Advertise here

مملكة العظماء: أسطورةٌ أم حقيقة

17 آذار 2021 11:22:00 - آخر تحديث: 17 آذار 2021 11:30:54

الزمان : 16 آذار
المكان : دنيا الخلود

 
تقول الأسطورة إن خالقَ الكون ومدبرَه شاء أن يكرّمَ الكبارَ من بني البشر، فصنع لهم في عالم المجد والخلد مملكةً لا تدخلها إلا أرواح العظماء.
 
أرادها مملكةً دون مَلك، وكلّف ملاكاً حارساً كي يديرَ شؤونَها ويرعى أحوالَ أهلها.
 
وفي السادس عشر من آذار عام 1977 دخلت، إلى ديار اللطيف تلك، روحٌ نقية طاهرة، آتية من وطنٍ صغيرٍ معذب، حاملة الكثيرَ من آلام وآمال شعبه.
 
تعرف عليها كلُّ المتربعين على عروش المجد في مملكة العظمة، وتسابقوا لإلقاء التحية على القادم الجديد، وتبادلِ المعارف والسؤالِ عن أحوال الدنيا والناس.
 
وهل أجدر من كمال جنبلاط بالتنقيب عما فاتهم بعد الغياب؟
 
عن الغوص في بحر التقدم والعلوم، والتحليق في فضاء الفكر والتطور؛
 
عن سبر أغوار الحكمة والفلسفات، والكشف عن أسرار العرفان والديانات؛
 
عن التمتّع بدرر الشعر والآداب، واستخراج كنوز البشرية من صناديق العلم والاختبار.
 
سمعَت أرواح العظماء، بإصغاءٍ وشغف، ما كان يسبكه المعلم بهدوءٍ وصدقٍ وحب.
 
كانوا كلّما تحدث عن أمرٍ من اختصاص فئةٍ منهم يعتقدون أنه سيكون معهم، في جناح تلك الفئة، ويمنّون النفسَ لو استطاعوا  الفوزَ  برفقة الضيف المصطفى.
 
جال كمال جنبلاط بنظره الثاقب في أرجاء المملكة، فرأى قصوراً وصروحاً، لم تُبنَ جدرانُها وسقوفُها من الحجارة، وكأنها تلائم تماماً ما كان يريد. كان هيكلُها من المحبة، أعمدتُها من الطمأنينة وجدرانُها من السلام، وكان سقفُها يعانق الفضاءَ الرحب اللامتناهي.
 
تطلّع إلى الأرواح المشرئبّة إليه، وبدأ رحلتَه مع الزمن الغابر والحديث، ليتعرفَ على شهودٍ كان قد عرفهم في مشوار حياته...
 
هنا كوكبةٌ من الفلاسفةِ والحكماءِ الكبار، أمثال كونفوشيوس وطاو وسقراط وهيراقليطس وبيتاغور وأفلاطون وأرسطو والفارابي وإبن سينا وإبن رشد وهيغل وماركس وإنجلس وبرغسون وكانت ودوستيفسكي وهاكسلي وسان سيمون وألكسيس كاريل وشاردان وغيرهم...
 
وهناك ثلةٌ من العلماءِ العمالقة، أمثال ابيقور وإبن الهيثم والخوارزمي وإبن خلدون وغاليليو وكوبرنك ونيوتن وأنشتاين وماندليف وسواهم ...
 
وهنالك مجموعةٌ من أربابِ الأدبِ والشعر، أمثال هوميروس وشكسبير والمتنبي وأبو تمّام وأبو العلاء وبوشكين وغوركي وروسو وجبران ونعيمي وآخرون كثر...
 
وفي الناحية تلك قادةٌ من التاريخِ القديمِ والحديث، من الإسكندر المقدوني إلى صلاح الدين ونابليون وبطرس الأكبر ولينين ونهرو وغيفارا وعبد الناصر ومن مثلهم ...
 
وفي المكان ذلك صفوةٌ من المتبحرين في التصوف والتأمل، أمثال غاندي والحلاج والبسطامي وأخوان الصفا وشري اتمانندا ورمانا مهاريشي وشري شنكارا اشاريا وأنندا موما وأقرانهم ...
 
جالت عيناهُ طويلاً وكأنه يبحثُ عن شيءٍ أو أحدٍ لم يجدْه، فسألَه الملاكُ الحارس عما يفتش، فقال: أبحثُ عن مكانٍ ترتاح فيه أرواحُ الفقراءِ الشرفاءِ والمساكين الكادحين والمناضلين الحقيقيين، لأطمئنَّ أن لهم بين العظماءِ مكاناً ومكانة.
 
فإذا بالخالقِ يسمعُ الصلاةَ ويستجيب، فتنبلج من فسيح السماء قطعةُ رحمةٍ ونور، وتتحول هيكلاً  لمن أرادهم وحمل همومهم  "با يزيد".
 
وفجأة يقفُ الحارس قائلاً: هاكَ ما أردت، وهاك مملكتنا كلها مكاناً لك، فكنْ حيث شئتَ ومع من رغبت، لأنك ما أردتَ أن تصنّفَ على فئة، وأنت الجديرُ بكل تلك الفئات، واكتفيت بأن تكون إنساناً، فطوبى للإنسان فيك وطوبى لك بفكرك.
 
هذا ما تقولُه الأسطورة، رغم أنها أقربُ إلى الحقيقة.
 
فهل هي أسطورةٌ أم حقيقة؟ 

الله أعلم!