Advertise here

ظروف نفسية صعبة تواجه الأطفال.. والمدرسة تغيب عن دورها

30 كانون الثاني 2021 16:52:00 - آخر تحديث: 30 كانون الثاني 2021 16:53:40

أطفال اليوم هم شباب الغد وعماده، هم الجيل الواعد بمستقبل أفضل، وبالتالي تنشئتهم تقتضي رعاية فاعلة نفسيًّا وجسديا وأشمل من ذلك اجتماعيًّا، فكريًّا وثقافيًّا. وفي ظلّ الأزمات التي يعيشها أطفال لبنان على الأصعدة كافة يبقى التّحدّي متمثّلًا بنشوء جيل صاعد من خلال حماية طفولة هؤلاء ومساعدتهم على بناء شخصيّات مستقلّة واعية وسليمة.

ولكن أين هم من هذا الواقع؟

من المعروف أن مرحلة الطّفولة ومن بين كلّ المراحل هي الأكثر تأثيرًا في بناء شخصيّة الإنسان التي هي بلا أدنى شك نتاج مجموعة من عوامل كثيرة تبدأ بطباع وخصائص ذاتيّة ثمّ تتشابك مع الظّروف البيئيّة، الإجتماعيّة والإقتصاديّة. ومن المعلوم أيضًا أنّ هذه الظّروف لا تتوفّر ولو بحدّها الأدنى لأطفال اليوم خصوصًا بعد تفشي فيروس "كورونا" الذي ألزمهم المنزل بعيدًا عن المدرسة لسنة تقريبًا وما رافق ذلك من توقّف للنّشاطات الرّياضية والمناسبات الاجتماعية والاحتفالات التي كانت تتيح لهم اللقاء والتعارف والتنافس في مناخ سعيد وصحّي.

العائلة والمنزل

في هذا الإطار، تؤكّد الأستاذة الجامعية الدكتورة لورانس عجاقة أنّ "أجواء المنازل في هذه الفترة لم تعد في كثير من الأحيان صحيّة لأن الأهل محتجزون بالمنازل أيضا بسبب الوباء ويعانون من ضغوط نفسيّة لأسباب عدّة، فيضيقون ذرعًا بأولادهم أو يمارسون هذا الضّغط عليهم، فلا يبقى أمام الطفل سوى أن يقضي الجزء الأكبر من وقته بين التلفزيون والهاتف المحمول والألعاب الإلكترونية"، وهو ما وصفته عجاقة بالخطأ الكبير لأنّ هذا النّشاط "معدوم السّيطرة"! عدا عن شعور الولد بالعزلة والوحدة نتيجة جلوسه لفترات طويلة وحيدًا كما النّقص العاطفي الذي يولد من عدم قدرة الأهل على إعطاء أولادهم الأمان العاطفي الذي يفتقدونه هم بالأساس.

للمدرسة دور فاعل... ولكنّه غائب

وتشير عجاقة عبر وكالة "أخبار- اليوم" إلى "دور المدرسة في بناء شخصيّة الطفل، فهي المكان الرّئيسي لبناء الصّداقات واكتساب المهارات وتنميتها، وهذا ما يفتقده الأولاد في التعليم عن بعد". ولعجاقة مأخذًا على وزارة التّربية ومناهجها، "فهي لم تعد صالحة في الوقت الحاضر، حيث دعت المدارس للبدء بالعمل على أخلاقيّات القرن الواحد والعشرين ليتماشى مع ما يسمّى بـ"الجيل المئوي" (مواليد 1995-2012)  وبـ"جيل الألفا" (مواليد 2010-2025) لتخطّي الجهل بـ"المواطنة الرّقميّة" لتهيئة مواطنين في المجتمع الرّقمي السائد كما في المجتمع الواقعي".

واعتبرت أن اوّل ما يجب فعله عند العودة للدّراسة هو إعادة تشكيل المناهج بما يتماشى مع قدرة الولد ونموّ ذكائه وحسّه النّقدي لإغلاق ثغرات المجتمع الحالي وتهيئة أناس كفوئين للمستقبل.

الإعلام يهمّش الصغار

وحول دور الإعلام في تعزيز ثقافة الطّفل، أجابت عجاقة: "ان لم يتمّ استحداث قناة تلفزيونيّة لبنانيّة محضة، خاصّة بالأطفال بأقرب وقت فالإتّجاه نحو مشكلة كبيرة جدّا نفسيّا، جسديًّا، معنويًّا واجتماعيًّا، لأنّ الولد بحاجة للتعلّم إن لم يكن من الأهل والمدرسة فباللّجوء إلى هذه القناة عبر برامج للأطفال تربويّة، تثقيفيّة، حياتيّة لتعبئة لاوعيهم بعادات وقيم وتصرّفات اجتماعيّة ليتفاعلوا من خلالها ككائن اجتماعي وينطلقوا منها للمجتمع بشخصيّة خاصّة تتميّز بقرارات واعية".

لتضافر الجهود

مشكلات كثيرة ستلازم أبناء هذا الجيل أوّلها فقدان فرص التنمية الإجتماعيّة وآخرها توقّف نموّ الدّماغ بشكل سليم مرورًا بالنزعة العنفيّة واللّجوء إلى الوحدة، لذا فإن قدرة الأطفال على التأقلم مع العالم بعد جائحة كورونا وتغلبهم على تبعاتها، ستتطلب تضافر جهود الآباء والأمّهات والمدرّسين وربّما الأخصائيين الإجتماعيين، وإلّا الإتّجاه نحو "جيل ضائع" بدلًا من "جيل الحرب" وتبقى الصّفة المشتركة الإنغماس بالنّزاعات الدّاخلية...