Advertise here

خلف خطوط العدو

05 شباط 2021 20:00:54

هل تصوّرتَ نفسك يوماً تعيش وحيداً خلف حدود العدو وفي عُقرِ دارِه، وتخطو كل خطوة كأنها الأخيرة، وتنام بعينين مفتوحتين، وتقتات على الخوف، وتتنفس الظلم والكيدية؟

هل تصوّرتَ نفسك يوماً أسيراً في دنيا الجميع فيها حُرٌ، لا وتَر لصوتِك مهما حاولت؟ هل تصورت نفسك المستضعَف خلف أبوابٍ مغلقة؟

هذه كانت حال النساء اللواتي قُتلنَ في بيوتهنَّ الزوجية، وهذه حال النساء اللواتي لا زلنَ على قيد الزواج خوفاً من نفس العِقاب! 

من المستحيل إيجاد مبرر. وبقدر ما هو صعبٌ على الرجل أن تفشل تجربة بناء مستقبل وأسرة، بقدر ما هو صعبٌ على المرأة أن تعيش رغماً عنها مع شخصٍ غريبٍ في منزل واحد. ولهذا هناك أبغض الحلال، والحلّ واضحٌ، وجلّ من لا يخطئ.
 
كيف لرجلٍ أن يطالب بإنسانٍ لا يريدُه وكان واضحاً بذلك أمام الناس، والمجتمع والمحاكم. 

ربما لو أنّ هناك نظرة للمستقبل لأدرك الطرفان أنه في طريق الحياة هناك نهاية، وعلى الإنسان أن يُحسن اختيار الشخص الذي سوف يبقى معه إلى آخر الطريق، والذي إن وصَله وحيداً وصَلهُ محطماً، وأنّه هناك دائماً خيار مهما كانت تكلفة الانفصال من سنين، وذكريات، وأحلام، ومال، وعائلة، وهي تبقى أرخص من أن تتمسّك بما لم يعد لك قلباً، وروحاً، وجسداً...

عسى أن يعي المجتمع أنّه حتى في قرار الزواج قد يخطئ المرء، ولا ضرر من إعادة المحاولة طالما بقي في العمر بقية، ولا داعي من هدر الوقت والحياة في معارك تخرج منها العائلات مشتّتة، ومدمّرة نفسياً ومعنوياً. 

لا أحد يرغب أن يكون خلف خطوط العدو، ولا أحد يرغب أن يكون منزله ساحة قتال، فليس هناك رجل إلّا وأراد أن يبني منزلاً آمناً، وعائلة سعيدة، وإلّا لماذا كل هذا الجهد والتعب؟

 المجتمع لا يرحم في حالات الطلاق، وهو بمظهر جمهور متفرج يسمع الأخبار، ويطلق الاتهامات، ولكنه لا يرى ولا يسمع بعدما تُقفَل الأبواب، وتتقاتل النفوس بطبيعةٍ رافضةٍ للانسجام والاحترام المتبادَل، ومليئة بالغضب والتوتر، فتدمّر المنزل والعائلة تدريجياً، وتنعكس سلبياً على شخصية الطفل بحال وجود أطفال. وهنا حدِّث ولا حرج عن تكابر الوالدَين بالتمسّك بالطفل غافلين أنّ جميع تصرفاتهم سوف تخلق طفلاً عكس ما كان الاثنان يطمحان إليه!

آن الأوان أن يقتنع الرجل والمرأة أنّه عندما لا ينفع العِتاب، وتُقفل جميع الأبواب، فإنهما يستطيعان المحافظة  على نفسيهما، ومَن هما.

 لا تتوقف عن المضي قُدُماً، ليكون الثمن هو أن ما مضى من العمر ليس حياة، أو مستقبل شخصٍ ما.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".