Advertise here

لبنان بين الدول الستة الأكثر سوءاً للحد الأدنى للأجور.. الطبقة الوسطى تتقلص إلى 8%

17 آذار 2021 13:03:00 - آخر تحديث: 17 آذار 2021 13:07:47

ما من سقفٍ لسعر صرف الدولار، فهو بات يقفز من حدٍ إلى آخر، كاسراً أرقاماً قياسية في فترات قصيرة لا تتعدى الساعات. وإذا ما سألتَ أحدهم، كم هو سعر الصرف، أو كم يبلغ راتبك مع ارتفاع سعر الدولار؟ بات يجيبك بطريقة ساخرة، "تقصد قبل السؤال أو بعده؟" نظراً للتغيُّر السريع لسعر الصرف.

قبل الأزمة الاقتصادية الحادة، كان الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، دون بدل نقل، يعني 450 دولار. أمّا اليوم، ومع وصول الدولار إلى حد الـ13,000 ليرة، فقد أصبح يساوي 51 دولاراً، والرقم مرشّحٌ للإنخفاض أكثر، مع احتمال ارتفاع سعر الصرف أكثر في الأيام المقبلة.

بات لبنان ضمن الدول الستة الأكثر سوءاً عالمياً لجهة الحد الأدنى للرواتب، متقدماً على غامبيا، واليمن، ومالاوي، وأثيوبيا، وإرتيريا والسودان، في حين كان يتفوّق على تركيا وإيران وغيرهما. فماذا يعني هذا التراجع في قيمة الحد الأدنى للأجور، وكيف ستتأثر حياة المواطنين؟

إن لبنان بلدٌ يعتمد على الاستيراد، إذ ليس فيه من إنتاج كافٍ لتغطية حاجيات مختلف المواطنين. حتى الأساسيات التي يحتاجها المواطن يومياً، كالطعام والدواء، معظمها مستوردة. وبالتالي، لا يمكن احتساب راتب اللبناني بالليرة، بل يجب مقاربته بالدولار. ولا يمكن مقارنة لبنان بالصين مثلاً، التي يبلغ الحد الأدنى للأجور فيها 162 دولاراً، بحكم أن الصين دولةٌ منتجة تتمتع باكتفاءٍ ذاتي على أكثر من صعيد، كما أنها كانت قد أنشأت شبكةَ أمانٍ اجتماعية تحمي مواطنيها من أي نكسة اقتصادية، وتؤمّن لهم الأولويات.

في هذا السياق، الطبقة الوسطى (في لبنان) تراجعت أيضاً بنسبة كبيرة، وحسب المعلومات فقد باتت تشكّل 8% فقط من الشعب اللبناني، في حين أن نسبة الفقراء ارتفعت أكثر من 55%، وباتت تناهز الـ60%. إذ أنّ الرقم الأول تمّ إعلانه من قِبل "الإسكوا" في آب من العام الماضي، حينما كان سعر الصرف أقل من اليوم بكثير. هذه الأرقام ستنعكس مباشرةً على نمط حياة اللبنانيين والذي سيختلف بشكلٍ كبير، فالحقبة السابقة صارت من الماضي، والمشاوير، والسهرات، والسياحة الداخلية، أصبحت في طي النسيان. أما التركيز سينصب اليوم على تأمين الأساسيات فقط، والحد الأدنى من المعيشة.

في هذه الحالات، تلجأ الدولة إلى تصحيحٍ للأجور، ليجاري الراتب سعر الصرف. إلّا أن العملية لا يمكن أن تتم دون أن تُقترن باستقدام دولارات إلى السوق اللبناني لتغطية الزيادة، كما وإجراء الإصلاحات اللازمة، وإلّا فالزيادة لا تعني إلّا تضخماً وارتفاعاً إضافياً في سعر صرف الدولار بالسوق.  وما سلسلة الرتب والرواتب التي تم إقرارها قبل أعوام إلّا خير مثالٍ عن زيادةٍ دون تغطية بالعملة الصعبة، وهو ما ساهم في ارتفاع نسبة التضخم.

في هذا الإطار، يُفترض، وفق سياسة اقتصادية حكيمة، أن تلجأ الدولة إلى تأمين مصادر دولار قبل أن تبدأ عملية تصحيح الأجور. والتوجه نحو صندوق النقد، والبدء بالإصلاحات هو الحل الأقرب بالنسبة للبنان. إلّا أن هذه العملية تحتاج إلى سنتين أو ثلاثة لإطلاق عملية الإصلاح في كل القطاعات، بالتوازي والإلتزام بالبرنامج المتفق عليه مع الصندوق من أجل ضخ الدولار في الأسواق اللبنانية.