Advertise here

قصة كمال جنبلاط مع بولس سلامة... وطلال حيدر: واقف مثل آمون

16 آذار 2021 16:04:19

لم يكن كمال جنبلاط مجرّد رجلٍ سياسيٍ إنّما أبحر في العلوم، والفكر، والأدب، حتى بات فيلسوفاً رؤيوياً متفرّداً بعلمه ومعرفته وروحانيته. وكثيرةٌ هي المحطات التي جمعته بأدباء ومفكرين وصوفيين كان يفضّل لو ترك السياسة، وعاش في مجالسهم.

المحامي رشاد سلامة روى لجريدة "الأنباء" الإلكترونية عن علاقة والده الشاعر بولس سلامة بالمعلّم كمال جنبلاط، متحدثاً عن والده الذي كان يعاني من آلامه الأيوبية، حتى لُقّب بأيوب القرن العشرين، وكان بصدد تأليف كتاب عن الفلسفة الهندوسية بعنوان، "الصراع في الوجود"، ويتحدث فيه عن عدة فلسفات قديمةٍ ومعاصرةٍ، وشرقيةٍ وغربية، ولم يكن لديه المراجع المطلوبة. وكان يعلم أنّه لدى كمال جنبلاط مكتبة مهمة، وكان بحاجة للاطّلاع على بعض الكتب المتعلقة بهذا الموضوع. لكن المعروف عن جنبلاط أنّه كان يرفض إعارة الكتب لأحد، فلجأ بولس سلامة إلى صديقه النائب كامل العبداللّه، وكان على علاقة وطيدة بجنبلاط، فأخبره بما يريد، فذهب العبداللّه إلى جنبلاط، وقصّ عليه حكاية بولس سلامة ووضعه الصحي، فوافق المعلم على الفور شرط أن يطالع كتاباً ثم يعيده إليه ليرسل له الكتاب الآخر.

وخلال مطالعة سلامة لتلك الكتب، اكتشف كم كان جنبلاط دقيقاً في مطالعاته لتلك الكتب، لأنه كان يكتب بخط يده على الهوامش ما يراه من ملاحظات، وكان يرى فيها بعض التناقض بين الحين والآخر في مضمون التعليق.

وقال المحامي سلامة: "لقد كان بولس سلامة معجباً جداً بمستوى كمال جنبلاط العلمي الراقي، ولفرط إعجابه به قال يوماً: في لبنان رجالات سياسة كثُر، لكن ليس لديهم ثقافات بالمستوى الفكري لكمال جنبلاط، بثقافته الغنيّة والإبداعية".

الشاعر طلال حيدر تحدّث لجريدة "الأنباء" في ذكرى استشهاد كمال جنبلاط، وتوجّه اليه بأبيات شعر قال فيها: 

واقف من آمون 
وجوّ الشمس 
وعم يتهدّم البنيان
يا ريت ما خسروا العرب 
ولا كان شهر من السنة حزيران
شو بتعمل الريشة 
إذا عبّوا الدواية والحبر بردان 
ضروب يا معول بقلب الأرض
بلكي بيطلع الطوفان
شو قولك؟
بتوصل سفينة نوح عا لبنان؟

رئيس تحرير جريدة "الأنباء" السابق، عزت صافي، تحدّث عن قصة معرفته بكمال جنبلاط التي تعود إلى بداية تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي حين كان يعمل في جريدة النداء التابعة للحزب القومي العربي باشراف كاظم الصلح ونصري المعلوف.

وكانت قد وصلت دعوة إلى الجريدة للحضور إلى منزل جنبلاط للإعلان عن تأسيس الحزب، مستذكراً حضوره إلى المؤتمر الصحافي في منزل جنبلاط في فرن الحطب، ولم يكن حاضراً من الصحافة غير جريدتَي النهار والنداء. وعندما انتهى (جنبلاط) من تلاوة الإعلان عن تأسيس الحزب، قام صافي بتعبئة طلب الانتساب إلى الحزب، ومن بعدها بدأ يتردّد إلى منزل جنبلاط ليعرف مصير طلب الانتساب ليؤدي لاحقاً قسم اليمين في أحد الأقبية السفلية في قصر المختارة.

يستذكر صافي كمال جنبلاط بحسرة قائلا: "لو بقي جنبلاط حيّاً لما وصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم".