Advertise here

زيارة الوزير القطري: المساعدات الإقتصادية الأكبر مرهونة باللبنانيين

09 شباط 2021 23:35:19

لا ينفصل التحرك القطري على الساحة اللبنانية عن تحركات دولة قطر في المنطقة ككل. على بعد ساعات من زيارته بيروت، كان وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، يتلقى إتصالين من مستشاريّ الأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وسط تصريحات من مسؤولين في البلدين أنهم يرحبون بأي دور ستقوم به قطر على صعيد التفاوض بينهما. وهذا أيضاَ قبل ساعات من إجراء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو جولة خليجية، وتحديداً إلى قطر والكويت وسلطنة عمان. كما يندرج التحرك القطري نحو بيروت كمواكبة لتكثيف التحرك الفرنسي، إنعاشاً لمبادرة ماكرون في سبيل حلّ الأزمة اللبنانية.

لا مؤتمر بالدوحة
كل هذه الوقائع، لا يمكن فصل لبنان عن تطوراتها. خصوصاً أن الملف اللبناني يرتبط بشكل مباشر بإيران، وبأي مفاوضات إيرانية أميركية. وأساس الزيارة ينطلق من الحرص على تقديم المساعدات للشعب اللبناني، صحياً، إنسانياً وتعليمياً. أما المساعدات الاقتصادية الأكبر، فكان شرطها واضح، وهو يرتبط بتشكيل حكومة مهمتها إجراء الإصلاحات بما يتوافق مع الشروط الدولية، التي لا بد من تحقيقها لبدء وضع مخططات لمشاريع اقتصادية من شأنها إنقاذ الاقتصاد اللبناني. موقف الوزير القطري كان واضحاً في هذا الصدد، إذ أكد أن الحل يجب أن يكون لبنانياً. أي أن المسؤولين اللبنانيين وحدهم يتحملون مسؤولية التعالي عن الصغائر والحسابات السياسية والمصلحية والذهاب إلى تشكيل حكومة تقوم بما يجب. كذلك كان واضحاً في إعلانه عن التواصل مع الدول المهتمة بالملف اللبناني لمعالجة الأزمة الحكومية، لا سيما عندما أشار إلى التكامل مع الدور الفرنسي.

إلى جانب الحصول على مساعدات مالية، بناء على طلبات لبنانية متكررة، كانت هناك مطالبات أيضاً، بتقديم مليون لقاح للبنان، حسب ما تشير مصادر قريبة من قصر بعبدا. وقد وعد الوزير القطري بدراسة الطلب. أما بشأن المساعدة المالية، فقد كان الجواب واضحاً، وهو ما أعلنه في مؤتمره الصحافي من بعبدا بأن المساعدات معروفة وليست نقدية، إنما هي عبارة عن مشاريع اقتصادية وتنموية تعود بالنفع على اللبنانيين. في موازاة هذا الكلام، سرت أنباء كثيرة عن استعداد قطر لعقد مؤتمر للقوى السياسية اللبنانية لحلّ الأزمة، وتم تشبيهه بمؤتمر الدوحة في العام 2008. لكن المعلومات تؤكد أن دولة قطر لم تحضّر لمثل هذا المؤتمر، على الرغم من مطالبات سابقة من بعض القوى اللبنانية لعقد مؤتمر الدوحة 2. لكن الوزير القطري أكد أن الطريق للحل معروف، وهو تشكيل حكومة وإنجاز الإصلاحات.

علاقات مع الجميع
لا شك، الزيارة تأتي في توقيت لافت، خصوصاً أن المساعدات التي أعلن عنها وزير خارجية قطر، كان قد تم الإعلان عنها مسبقاً. وهو جاء ليؤكد استمرار السير بها وتطبيقها. لكنه شدد على ضرورة تشكيل الحكومة، حسب ما تؤكد مصادر عين التينة، التي اعتبرت أن كل المشاريع قابلة للتوسع في حال شُكّلت حكومة ترضي المجتمع الدولي، وخارج الحسابات السياسية الضيقة. هنا لا بد من الدخول إلى الجانب السياسي في الزيارة، ورمزيتها بهذا التوقيت، خصوصاً أن مصادر ديبلوماسية متعددة تجمع على خلاصة مفادها أن قطر لا تتحرك إلا عندما يكون الحديث عن حلول، أو أن أي ملف تهتم به هو في الجهوزية لوضعه على سكة الحل.

جاءت الزيارة بعد البيان الفرنسي عن الاتصال بين الرئيسين جو بايدن وإيمانويل ماكرون. وما بعد هذا البيان، كان هناك قوة دفع موازية له. وتؤكد المعلومات أن العلاقات القطرية الفرنسية جيدة ولا مجال للحديث عن تضارب بين الطرفين. قطر تتمتع بعلاقات جيدة مع القوى المتعارضة أو المتخاصمة، علاقة جيدة بإيران، وبالولايات المتحدة الأميركية. وتحركها يأتي بعد المصالحة الخليجية، فيما الحريري الموجود في باريس بعد مصر والإمارات يستعد لإجراء زيارة إلى تركيا في الأيام القليلة المقبلة أيضاً.

عون يدافع عن نفسه
وحسب ما تشير المعلومات القريبة من القصر، فإن الوزير القطري سأل رئيس الجمهورية عن سبب تأخر الحكومة، فقال عون إنه لا يزال هناك خلافات حول آلية التشكيل، وأنه يلتزم بالدستور، وبالتالي لا يريد أن تكون هناك غلبة لأي فريق على آخر. قال عون هذا الكلام -حسب المصادر- لدفع كل الاتهامات التي يتعرض لها، وتحمِّله مسؤولية التعطيل بسبب تمسكه بالثلث المعطل. قال عون كلامه في وقت كان يشدد فيه الوزير القطري على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، وعدم تعطيلها تحت أي سبب أو ظرف من الظروف، لأن لبنان في وضع حساس ولا يحتمل ربط الأزمة به بأي حسابات شخصية لأي طرف.

وهناك في لبنان من يربط فحوى هذا الكلام ومضمونه بأنه رسالة واضحة ومباشرة لعون وباسيل، بأنه لم يعد من مجال لتأخير تشكيل الحكومة، ولا بد من تقديم التنازل. وهذا موقف تجمع عليه كل القوى الإقليمية والدولية.