Advertise here

ويبقى الإرث الطيب... الشيخ قاسم حديفة في جنة الرحمن

24 شباط 2021 19:02:00 - آخر تحديث: 24 شباط 2021 19:19:06

في غمرة الحجر تتثاقل الآلام وتزداد مشاعر الحزن والتحسر على أحبة محياهم يبشر بالخير ووجوههم تنبئ بالفرح وألفاظهم على درجة من التهذيب الربّاني تجعلهم في الكثير من الأحيان بشائر إلفةٍ وصفاء مدخلاً للصدق مع الذات مع الآخر، مع الخالق الكريم. هؤلاء الأحبة يتقاطرون إلى الحساب مع باريهم، فللجميع رضى الله ورحمته.

ودعت حاصبيا وأزهرها الشريف وجيرانها في بلدات وقرى ومجالس وادي التيم وخلوات الطاعة والإيمان الطيب في الجبل والجولان والجليل والكفر والسويداء المحدث الخلوق العارف للألغاز والخفايا، الدال على الأحسن والحسن من مزايا الطاعة والعبادة وما يلزمهما من وعي وإدراك. إنّه الشيخ الجليل أبوعلم الدين قاسم حديفة.

كان المرحوم واحداً من ثالوثٍ روحي مؤمن فائق المعرفة عطر الحديث، ممسك بأعراف التوحيد، إنّهم المرحومون المشايخ أبوحسن سليمان قريشة وأبوسليمان محمود صيموعة وشيخنا فقيد هذه الأيام.

حملوا إلى حاصبيا وخلوتهم العربية في البياضة المنورة محبة الأخوان وصدق الإيمان وتاريخ الأمجاد، فما بارحوها بعد تتلمذهم على عبّادها وناسكيها وكانوا الأقرب جهداً وعملاً ومواكبةً إلى أركانها المرحومين المشايخ الكبار أبوفندي جمال الدين شجاع وأبوعلي مهنا حسان وأبوحسين إبراهيم أبوحمدان وأبوحسن علم الدين ذياب وغيرهم من العارفين الكبار في علم الطاعة والعبادة، حاملين عبء التوحيد وعلمه عجيناً شريفاً على أكتافهم وأكتاف مجايليهم الثقاة مقدّمين صدق الرعاية والنصح والإرشاد والعلم لطلابهم ومريديهم.

عرفته في محنة جبل لبنان في الثمانينات وكانت همته مباركة في جمع القلوب وجمع الآراء فكان الإنتصار على وردع الخصوم وتثبيت الهوية، وكم كان رائعاً في منزله يوم استرداد مقام الأمير السيد عبدالله التنوخي في عبيه في شباط 1984 من أيدي غاصبيه، فبهذا النصر وردع الإعتداء عن الأضرحة والمقدسات والأرض كان له باع طويل.

آمن بالتربية التوحيدية ينبوعاً للمعرفة ومسلكاً للحياة فشارك في تجربتين: الأولى هي مدارس الإرشاد أما الثانية فكانت في مؤسسة العرفان التوحيدية، الرحمة لأعلامها المؤسسين الأفاضل ولمديرها المرحوم الشيخ علي زين الدين وأبقاها منارةً للتوحيد والخلق الكريم.

في وداعك أيها الشيخ الكريم اصطفّ مع أبنائك وأحفادك وأقربائك آل حديفة الكرام العشرات، إن لم يكن المئات، من الأحبة والعارفين ممّن شاركوك همومك وجهدك في العلم والمسلك لتبقى شعلةَ التوحيد في ذروةِ إشعاعها وضرائح الأجداد في رمزية التاريخ شاهداً على العروبة والشهامة والتوحيد، الرحمة لروحك والبقاء للأحبة والأحلام والآمال والأعلام والإرث الطيب. رحمك الله.