Advertise here

تجارب مسنّين مع اللقاح: "ما في أي عوارض تُذكر"

24 شباط 2021 08:08:35

مرّ الاسبوع الاول على بدء عملية التلقيح الوطني ضدّ فيروس "كورونا"، العيون كلها باتجاه ردّات الفعل على أجسام من تلقّوه، لا سيّما المسنّين منهم، هل يوجد مضاعفات تذكر، كيف يروون تجربتهم؟ خوفهم، دوافعهم لأخذه؟ مما لا شكّ فيه أنّ الخوف من "كورونا" هو ما دفع بالكبار لتلقّي جرعات اللقاح، ورغبتهم في عودة حياتهم الى مسارها، والبعض يريد أن يحصّن نفسه، أما البعض الآخر فيريد الزواج، ولو من باب النكتة التي تضفي قيمة مضافة على كبار السنّ.

داخل منزله العتيق في بلدة حبوش الجنوبية يجلس العمّ محمد رعد، ابن الخامسة والتسعين، يتابع أحداث العالم عبر جهاز التلفاز، لم ينقطع يوماً عن متابعة مجريات الساحة الداخلية، فهو مطّلع جيداً على تفاصيل السياسة وخباياها. كان العمّ محمد من الاوائل الذين تلقّوا الجرعة الاولى للقاح، وما دفعه هو الخوف من أن يداهمه "كوفيد 19". يؤكّد رعد أنه لم يخف من اللقاح، ولم يصغِ لكلّ المشكّكين به، ما يهمّه هو الامان والصحّة، وما يسعى اليه اكتساب مناعة تقيه خطر "كورونا". وِفق قوله "كورونا" يخيف أكثر من اللقاح، وحسب تعبيره "الأجدى تلقّي اللقاح على الندب من خوف الإصابة". لم يسجّل أي عوارض جانبية، "شوية وجع مكان الابرة" يقول وما عدا ذلك "أمارس حياتي كالمعتاد، لا بل بت اكثر ثقة ما رح يضربني "كورونا". يؤكّد أنه سارع لتلقّي الجرعة الاولى من اللقاح كي يعاود لقاء أصدقائه. يريد الخروج من المنزل، رؤية الناس، إشتاق لصخب الحياة، لم يشهد تاريخه الطويل نظيراً لهذا الحجر، حتّى في عزّ الحرب العالمية الثانية والحروب المتعاقبة، لم تجبرهم الظروف على الحجر والهرب من الاصابة كما يحصل اليوم. لم تتفرّق العائلات ويتشتّت شكلها كما الآن، "إشتقت لجمعة العائلة" يقول، ويضيف "تعبنا، يا ريت الناس تتحمّل مسؤوليتها لنتخلّص من "كورونا".

لم يتردّد الاستاذ حسن كركي في أخذ اللقاح، لم يخف من عوارضه الجانبية وردّات فعله المفاجئة، "كأنّو ما أخذت لقاح"، قالها بثقة، مردّداً "كثر قالوا انه يحدث صدمة في الجسد، يشلّ الكتف، يسبّب أوجاعاً وعوارض خطيرة، ولكن في الحقيقة ما في شي". الثمانيني الذي تلقّى اللقاح ليقضي على الخوف من اصابته بـ"كورونا" اعتاد على اللقاحات، مرّت عليه لقاحات عديدة كالجدري، الحمى الاسبانية، الجرب وغيرها، وكانوا دوماً يتلقّون اللقاحات كمضاد لأوبئة، ولم يكن هناك من يطعن بجدّيته خلافاً لهذه الايام، حيث تشنّ حملات كبرى ضدّه. يؤكّد كركي انه لم يشعر بأي عارض، يمارس حياته كالمعتاد منغمساً بين الاوراق والكتب، فهي صديقته الأنيسة في زمن الحجِر، إعتاد الكتابة والمطالعة، وعلى حدّ قوله "تهذيب الفكر لا يقلّ أهمية عن تهذيب الجسد وحمايته"، ومن وجهة نظره "الثقة التي حازها تفوق خوفه"، وما دفعه لتلقّي اللقاح شوقه للملمة العائلة وحرصه على زوجته المريضة، إذ يخشى أن يصيبها الوباء فيخسرها.

للأسبوع الثاني على التوالي، تتواصل عمليات التلقيح داخل مستشفى نبيه بري الجامعي، واللافت تزايد أعداد المسنّين المتحمّسين للقاح، إذ يتوافدون على مراكز البلديات لتسجيل اسمائهم ليحظوا باللقاح، وعلى حسب قولهم "إشتقنا للحياة". لم ينتظر المسنّون نتائج لقاح "كورونا"، وما اهتمّوا للاقاويل المشكّكة به، سارعوا لتلقيح أنفسهم درءاً لخطره المميت. كانوا أكثر شجاعة من غيرهم، واكثر ثقة بلقاح "فايزر" لأنه يحصّنهم ويمدّهم بجرعة مناعة لمحاربة الوباء. لم يلتفت هؤلاء الكبار لاقاويل الصغار، كان همّهم الاساس تأمين حياتهم من أعراض "كورونا"، سيّما وأنّهم اكثر عرضة للوفاة نتيجة المضاعفات الشرسة التي تصيب المصابين هذه الايام، من سعال حادّ يتحوّل إلتهاباً في الرئة يستدعي دخول المستشفى، إذ سجّلت منطقة النبطية عدداً لا بأس به من وفيات "كورونا" في صفوف الكبار، وربما هذا ما دبّ الذعر في صفوفهم ودفعهم للتلقيح، فمضاعفات اللقاح اسهل من مضاعفات "كورونا" على حدّ قولهم.