Advertise here

الصين تدخل الشرق الأوسط من بوابة التجارة.. وتزاحم أميركا

05 شباط 2021 12:15:07

في الوقت الذي تفكر فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالعودة إلى سياسات عهد أوباما في الشرق الأوسط، تجد هذه السياسات طريقا معقدا بسبب دور الصين المتزايد كلاعب سياسي مؤثر في المنطقة.

وباتت الصين الشريك التجاري الأكبر للدول العربية في النصف الأول من عام 2020، إذ تجاوزت التبادل التجاري 115 مليار دولار، منها شراكات استراتيجية شاملة مع 12 دولة عربية.

وخلصت دراسة استقصائية جديدة أجراها "الباروميتر العربي"، إلى أن الصين ينظر لها على أنها أكثر إيجابية من الولايات المتحدة.

واستطلعت الشبكة البحثية التي تتخذ من جامعة برينستون مقرا لها، آراء لمواطنين في 6 دول عربية هي الجزائر، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب وتونس وذلك لقياس مواقفهم تجاه الصين والولايات المتحدة.

وجعلت الحكومة الصينية مبادرة الحزام والطريق جزاء رئيسيا من خطة انتشارها الإقليمي في المنطقة، وهي المبادرة التي تهدف إلى توسيع التجارة العالمية من خلال إنشاء شبكات من الطرق والموانئ والمرافق الحيوية الأخرى عبر دولة عديدة في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.

وعلى الرغم من انتقاد الولايات المتحدة لخطة تقديم القروض للدول النامية التي تكافح لسدادها، إلا أن 18 دولة في المنطقة انضمت لهذه المبادرة بما فيها إسرائيل الحليف الرئيسي لواشنطن في المنطقة.

من خلال هذه المبادرة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، استثمرت الصين في جميع أنحاء آسيا وأوروبا وأفريقيا وذلك "لربط كل هذه القارات من خلال بناء أو المساعدة في بناء أو المساعدة في تمويل الموانئ والقواعد العسكرية، وإقامة شراكات اقتصادية واستراتيجية قوية مع دول الشرق الأوسط الكبير" كما يقول رئيس الجغرافيا السياسية بمعهد أبحاث السياسة الخارجية في بنسلفانيا، روبرت دي كابلان، في تصريحه لموقع "فويس أوف أميركا".

وأشار كابلان إلى أن الصين يمكنها الهيمنة على طريقة التجارة الأفرو-أوراسيا، من خلال ربط أوروبا بشرق آسيا عبر الشرق الأوسط.

انسحاب الولايات المتحدة
بعد سنوات من الحروب الطاحنة في العراق وأفغانستان، انخفض الدعم للمشاركة العسكرية الأجنبية في المنطقة بين أعضاء الحزبين السياسيين الأميركيين.

وصف الرئيس السابق باراك أوباما ذات مرة المنطقة بأنها تعاني من صراعات تعود إلى آلاف السنين، بينما دعا دونالد ترامب مرارا وتكرارا إلى أن تتخلى الولايات المتحدة عن "الحروب الأبدية".

المحاضر في كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة كنتاكي، روبرت فارلي يقول: "أعتقد أن الأميركيين كانوا يشكون منذ عقدين أو 3 عقود، من أن الشرق الأوسط يصرف الانتباه عن الأشياء التي نحتاج حقا إلى الالتزام بها".

ويقول المحللون إن المنافسة الشرسة بين الصين والولايات المتحدة عززت رغبة واشنطن في تقليل الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط، والتي كان البعض يضغط من أجلها منذ سياسة إدارة أوباما "المحورية نحو آسيا" قبل 10 سنوات.

جادل كابلان أنه بينما تملأ بكين فراغ الشرق الأوسط، فإنها ستشكل في النهاية تهديدا للولايات المتحدة.

وقال: "إنه تهديد لأن معظم الحديث في واشنطن خلال السنوات القليلة الماضية هو أننا بحاجة إلى الانسحاب من الشرق الأوسط، لأننا شاركنا هناك في ما يسمى بالحروب التي لا نهاية لها. وإذا انسحبنا حقا، أو حتى الانسحاب الجزئي من الشرق الأوسط سيفتح مجالا واسعا من الفرص للصينيين".

إيران موطئ قدم 
في حين أن الصين سعيدة بالعمل مع كل من خصوم وأصدقاء واشنطن في المنطقة، فإن علاقتها بإيران تحمل أهمية خاصة لكلا البلدين. 

وبسبب العقوبات والعزلة المتزايدة على الساحة العالمية، لجأت طهران إلى الصين للحصول على دعم اقتصادي وعسكري، بينما تبحث بكين عن موارد طاقة أرخص.

بعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، أقام البلدان ما يسمى بالشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام 2016، مما أعطى الصين موطئ قدم في منطقة كانت الشغل الشاغل للولايات المتحدة منذ عقود.

الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية في جامعة جاجيلونيان البولندية، فويتشيتش ميشنيك، قال إن إيران من بين القوى المؤثرة في الشرق الأوسط هي الشريك الطبيعي للصين.

وأضاف: "إيران قوة مهمة للغاية، خاصة بعد التدخل الأميركي في العراق عام 2003، اكتسبت إيران من حيث القوة النسبية في المنطقة"، مردفا: "إنها تستخدم وكلائها من سوريا إلى اليمن".

وتعد الصين حاليا الشريك التجاري الأكبر لإيران، فضلا عن كونها أكبر سوق تصدير لإيران للمنتجات غير النفطية ومصدر مهم للاستثمار الأجنبي. 

كانت التجارة الثنائية بين البلدين حوالي 400 مليون دولار فقط في عام 1994 لكنها زادت إلى 2.48 مليار دولار في عام 2000. 

وبحلول عام 2019، وصل التبادل التجاري بين بكين وطهران إلى أكثر من 23 مليار دولار، بزيادة تقارب 10 أضعاف، وفقا للبيانات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية.

إعادة تعريف الارتباط
بينما يشك الخبراء في أن الولايات المتحدة سوف تنفصل بأي طريقة جوهرية عن الشرق الأوسط، فمن المرجح أن تتحول مصالح واشنطن من التركيز على الإرهاب إلى النفوذ الإقليمي المتزايد للصين.

وقال فارلي: "نعم. نحن بحاجة إلى مواجهة الصين، لكننا الآن بحاجة إلى الاهتمام بالشرق الأوسط، ليس بسبب الإرهاب، ولكن بسبب نفوذ الصين المتزايد في إيران، وعلاقة الصين المتطورة مع السعودية".

وأشار إلى أن هذا التحول بالتفكير ينعكس في أجزاء أخرى من مجتمع الأمن القومي الأميركي، حيث بدأ المحللون في إعادة تعريف معنى المشاركة الأميركية في سياق الدبلوماسية الخارجية القوية للصين.