Advertise here

استحقاق مالي نهاية شباط... ما مصير المصارف؟

09 شباط 2021 09:45:00 - آخر تحديث: 09 شباط 2021 10:44:20

وضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المصارف أمام تحدّيات جديدة بعد إصدار التعميم رقم 154 والتعميم رقم 567، وقد أعطى المصارف بموجب ذلك مهلة 6 أشهر لزيادة الرساميل، وهي مهلة قاربت على الانتهاء في آخر شباط الحالي، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات عمّا سيحصل خصوصاً بعد مطالبة جمعية المصارف للمصرف المركزي بتمديد المهلة. 

وإذا كان هذا الواقع يعيد الى الأذهان أحد أبرز بنود المبادرة الفرنسية الذي ينص على إعادة هيكلة القطاع المصرفي، فإنه من الواضح أن لا إجراءات إصلاحية ملموسة في هذا الاتجاه، وتبدو غالبية الخطوات المتخذة حتى الساعة ليست الا من قبيل المسكّنات.

"برأيي المصرف المركزي سيستجيب لطلب جمعية المصارف وسيتمّ تمديد المهلة"، يقول الخبير الاقتصادي نسيب غبريل في حديث لجريدة "الأنباء الإلكترونيّة"، لكنه يشير رغم ذلك إلى أنّ "معظم المصارف تمكّنت من رفع رأسمالها، فالمعلومات الأوّليّة تشير إلى أنّ غالبيتها تمكّنت من الالتزام بنسبة الـ20 في المئة التي حدّدها مصرف لبنان". 

الا أن غبريل يوضح أن سبب طلب التمديد مرده إلى "أنّنا في وضع ضبابيّ، ولأن لا سلطة تنفيذية ولا خطّة إصلاحيّة، ولا نعرف متى تبدأ هذه الأمور، فكان أن طلبت جمعية المصارف من المركزي التمديد، لكون جزء بسيط من المصارف لم يلتزم بمعايير السيولة. والجواب في هذا الخصوص لم يأتِ بعد".

ويؤكد غبريل أن "التحدي الأكبر هو في تكوين هذه السيولة التي توازي 3 في المئة من ودائع المصارف بالعملات الأجنبية، ووضعها في حساب غير خاضع لأيّة قيود في المصارف في الخارج. وقد نجحت بعض المصارف من تكوين هذه الـ3 في المئة سيولة وهي التي كانت أولويتها الحفاظ على السيولة، لكن بعضها الآخر كانت استراتيجيته توسيع ميزانيته وأصوله وزيادة أرباحه على حساب السيولة. وقد رأينا مصارف باعت أصولاً لها في الخارج من أجل الالتزام بهذا المعيار". 

ويشدد غبريل على أنه "لو كنّا متّجهين إلى توقيع برنامج إصلاحي تمويلي مع صندوق النقد الدولي، لكان تكوين نسبة الـ3 في المئة أسهل على المصارف"، لافتا إلى أن زيادة رأس المال التي تحققت في بعض المصارف إنما "حصلت من المساهمين الأساسيين، ولو كان هناك جوّ إصلاحي ومفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتمكنت المصارف من استقطاب مستثمرين جدد من الإغتراب اللبناني أو من مؤسسات خارجيّة".

غياب الخطوات الإصلاحية يصعّب على المصارف استقطاب المستثمرين وزيادة السيولة، فهل سنرى مصارف تقفل أبوابها وماذا سيكون مصير المودعين؟ 

يجيب غبريل: "هذه الخطوات ستُظهر المصارف التي ستتمكن من الاستمرار في العمل الطبيعي في السوق اللبناني ما يعزّز ثقة زبائنها. ولن يكون هناك إفلاس لأيّ مصرف والناس لن تخسر ودائعها في حال لم يتمكّن أحد المصارف من الالتزام بالمعايير التي وضعها مصرف لبنان، إذ أكّد الأخير عدّة مرّات أنّه لن يسمح بإفلاس المصارف. وما سيحصل هو أنّه سيتملّك أسهم المصارف التي لن تتمكن من الالتزام وسيُحافظ على الودائع، كما سيقوم بإعادة هيكلة إداراتها وربما دمجها مع بعضها، ومن ثمّ يعرضها للبيع إمّا داخليًّا أو خارجيًّا لاحقاً".

هل هذه الخطوات تشكّل جسر عبور باتجاه انقاذ الوضع، يجيب غبريل: "إنّها إجراءات إيجابية على المسار الصحيح ولاستمرارية القطاع، وهي مهمّة لكنّها غير كافية، وكان من الأفضل لو تمّ هذا الأمر بالتوازي مع مفاوضات مع صندوق النقد وفي ظلّ تطبيق خطّة إصلاحيّة". 

القطاع المصرفي اللبناني يعاني أسوة بباقي القطاعات في ظلّ غياب الدولة تماماً عن الإنقاذ والإصلاح، ووحده الوقت كفيل بالكشف عمّا سيحصل وما إذا كان السيناريو المرتقب مأساويًّا أم العكس.