Advertise here

كمال جنبلاط...شعلة نضالية لم تنطفئ باستشهاده

15 آذار 2021 20:42:00 - آخر تحديث: 15 آذار 2021 21:02:08

مع كل إشراقة أملٍ، وفي كل مرحلةٍ مفصلية، ‎لا يسعنا إلاّ أن نعود إليك يا معلّمي، ونستذكر محطات تاريخية نضالية كبيرة لم تنتهِ في يوم استشهادك. محطات سطّرْتها بقلمك، وفكرك، ونهجك، وأحلامك، منذ دخولك اليوم الأول لمعترك السياسة اللبنانية.

 من البداية وحتى النهاية، كانت أولى اهتماماتك بناءَ الإنسان الحرّ، الواعي، وصاحب الأخلاق الحميدة، والبعيد عن نزعات أنانيّته، وشهواته، ووحشيّته. فكانت المحطة الأولى تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب الإنسان والإنسانية. وكانت صولاتك وجولاتك للتبشير بفكرك التقدمي الإنساني، حيث توالت المحطات والمواجهات لبناء ذلك الوطن الحرّ بأبنائه، والشعب السعيد بتآخيه مع بعضه البعض.

‏‎ولطالما كنتَ الرجل الذي لا يهاب، ولا يتراجع عن أي مواجهةٍ، أو أي إعادة قراءةٍ لظرفٍ وموقف معيّن، فكانت الثورة البيضاء عام 1952 لإنهاء الفساد، ومحاولة بناء دولة المؤسّسات. ثمّ جاءت من بعدها، الانتفاضة على الحليف الأسبق بعد تنصّله من الوعود "السياسية والإصلاحية" في ثورة 1958؛ وكان النصر حليفك في الثورتين، فكنتَ أنتَ صانع الرؤساء!

‏‎لاحقاً، انطلقتَ بتحقيق القليل من الأحلام في عهد اللواء فؤاد شهاب لبناء دولة المؤسّسات، من الحفاظ على الحريّات، إلى الضمان الاجتماعي، والتعليم، وغيرها الكثير. 

‏‎أنتَ الذي كنتَ زعيم التقدميين، ونصير ورفيق الشعوب المظلومة المناضلة. كنت الرافع الأوّل للقضية الفلسطينية التي لم تساوم يوماً عليها، والمدافع الأشرس والأبرز عنها، وإلى جانبها في النضال، من أجل استرجاع الأرض المسلوبة بالقوة.

‏‎ولم ترضَ يوماً بأنصاف الحلول إلّا لخلاص الإنسان من وحشيّته، ولإعادة الجماهير إلى صوابها.
‏‎وقبل محطتك الأخيرة انطلقتَ دون هوادة نحو بناء الدولة التقدمية، العلمانية، الإنسانية، المستقلة ، والإنسان الحر الواعي العروبي نصير الشعوب المظلومة، والحركات التحريرية والقضية الفلسطينية التي هي الهوية والوصيّة. فكان استشهادك في سبيل تلك الدولة، وذلك الإنسان، رافضاً دخول "السجن الكبير" مهما كانت مكاسبه الشخصية كبيرة.

‏‎مسيرةٌ لا يمكن الحديث والكتابة عنها، لا بصفحاتٍ ولا بكتبٍ. مسيرةٌ تعمّدتْ بدمك الطاهر، وبدماء الكثير من الرفاق الذين كنتَ لهم المعلّم والرفيق والإنسان. مسيرةٌ رسّخت فينا النضال، والدفاع، والحفاظ على لبنان وكيانه بالأمس واليوم، وفي المستقبل. 
‏‎فجميع من وقفَ بوجه أفكارك وطموحاتك، وهاجمك في الماضي والحاضر والمستقبل، ومهما كبُرت عروشهم وقصورهم ورئاساتهم وكراسيهم، فهي  زائلة وهم أنفسهم زائلون. أمّا أنتَ يا معلمي...

‏‎فمهما تمّر السنين 
‏‎ستبقى أنت الحاضر أبداً ودائماً.
‏‎ ستبقى ذكراك خالدة للأبد 
‏‎ستبقى مبادؤك ينهل منها الوطنيون
‏‎ سيبقى فكرك نوراً لدروبنا
‏‎سيبقى نهجك خلاصنا
‏‎سيبقى إرثك أمانةً في أعناقنا 
‏‎وستبقى فينا وتنتصر.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".