دعم لمصرف لبنان من جيوب الفقراء!
04 شباط 2021
06:34
Article Content
ما جوع لبنان اليوم إلا ضحيّة لفوضى قرارات حكومة حسّان دياب المستقيلة ووزير الشؤون الإجتماعية رمزي المشرفية، بفعل تأجيل الحصول على قرض البنك الدولي الداعم للأسر الفقيرة مدّة سنة كاملة، وترك "أوبشن" مبلغ 246 مليون دولار حتى "آخر نفس"... وفي الفترة السابقة، تمّ بعون الأحزاب "التسكيج" على برنامج هجين سُمّي "برنامج التكافل الإجتماعي" الذي وزّع وراء ستار الجيش "400 ألف ليرة" بعشوائية، بحيث لم تتدخّل الوزارة في التوزيع وآلية الاستهداف، ولا باللوائح النهائية أو التدقيق ولا الإشراف!
وبعدما بدأت تتكشّف مفاعيل "جهنّم" التي وعدنا بها رئيس الجمهورية منذ مدّة، وبدأت ثورة الجياع في طرابلس... وبعدما ارتفع عدد السكّان الذين يعانون من فقر مدقع، وقفزت الأسعار بنسبة 144% وِفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي... وقّع لبنان والبنك الدولي، يوم الجمعة الفائت، اتفاقية القرض لبرنامج الفقر ودعم شبكة الأمان الإجتماعي على أن يخسر نحو 30% من قيمته. كيف ذلك؟من الفقير إلى الشعب!
"عصفوران بحجر" هو عنوان المرحلة، وبما أنّ لا بوادر حلّ لأزمة تشكيل الحكومة تلوح في الأفق، ولا أموال داعمة لسند المصرف المركزي، قرّر وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن يحصل المستفيدون من القرض على مساعداتهم بالليرة اللبنانية وِفقاً لسعر صرفٍ يعادل 1.6 مرّة سعر صرف منصّة مصرف لبنان البالغ 3900 ليرة لبنانية لكلّ دولار أميركي، أي ما يعادل 6240 ليرة (يعاد تقييمها وتغييرها عند الحاجة وبشكل دوري)، فتكون القيمة الفعلية للقرض الذي ستستفيد منه الأسر المستهدفة 174 مليون دولار بدلاً من 246 مليوناً، وسيستولي مصرف لبنان على حوالى 72 مليون دولار "يهدّي" فيها الإقتصاد اللبناني "على إجريه"، بحيث لا فائدة من أن يُدعم المواطن بالدولار إن فشل مصرف لبنان في دعم السوق وبالتالي ارتفعت قيمة السلع وازدادت رقعة الفقراء.
وفي حديث خاص لـ"نداء الوطن"، استنكر وزير الشؤون الإجتماعية السابق ريشار قيوميجيان سياسة "الهيركات على الدعم" هذه لما فيها من إجحاف بحقّ الفئات الأكثر حاجة وهشاشة، بخاصة "أنّ القرض سيدفعه الشعب اللبناني بالدولار فليستفد منه الناس بالكامل من دون إجتزاء"، متسائلاً "ما المانع من أن يوزع على المحتاجين بالدولار وبهذا نضخّ الدولار الـ"فريش" في السوق، كما أنّ أموال الدعم والإحتياطي التي تُصرف من المصرف المركزي من دون ترشيد، إما مصيرها بأغلبها إلى التهريب أو إلى دعم السلع التي لا تصل بالضرورة إلى الفقراء، وبهذا اقتطاع من لُقمة الفقير إلى فم غير المحتاج... فهل وصلنا إلى زمن نسحب من جيب الفقير حقّه بذريعة دعم الإقتصاد!!؟" وأضاف: "ككلّ مرة يُخيّر الشعب بين السيّئ والأسوأ، إمّا الجوع أو القبول بالمساعدة بالليرة المقتطع منها حصّة، في وقت تدخل أموال البنك الدولي إلى وزارة الصحّة مثلاً بالدولار ومن دون اقتطاع. وهناك مشكلة قانونية أخرى ستواجه القرض وتؤخّره، يمكن تخطّيها كما حصل في زمن الحرب بالمراسيم الجوّالة، فوزير المال وقّع القرض لكن هذا لا يكفي، بل يتطلّب عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لإحالته بمشروع قانون الى مجلس النواب لإقراره، وإذا كانت الحكومة المستقيلة لا تستطيع أن تعقد جلسة فتستطيع أن تقرّه بمرسوم جوّال"!
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى ما تحدّث عنه الوزير السابق سليم الصايغ من استنسابية في تعامل الوزارة مع المواطنين بين منطقة وأخرى، وكيف تفتح مراكز الشؤون الإجتماعية في الجنوب لتعبئة الاستمارات مباشرة من دون اللجوء الى المنصّة الالكترونية، في وقت تقفل المكاتب في مناطق أخرى كبيروت والمتن متسائلاً "لماذا الكيل بمكيالين؟"... أمّا المخيف فهو فداحة عدم التوازن في التوزيع، ففي الأشرفية تمّ توفير 3 بطاقات غذائية في تشرين في الوقت نفسه في الغبيري تمّ توفير 418 بطاقة!