Advertise here

مرحلة أكثر قسوة من «المكاسرة»

14 شباط 2021 08:45:00 - آخر تحديث: 14 شباط 2021 10:13:41

يعكس المسار العقيم لتأليف الحكومة الجديدة في لبنان، البُعدَ العميق لهذه الأزمة التي لا تنفكّ الأطراف الرئيسية المعنية بها تنتقل من «شجرة إلى شجرة أعلى» في سياق لعبة الشروط والشروط المضادة التي تجري تحت معاينة لصيقة للمجتمع الدولي، الذي «قال كلمته» بأن لا «قرش» دعم لبيروت خارج تشكيلة اختصاصيين غير حزبيين ولا تحمل في ذاتها بذور الإمساك بقراراتها من فريق بعيْنه عبر «قِفل» الثلث المعطّل، وهو «المعيار» الذي يمكن من خلاله معاودة جذْب اهتمام العالم العربي خصوصاً دول الخليج التي يعنيها أيضاً في غالبيتها إعادة التوازن الاستراتيجي إلى الواقع اللبناني والحدّ من نفوذ «حزب الله» من ضمن الرغبة باحتواء أدوار إيران في المنطقة.

وإذا كان اللقاء المفاجئ الذي عُقد الجمعة، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري (بعد انقطاع لنحو 50 يوماً)، غداة لقاء زعيم «تيار المستقبل»، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زاد منسوب التعقيدات التي تختزلها مقاربة الأول لعملية التأليف انطلاقاً من معايير «الشراكة الوطنية والدستورية» التي يَعتبر الثاني أنها تُخْفي قراراً بحصول فريق عون على «الثلث المعطّل» وعلى «تسييس» التشكيلة بما يتناقض مع شروط الشراكة مع المجتمعين العربي والدولي في أي عملية إنقاذ، فإن كل الأنظار تشخص اليوم إلى كلمة الحريري في الذكرى 16 لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، بعد لقاء الـ «لا تقدُّم» في قصر بعبدا والذي كرّس عملياً دخول المسار الحكومي «المربّع المُرْعِب» من التأزم العاصي على التفكيك.

وتشير غالبية المعطيات، إلى أن الحريري سيتفادى تحت سقف الحزم، حرْق المَراكب مع عون الذي كرّر موقفه «هيك مش ماشي الحال»، بعدما عاود الأول تقديم التشكيلة نفسها التي كان رفضها رئيس الجمهورية.

وبحسب أوساط واسعة الاطلاع، فإنه ابتداء من يوم الجمعة وبعد كلمة الحريري اليوم، ستنطلق مرحلة أكثر قسوة من «المكاسرة» على تخوم أزمة التأليف المربوطة في جوانب عدة بصواعق المنطقة ومقتضيات محاولات تفكيكها التي مازالت في بداياتها، خصوصاً في ما خص الملف النووي الإيراني، متوقفة عند قول الحريري من قصر بعبدا «من الآن وصاعداً فليتحمّل كل فريق مسؤولية كلامه»، وهو ما لم يتوانَ قريبون من رئيس الجمهورية عن اعتبار أنه جاء مع «زيارة رفْع العتب» في ذاتها من ضمن «التمهيد» للتصعيد اليوم في مواقف الرئيس المكلف.

وفيما بات واضحاً أن الحريري صار يواجه علناً تصلُّباً «حديدياً» من رئيس الجمهورية يبدأ من أن النقاش لن ينطلق إلا من حكومة 20، جاء موقف «التيار الوطني الحر» أمس، متوقفاً عند «إعلان الحريري من بعبدا أنه هو مَن يقرر منفرداً شكل الحكومة وعددها وأسماء وزارئها وحقائبها، كأن لبنان ليس جمهورية برلمانية ودون أن يقيم وزناً للدستور ولصلاحيات رئيس الجمهورية وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة وليس فقط التوقيع عليها، وهذا ما يجعلنا نعتبر بأن أمراً خفياً لا يزال يعوق تشكيل الحكومة ما يجعلنا نحذّر من نتائجه».