Advertise here

مسعى حكومي جديد والثمن تبادل حقائب.. والحريري متمسك بالـ18

انتكاسة قضائية على حساب أرواح الضحايا.. السُلطة تخشى المحاسبة والدولة تخسر

19 شباط 2021 05:51:00 - آخر تحديث: 20 شباط 2021 05:30:16

العاصفة الثلجية في يومها الثاني غطت كل شيء بالأبيض ما عدا إخفاقات الحُكم وفضائحه، فهذه الصورة السوداء التي طبعت الأداء القائم تعززها يومياً وقائع كارثية تضاف الى سجل طويل من الفشل المتراكم.

وجديد التراكمات اليومية الارتياب المتزايد لدى كل المواطنين، وفي مقدمهم أهالي ضحايا انفجار المرفأ، مما يحصل في هذا الملف قضائيًا بعد سلسلة من الخلل بدأت في عدم الإستماع في هذه القضية لكل المسؤولين في الدولة بدءاً من رأس هرم السلطة، إلى القرار الذي صدر بالأمس عن الغرفة السادسة في محكمة التمييز بتنحية المحقق العدلي فادي صوان عن متابعة التحقيق

وهو قرار اعتبره عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله "نقطة إضافية في سجل الإنتكاسات القضائية"، مشيرا إلى أنه "من الواضح أن هناك أسباباً كثيرة ومتعددة للإقالة، ومنها معرفة المصدر الأساسي لنيترات الأمونيوم، وارتباط هذا الملف بالأسماء المحسوبة على النظام السوري التي لن تسمح بالوصول الى العدالة الكاملة".

وتوقع عبدالله في حديث لجريدة "الأنباء الإلكترونية" أن "نشهد الكثير من الأمور المتعلقة بهذا الملف بغض النظر عن أداء القاضي صوان في ملف محاكمة الوزراء والنواب"، وأضاف: "بمجرد ما حصل في الإستجابة لطلب الشكل في الارتياب من قبل النائبين الزميلين سيطرح الكثير من الأسئلة عمن يؤخر عمل القضاء وبالتالي العودة الى المربع الأول. وهذا يعني أن القضاء في لبنان غير مستقل، وهذه معركة كبيرة. فالتشكيلات القضائية متوقفة، والملفات تفتح غب الطلب وتقفل غب الطلب، لذلك نرى التدخلات السياسية بملفات كثيرة"، مشيرا الى ان الانفجار كان أدى الى "تدمير نصف بيروت وترافق ذلك مع إنهيار إقتصادي كبير، ولكن لم تأتِنا منذ ستة أشهر أي إشارة او فرضية حول ما حصل".

عضو كتلة الجمهورية القوية النائب انطوان حبشي رأى أنه "من الناحية القانونية هناك قاض جرى تنحيته والإعتراض عليه، لكن هذه قراءة بسيطة جدا للمسألة، فالتحقيق في إنفجار كبير كانفجار المرفأ بعد هذه المدة يدل على أن السلطة السياسية بالمباشر أو غير المباشر، أو بالإهمال وبغير الإهمال، هي شريكة في هذا التفجير، ولن تسمح بأن تحاسب نفسها".

وفي حديثه لجريدة الأنباء الالكترونية، قال حبشي: "من هنا تبرز أهمية طلب اللجوء الى جهة دولية تتولى التحقيق. فاليوم وأكثر من قبل يجب أن يعلو الصوت أكثر من الجميع لنطالب بلجنة تقصي حقائق دولية، وإلا سنذهب باتجاه إخفاء الحقيقة. وقد آن الأوان في لبنان ولو لمرة واحدة محاسبة مسؤول عن جريمته".

مصادر "تيار المردة" لم تعلق على تنحية صوان،  ورأت في إتصال مع "الأنباء الإلكترونية" أن "الإدعاء على الوزير السابق يوسف فنيانوس يحمل مظلومية واضحة، لأن فنيانوس أفاد القاضي صوان خلال الإستماع إلى إفادته بكل المعلومات التي لديه بصفته شاهدا وليس بصفته مدعى عليه"، ورأت أن الإدعاء عليه رغم ذلك "ينطلق من خلفية سياسية غير بريئة، عدا عما يتضمنه من مخالفة قانونية في طريقة إبلاغه".

قانونيا، رأى رئيس مؤسسة جوستيسيا الدكتور بول مرقص أن "الأصول تقضي راهنا بنقل الدعوة من المحقق العدلي صوان ورفع يده عنها، كي يتولى النظر بها محقق عدلي آخر يُعيّن وفقا للفقرة 360 من أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على أن يتولى التحقيق قاض يعينه وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى"، لكن مرقص أبدى خشيته من "عاملي الضغوط السياسية، والتأخير، اللذين يصاحبان هذا التغيير الدراماتيكي في سير التحقيقات العدلية، حيث أن إقبال محقق عدلي جديد قد يستغرق وقتا ويأخذ جدلا كما حصل بتعيين القاضي صوان مع وزيرة العدل ومجلس القضاء الأعلى".

ولفت مرقص الى أن "المحقق الجديد لن يكون بوسعه التصدي للتحديات التي تصاحب هذا الملف، وعليه درس خيوط التحقيق من بدايته وإعادة رسم منهجية، مع ما قد يصاحب ذلك استمرار التوقيفات وتأخير الوصول الى نتائج لشهور إضافية كي لا نقول لسنين. إلا أن ما يشفع هذه المرة، وربما ينعكس إيجابا في الدفع بعجلة التحقيقات هو توافر عوامل ثلاثة: الرأي العام المتابع، والإعلام، والوقت، إضافة الى طلب نقابة المحامين في بيروت التي إتخذت صفة الإدعاء الشخصي وتحرك نقيبها محليا ودوليا لتسهيل مهمة التحقيق. أما الخطوة الثانية فتكمن في مدى نجاح ترشيح وزيرة العدل لأحد القضاة الجزائيين المخضرمين المشهود له في اندفاعه وحياديته واجتماع مجلس القضاء الأعلى للموافقة على تسميته".

رئيس حركة التغيير المحامي ايلي محفوض رأى أن "الموضوع سياسي بامتياز في بلد اللاقانون، في عملية خرق فاضح لكل المعايير في وقت تمر فيه البلاد بلحظة ضياع لتشكيل الحكومة، وكأن من ضمنها طي هذا الملف".

وتوعد محفوض عبر "الأنباء الإلكترونية" بما وصفه "قلب الأمور رأساً على عقب"، مؤكدا ان "ما جرى بالجريمة الفظيعة"، ورأى أنه "لو كان الأمر متروكا لمجلس القضاء الأعلى لكانت الأمور تسير بشكلها الطبيعي، لكن السلطة السياسية هي من سيعين المحقق العدلي لكي يكون أداة طيعة بأيديهم".

محفوض تحدث عن "سلة واحدة هي توقيت الملف وقبول طلب الإرتياب في الوقت الذي يسعى فيه حزب الله الى تدوير الزوايا للإسراع في تشكيل الحكومة لقطع الطريق على مطالبة البطريرك الراعي لعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة اللبنانية، خصوصا وأن الراعي لا يمثل نفسه وكنيسته فقط، بل يتماهى مع البابا فرنسيس في الكثير من الأمور التي تخص لبنان، لاسيما أن ثمة لقاء قريبا بين البابا والرئيس الأميركي جو بايدن، ولبنان سيكون في صلب المحادثات، ما يعني أن مسعى الراعي سيتحول الى كرة ثلج لن يستطيع حزب الله أن يفرملها".

في غضون ذلك، وفيما يُنتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من زيارته الى الإمارات العربية المتحدة، اكدت مصادر بيت الوسط لـ "الأنباء الإلكترونية" تمسك الحريري بحكومة من 18 وزيرا، وأنه "لن يتراجع عن هذا الشرط". ولمحت المصادر الى "مساعي جدية تنشط بعيدا عن الإعلام قد يكون ثمنها تبادلا في بعض الحقائب".