كانت السنوات الماضية عصيبة جداً على الدفاع المدني في لبنان. عانى عناصره الكثير وتحمّلوا، ومتى احتاجهم البلد كانوا في طليعة مَن قام بالواجب لحماية لبنان وشعبه، رغم حقوقهم الضائعة، تارةً بالوعود الكاذبة وتارة بالتقصير الرسمي بحقهم.
وفي اليوم العالمي للدفاع المدني لا بد من وقفةٍ إلى جانب متطوعي الدفاع المدني في لبنان، وتوجيه تحية لهم على كل ما قدّموه، لا سيّما بعد انفجار مرفأ بيروت وسقوط شهداء في صفوفهم.
فللدفاع المدني حاجات كثيرة، ومطالب تستحق أن تكون دائماً على رأس الأولويات على المستويَين المادي والمعنوي، وعنها يتحدث مدير عام الدفاع المدني، ريمون خطار، لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لافتاً إلى أن، "احتياجات عناصر الدفاع المدني متعددة، ويمكن حصرها في الملفات الأربعة الآتية:
بدايةً، ملف تصليح الآليات. إضافةً إلى ما نعانيه من نقصٍ حادٍ في عدد الآليات، فإن أحدث آلية لدينا يعود تاريخ صنعها إلى أكثر من 20 سنة. ومع صعود أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية برزت مشكلة أساسية هي عدم قدرتنا على تصليح الآليات، إذ أن صلاحية المدير العام لصرف المال من موازنة المديرية العامة تبلغ 3 ملايين ليرة لبنانية، والتي لم تعد تفي بالغرض للقيام بأية تصليحات بسيطة، تبعاً لسعر الصرف الحالي. أضف إلى ذلك أن موازنة 2021 خُفِّضت بنسبة 30%".
وأضاف، "ثانياً، نعاني من مشكلة نقص المحروقات. إذ، وبعد تعذّر الوصول إلى حل نتيجة مشاركة عارضٍ واحدٍ في المناقصة الخاصة بالمحروقات، وقرار عدم السير بعقود بالتراضي وفقاً للقوانين المرعية الإجراء، لجأنا إلى الاستعانة بقيادة الجيش التي زوّدتنا بهذه المادة حتى 30-10-2020. ولكن إزاء عدم وجود قانون يجيز لنا تسديد المستحقات المالية للجيش، لم يعد بإمكاننا الاستمرار بتأمين المحروقات بهذه الطريقة، فأعددنا مشروع قانون في هذا الخصوص وهو بعهدة مقام مجلس الوزراء حالياً".
وتابع، "ثالثاً، أضيفت مؤخراً مشكلة انتهاء العقد مع شركة التأمين لتغطية كلفة الطبابة للمتطوعين إذا ما تعرّضوا لأي إصابة خلال تنفيذ المهمات، وتغطية تكاليف حوادث السير المتعلقة بالآليات. ولكن وللسبب عينه والمرتبط بتعطّل مناقصة المحروقات، لم يتقدّم إلّا عارض واحد أيضاً لمناقصة التأمين، ولذا لم نتمكّن من إيجاد الحل في انتظار المناقصة اللّاحقة التي حُدّد موعدها في 23 آذار".
وأردف، "أمّا الملف الرابع والأساسي، فهو تثبيت المتطوعين. وهذا ما عملتُ عليه طويلاً منذ أن تبوأت منصب مدير عام الدفاع المدني ولغاية اليوم. فقد أعددنا القانون 289/2014. وكان بالإمكان إنجاز هذا الملف، إلّا أنه لم يتم رصد الأموال اللازمة لتغطية كلفة التثبيت حتى الآن".
ورغم هذه المشاكل الكبيرة التي تواجه عمل فرق الدفاع المدني، فإنها لا تزال تواصل القيام بمهامها. وهنا يقول خطار: "إنّ فِرق الدفاع المدني تواصل العمل رغم الصعوبات استناداً إلى إيمان العناصر برسالة الدفاع المدني التي تقوم على التضحية اللّا- متناهية في سبيل إنقاذ الأرواح والممتلكات.
كما كان لافتاً مؤخراً المبادرات التي قامت بها البلديات وعدد من الفعاليات والأفراد في المناطق لدعم المراكز وتمكين عناصر الدفاع المدني من الاستمرار بتلبية نداءات المواطنين، وتنفيذ المهام الموكلة إليهم."
ومع تفاقم وباء كورونا كان للدفاع المدني دوره أيضاً في صفوف الدفاع الأمامية، ونقل المرضى. وأوضح خطار أنّ، "عناصر الدفاع المدني يملكون العتاد الخاص بوباء كورونا نتيجة الهبات التي تسلمتها المديرية العامة للدفاع المدني من جهات محلية وأجنبية. وثمة تنسيقاً تاماً بين الدفاع المدني والصليب الأحمر الذي أوكلت إليه مهمات نقل مرضى الكورونا حيث وضعت آلية محددة من قبل لجنة كورونا لدى رئاسة الحكومة لتنفيذ هذه المهام".
وعما يطلبه الدفاع المدني اليوم من الدولة اللبنانية، قال خطار: "نتيجة الصعوبات التي تعترض سير الملفات الإدارية في المديرية العامة للدفاع المدني قمت بالتواصل مع المدعي العام المالي لدى ديوان المحاسبة، الرئيس فوزي خميس، الذي أصدر قراراً لوضع ضوابط لتحسين العمل وإيجاد الحلول، وسيتم عرضه على معالي وزير الداخلية والبلديات للوصول إلى الصيغة النهائية، على أمل أن تذلّل كافة الصعوبات".
وعلى أمل أن لا يتذكّر المسؤولون الدفاع المدني يوماً واحداً فقط في السنة، وأن تُعطى مطالبهم الاهتمام اللّازم، وضمن خطة وطنية لإدارة الكوارث، ولا سيّما مطلب تثبيت متطوعي الدفاع المدني، لأنهم يستحقون أن تُحفظ لهم ولعائلاتهم الحياة الكريمة والآمنة عندما يرمون بأنفسهم في الخطر.