاً في ما يتعلّق بملف اللاجئين السوريين ومعاناتهم في بلد اللجوء الذي استقبلهم هاربين من الموت القسري. معاناة السوريين تقابلها معاناة اللبنانيين أيضا، في بلد لا تتوفر فيه أدنى مقومات الحياة، وبناه التحتية غير جاهزة لتلبية احتياجات مواطنيه، فكيف اذا ما تضاعف عدد السكان. ناهيك عن المعاناة اليومية للبنانيين في البحث عن لقمة العيش وفرص العمل، فأصبح بعضهم ينظر الى اللاجئ السوري نظرة غير انسانية، تقوم على اساس التنافسية على فرص عمل مفتقدة.

وبهذه المعادلة، اصبح السوريون واللبنانيون أسرى بلاد تتجاذبها الصراعات السياسية المحلية والاقليمية، وتتحكم في مساراتها عمليات شدّ الحبال بين السياسيين الذين يحاولون الاستثمار بهذه الأزمات بحثاً عن مصالح مالية وسياسية، بعيداً عن البحث عن مشروع حلّ عملي وجدّي للأزمة الحقيقية.

ويضيع لبنان بين غياب سياسة واضحة لمعالجة ملف اللجوء، وحماية سيادتها ومقومات عيش أبناءه، مقابل الحفاظ على حقوق الإنسان. 


يرضخ السوريون لمصير بقائهم في المخيمات، رفضاً لعودة قسرية الى حضن النظام السوري، حيث من الممكن ان يكون هناك خطر على حياتهم، بينما يرضخ اللبنانيون الى الواقع الأليم، في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة، الأزمات التي تتخبط بها البلاد، من بنى تحتية، كهرباء، ماء، وصولاً الى فرص العمل شبه المنعدمة. ولا بد للإنعكاسات الحياتية لهذه الأزمة ان تولد أزمة سياسية، قد تستخدم في اطار الخلافات اللبنانية، حاصة عندما يستخدم بعض الأطراف فزاعة توطين اللاجئين للإستثمار السياسي والشعبي.

يختلف اللبنانيون فيما بينهم على العبارات التي يختارونها، من العودة الآمنة الى العودة الطوعية أو الفورية. وهناك من يذهب الى استحداث عناوين خلافية أخرى تتعلق بتطبيع العلاقات مع النظام السوري واعتباره الكفيل الوحيد بحلّ الأزمة.

هذا الطرح ترفضه اطراف أخرى معارضة للنظام، تعتبر أن هذا الملف يستخدم كذريعة لاستعادة النظام السوري لنفوذه وتأثيره على الساحة اللبنانية. ويعتبر معارضو النظام السوري بأن كل حملات التخويف من التوطين وغيرها، تستخدم لتعزيز النفوذ السوري، بينما النظام نفسه لا يريد عودة اللاجئين، إلا بعد فرزهم سياسياً واعادة الموالين له، كما يعطي هؤلاء مثال الأردن الذي لديه علاقات مع النظام السوري لكن هذه العلاقات لم توفّر عودة اللاجئين.

ويعتبر هؤلاء بأن النظام قد اقر القانون رقم 10 لوضع اسس لفرز اللاجئين بشرياً وجغرافياً في المناطق التي تناسبه، وهذا يعني أن هناك شرائح واسعة لن تعود الى اراضيها الاصلية، كسكان حمص والقصير مثلاً، الذين يرفض النظام قوائم اللاجئين من تلك المناطق، ويتذرع بأسباب أمنية تمنع عودتهم. وحتى الآن تغيب أي مبادرة جدية لإلغاء هذا القانون.

يفتقد لبنان الى استراتيجية موحدة لمعالجة ملف اللجوء، وحتى ان الرهان على المبادرة الروسية لم يصل الى أي مكان، في ظل غياب التوافق الدولي حولها، والذي سيكون مرتبطاً بالحل السياسي وإعادة الإعمار وترسيم الحدود. وعلى ما يبدو ان التحركات الروسية ستتكثف في المرحلة المقبلة لأجل إيجاد حلول سريعة لهذه الملفات. ولكن بإنتظار اللحظات المناسبة لهذه التسوية الدولية، وفي غياب اي سياسة لبنانية واضحة، فإن الواقع سيكرّس مزيداً من الشرخ السياسي في الداخل اللبناني، وسيفرض واقعاً اجتماعياً سيئاً على العلاقات بين اللبنانيين والسوريين، لن يكون من السهل حلّها.

ولأن الحزب التقدمي الاشتراكي معني بالحقوق الانسانية للاجئين، كان لا بد من اقتحام هذا الملف المصنف في خانة الممنوعات او المحرمات لبنانياً ووضعها على مشرحة الاختصاصيين، للبحث في مختلف جوانبها، خلال مؤتمره حول النازحين، ولا بد لهذه اللقاءات ان تتكثف سعياً وراء حلّ موضوعي لمشكلة اللاجئين بدون استخدامها في التجاذبات السياسية اللبنانية.