شهر ونصف الشهر مرّا على إعلان لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي إضرابهم المفتوح، في سعيهم للضغط من أجل تحقيق مطالبهم باحتساب كامل الساعات الموقّعة ضمن العقود مع وزارة التربية، وذلك بعد أن تقلّصت ساعات التعليم الفعلي والحضوري بسبب تمديد فترة التعليم "عن بُعد" في المدارس والثانويات الرسمية إثر الإقفال التام.
وزير التربية، من جهته، أكّد حرصه على إنجاز العام الدراسي بكل الوسائل المتاحة، ومتابعة الاجتماعات لتقييم المرحلة صحياً وتربوياً بما يسمح بالعودة الآمنة إلى التعليم المدمج عندما تصبح الظروف الصحية ملائمة لذلك، على أن يتم إنجاز العام الدراسي بحسب المناهج المقرّرة، وبالتالي تكثيف ساعات التدريس بعد انقضاء فترة الإقفال القسري، سواءً أكان التعليم مدمجاً أم عن بُعد، وبما يضمن إنهاء العام الدراسي كما يجب، واستكمال المناهج المقرّرة بحسب برامج الملاك والتعاقد في كل مدرسة وثانوية، وفقاً للنصاب المنفّذ لساعات التعاقد الكاملة لأفراد الهيئة التعليمية.
وتلبيةً لمطالب الأساتذة المتعاقدين كان لرئيس كتلة اللقاء الديمقراطي، النائب تيمور جنبلاط، مبادرةً عبر النائب هادي أبو الحسن الذي تواصل بهذا الخصوص مع وزيرَي التربية والمالية، فأين أصبحت هذه القضية، وما المطلوب لمعالجتها؟
إلّا أن رئيسة لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي، نسرين شاهين، أوضحت أن "العقود تنصّ على 34 أسبوعَ تعليم، ما يعني 170 يوماً حسب النظام الداخلي للمدارس الرسمية. ويمكن تخفيض عدد أسابيع التعليم إلى 30 أسبوعاً في الحالات الاستثنائية. إلّا أن الأساتذة لم يدرّسوا هذا العام سوى 3 أسابيع، علماً أن غالبيتهم لا يعطون دروساً "أونلاين"، ويقتصر عملهم على التعليم الحضوري، باستثناء عددٍ قليل جداً، ما يعني أنهم لن يتقاضوا سوى اليسير هذا العام، في حال تقرّر احتساب ساعات التعليم الفعلي فقط، وغضّ النظر عن كامل ساعات العقد".
وأشارت شاهين في حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "وزير التربية وعدَ بالتعويض، لكنه لم يوضح كيف، وكم يبلغ عدد الساعات التي سيتم تعويضها، كما أنه لم يحدّد نهاية العام، وكل ما فعل هو مطالبة المدراء التعويض، إلّا أن بعضهم لجأ إلى تسجيل ساعات وهمية، وبعضهم الآخر حاول استغلال الموقع لإنزال الضغوط على بعض الأساتذة من أجل فك إضرابهم، في حين أن واجب الوزير تحديد كيفية التعويض".
كما لفتت إلى أنّ، "اعتمادات المتعاقدين مرصودة، والمطلوب رفع وزير التربية مرسوماً لرئيسَي الحكومة والجمهورية من أجل احتساب كافة ساعات المتعاقدين، وتصحيح الخلل الذي حصل على صعيد العام الدراسي وساعات التدريس".
"وزارة التربية أوصدت أبوابها بوجهنا، والوزير لم يفاوضنا عكس ما أُشيع"، حسب ما ذكرت شاهين، "إلّا أن اللجنة تواصلت مع رئيسة لجنة التربية النيابية بهيّة الحريري، كما ومدير مكتب رئيس مجلس النواب النائب هاني قبيسي، وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إيهاب حمادة، الذي بدوره تقدّم باقتراح قانون لاحتساب كافة ساعات المتعاقدين في ظل العام الدراسي الاستنثائي، وضمان حق الأساتذة بالإضراب. وتلقّت اللجنة وعوداً بعقد اجتماع مجلس النواب الأسبوعي في فترة العشرة أيام المقبلة للبت بالإقتراح، علماً أنه ينال تأييد كتلة الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير، كما واللقاء الديمقراطي بالإضافة إلى اللقاء التشاوري".
وعلى صعيد تحركات اللجنة من أجل الضغط على وزارة التربية والمجلس النيابي للمضي في احتساب هذه الساعات، أكّدت شاهين أن "الإضراب سيستمر دون تراجع حتى تحقيق المطالب، ولو تم تطيير العام الدراسي، والأساتذة ملتزمون في المناطق وإن بنسب مختلفة. فالإلتزام في الشمال ناهز الـ80%، أما في بيروت فقد بلغ الـ63%، و70% في عاليه ومناطق الشحّار. كما وسيتم تنظيم اعتصامٍ بالتزامن مع جلسة مجلس النواب، أما في حال لم يصدر أي جديد عن الموضوع، أو تأخر مجلس النواب في الانعقاد، ستعود التحركات إلى أمام مبنى وزارة التربية".
وختمت شاهين حديثها معتبرةً أن، "الأساتذة والتلاميذ هم ضحية هذا العام الإستثنائي. لكن مصلحة الطلاب تقتضي معالجة مشكلة الأساتذة، علماً أن الوزارة لم تتحمّل مسؤولياتها تجاههم، لجهة تأمين المستلزمات التقنية لمتابعة التعليم عن بُعد".
بدوره، أشار مفوض التربية في الحزب التقدمي الإشتراكي، سمير نجم، في حديثٍ لـ"الأنباء" إلى أن، "لا أجراً دون العمل، لكن الوضع الاستثنائي والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة تُحتّم التحرّك في هذا الملف لإعطاء المعلّمين حقوقهم من أجل الصمود في المرحلة الراهنة، فيُمكن اعتبارها من جهة الدولة، وكأنها جزءٌ من المساعدات المقدّمة لدعم الأسر في لبنان".
إلّا أنّه ذكر حلولاً يُمكن اعتمادها من قِبل وزير التربية لتحصيل حقوق المعلّمين، وهي تكمن في "إفساح المجال لهم لإعطاء حصص تعليم "أونلاين"، أو حتى إضافة ساعات إلى الدوام الحضوري أيام السبت، مثلاً، بعد العودة إلى التعليم المُدمج، وعندها يكون المعلمون قد أدّوا واجبهم واستحقّوا رواتبهم، ولو لم تُدفع العقود كاملةً. لكن المطلوب اليوم الحوار بين الأساتذة والوزير، وهذا الأمر ينسحب على أساتذة التعليم الأساسي والثانوي والمهني، من أجل مصلحة التلاميذ والأساتذة على حدٍ سواء".
أمّا حول اقتراح القانون المُقدّم في مجلس النواب لاحتساب كامل العقود، فقد رأى نجم أنه، "من الأفضل حل المسألة إدارياً وعلى الصعيد الوزاري، عبر إصدار تعميم لاحتساب هذه العقود بعد التفاوض مع الأساتذة، إذ من غير المُحبّذ تشريع حلول الظروف الاستثنائية، إلّا أن عضو كتلة اللقاء الديمقراطي وقّع على الإقتراح في مجلس النواب".