Advertise here

الدور الروسي في الشرق الأوسط إلى تعاظمٍ ولبنان على لائحة الأولويات!

17 شباط 2021 15:44:19

 منذ وصوله إلى الكرملين عام 2000، وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سياسةً خارجيةً واضحة لبلاده هدفها جعل روسيا قوة عظمى بأساليب حديثة قائمة على تحصين روسيا الاتحادية أمنياً، وتعزيز الناتج المحلي في البلاد.

 هذه السياسة حتّمت التواصل مع الخارج لتحسين الواقع الاقتصادي لروسيا التي أدرك رئيسها ضرورة توسيع شبكة العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الجوار، وحماية نفوذه في الدول التي كانت في السابق جزءاً من الاتحاد السوفياتي. 

سياسةٌ براغماتية واضحة أكدّ عبرها الرئيس بوتين مجابهة النفوذ الأميركي ولكن بطرقٍ مبتكرة تجعل من روسيا قوة عظمى، لا قطباً مواجهاً للولايات المتحدة، كما كان الحال في حقبة الحرب الباردة.
 
السياسة الخارجية التي أرساها بوتين بقيت قائمة في الفترة التي مكث فيها دمتري ميدفيديف في الكرملين، أي بين عامي 2007 و2012. ومع عودة بوتين إلى سدة الرئاسة عام 2012، تفاقمت أنشطة روسيا الخارجية واتّخذت السياسة الخارجية منحىً جديداً قائماً على استراتيجية التوازن الديناميكي التي طبّقتها روسيا في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا مع بدء العمليات العسكرية الروسية عام 2015، إذ دخلت موسكو على خط الصراع كي تكون لاعباً أساسياً يستطيع التعاون مع كل القوى الموجودة، بما في ذلك الخصوم الأكثر عناداً، مثل إيران وإسرائيل.

وإضافة إلى تصديرها موارد طاقة، وأسلحة، وتكنولوجيا نووية، ومواداً غذائية، تلعب موسكو اليوم دوراً عسكرياً ودبلوماسياً في الشرق الأوسط يوفّر الغطاء السياسي للحلفاء، كإيران وسوريا، وتقدّم خدماتها كضامنة للأمن والاستقرار في المنطقة. 

مِن هذا المنطلق، نرى روسيا تعزّز حضورها اليوم في الشرق الأوسط، وللبنان حصّة من هذا الحضور.
فلروسيا الاتحادية أدواراً هامة في لبنان منذ عام 2000. ومنذ ذلك العام وفّرت موسكو غطاءاً دولياً لحزب الله الذي لم ترَ فيه في أية لحظة خطراً على أمن المنطقة، بل على العكس رأت فيه باباً لتوسيع نفوذها. وعلى خطٍ آخر، حافظت روسيا الاتحادية على العلاقة الوطيدة التي تربط موسكو بالزعامة الجنبلاطية. وهنا إشارة إلى الدور الذي لعبه الزعيم وليد جنبلاط في حقبة ثورة الأرز، حيث التقى بقيادات روسية غير مرّة لمعرفة موقف الروس من ملفات أساسية كالمحكمة الدولية مثلاً،  والتي دفعت وليد جنبلاط لزيارة موسكو، ولقاء وزير خارجيتها سيرغي لافروف في كانون الثاني 2008، لمعرفة الموقف الروسي من المحكمة الدولية الخاصة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري. أتى اللقاء قبل أشهرٍ قليلة من خروج جنبلاط من تحالف 14 آذار مدركاً لعبة الأمم التي تصرّ موسكو فيها على حماية النظام السوري ونفوذها في المنطقة.

اليوم، يُسجّل نشاطٌ روسيٌ هامٌ على خطّ تشكيل الحكومة اللبنانية، وهو نشاطٌ قوامه رفض روسيا إعطاء فريق الرئيس عون الثلث المعطل. وكذلك الاتصالات على خط موسكو - بيروت التي جمعت نائب وزير الخارجية الروسية، بوغدانوف، بالحريري وجنبلاط وباسيل. موقفٌ روسيٌ واضح وصارم من أزمة التشكيل يترافق مع حركة نشيطة للسفير الروسي في لبنان، ألكسندر روداكوف، وحركة روسية جعلت من موسكو لاعبة أساسية تراقب وتشارك في عملية التشكيل والمتابعة، وبتنسيق مع الفرنسيين عبر دمتري بيسكوف، الناطق باسم الرئاسة الروسية.

دورٌ هام يلعبه بوتين اليوم في السياسة اللبنانية حيث ستنشط عاجلاً أم آجلاً مشاريع متعلقة بإعادة الإعمار والاستثمار، والتي تسمح لموسكو بتوسيع نفوذها الجيو - اقتصادي  وتوطيد دورها في الشرق الأوسط مثبتةً أنّها قوةّ عظمى لا بدّ للأميركيين من التنسيق معها، لا إرشادها.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".