Advertise here

حرب سوريا متى تحسمها موسكو؟

19 آذار 2019 06:10:00 - آخر تحديث: 19 آذار 2019 10:05:12

عاد "الربيع العربي" في سنته التاسعة ليسأل قادة ثورته الأوائل في سورية: أين هم، وكيف، وعلى ماذا اختلفوا، وتوزعوا، ومن منهم ما يزال ملتزماً القسم الذي أداه أمام الضمير الوطني والقومي.

فهذا "الربيع" قد طال، وتجاوز الفصول والمواعيد تكراراً، وما تزال نسخ المواثيق والمعاهدات، بما عليها من تواقيع محفوظة في ذاكرة الشعب السوري الذي توزع بالملايين على أقطار الدنيا، شرقاً، وغرباً، وقد توالدت مئات الالوف من السوريين في الشتات، ولن تمضي سنوات قليلة حتى تكون قد إندمجت في عالم اللغات والعادات، والجنسيات، والأنظمة، والدساتير، والقوانين، فيكتشف الاهل المغلوبون على أمرهم أنهم أصبحوا آباء وامهات وأجداداً لأجيال لا يعرفونها، وقد لا تعترف بهم.

في التاريخ جملة منسوبة إلى لينين: "الثورة هي قاطرة التاريخ"... وبالتأكيد كان لينين يقصد "الامبراطورية البولشفية" التي قامت في العام 1917، وهي الثورة التي استولت على قطار امبراطورية القياصرة الروس، ثم انطلقت بها في الاتجاه المعاكس، وراحت تطبق شرائع أمراطوريتها البديلة بسواعد الأجيال الشابة في الزراعة، والصناعة، والانتاج الحربي، والمدني، ولم يطل الزمن لتتحول الثورة الى العلوم.

حدث ذلك خلال سنوات قليلة، ولم يكن في حساب لينين ان الامبراطورية البولشفية سوف تهرم على غرار قادتها في الكرملين، وهي قد عاشت ثلاثة وسبعين عاماً وصلت خلالها الى جميع دول العالم، خصوصاً دول الصناعة والزراعة، وسوف تتوقف لتراجع حساباتها مع وصول زعيم جديد للكرملين من طراز لا مثيل له سابقاً، كان ذلك الزعيم ميخائيل غورباتشوف الذي حاول أن يبدأ بتطعيم "الكرملين" بلقاح الديموقراطية، فكان له بالمرصاد عدو آخر من مجتمع اليمين الانتهازي الذي كان متنكراً بقناع إصلاحي. وكان بوريس يلتسن الذي قفز على دبابة كان يقودها غورباتشوف فانزله منها، ودخل بها الى الكرملين، ولن تستقر الاوضاع في الاتحاد الروسي إلا بوصول رئيس من جهاز استراتيجية الصمت، والاستماع، والتحليل، ثم إتخاذ القرار الحاسم. وكان ذلك الرئيس فلاديمير بوتن الذي يمسك منذ نحو عشر سنوات بقرار سورية.

هي السنة العاشرة من حروب سورية التي تنتقل من مرحلة الى مرحلة، ونظامها مغلق، أو مربوط، بمؤخرة آلية عسكرية أجنبية، وقد تناوبت دول الغرب، والشرق، على اجراء المناورات الحربية على الاراضي السورية تحت راية مزورة، او مموهة بشعارات أممية والنتيجة: محنة سورية باقية ومستمرة ما بقي نظامها العسكري المستأجر صالحاً للاستعمال.

روسيا تدرك هذا الواقع، وهي منذ عهد ستالين كانت الى جانب سورية، شعباً، وجيشاً، وهي لم تخن الشعب السوري، ولم تخن جيشه، ولم تبخل عليه بأي نوع من أنواع أسلحة الجو، والبر، والبحر، وبفضل تلك الاسلحة انتصرت سورية مع مصر على اسرائيل في حرب تشرين 1973، ثم ان روسيا هي التي كانت قد تكبدت خسائر مصر وسورية في حرب 1967، وقد نالها من تلك الهزيمة اذى معنوي كبير، ومع ذلك تحملت وأكملت علاقتها وصداقتها مع العرب.

لذلك، فهذا التاريخ، بل هذا الميثاق السياسي، العسكري، الذي يرقى الى مستوى "الميثاق الاخلاقي" بين روسيا ومعظم الدول العربية، وخصوصاً سورية يلزم موسكو باعادة النظر في موقفها من ثورة الشعب السوري.