Advertise here

الوعي جوهر التغيير

29 كانون الثاني 2021 18:50:19

نحنُ سجناءُ سلاسل وقيود لا تصهرُها سوى المحبةُ التي هي قوة لا تضاهيها أية قوّة أخرى.

إنّ معظم الأشياءِ المحيطةِ بنا ينبوعُها الوعي. والحضارةُ هي نتاج الوعي. والحياةُ معنى، والمعنى جوهر الحياة ومطلبها السعادة، والسعادةُ بجملتها وعي.

فالإنسانُ هو الملاك في طور التكوين، وكما قال عنه السّيد المسيح، "إنّه رسالة الأبدية لذلك الكون السرمدي"، رسالة حبٍ وعطاء وخير، وهو الغاية وجوهر الحياة والوجود، كما قال عنه المعلّم كمال جنبلاط. هذا الإنسان الذي صوّره اللهُ على صورته عليه أن يبني جنّته الخالدة على هذه الأرض بالوعي والمعرفة.

الوعي وعيُ الذات أولاً: "أنت يا أخي، أنت الكون بحقيقته. أنت وجه الرحمن". هذه الروح التي هي ذرّة من روح الله، ومن صميم جوهره تنبعث الحقيقة. الحقيقةُ الموجودة في ذواتنا التي بنت وجودنا وأوجدتنا.

 إنّه وعيُ تاريخنا الشاهد على حضارتنا بما يتجلّى فيه من قيمٍ أخلاقية وإنسانية واجتماعية، وتجسيدُ ذلك المخزون بصورةٍ عصرية خلّاقة، فمَن فقدَ تراثه وتاريخه وانتماءه فقدَ هويّته وفقدَ إنسانيته.

إنّه وعي الواقع الجديد المشرّعة أبوابه على اتجاهات وعوالم عدّة، وولوجها بوعيٍ ومسؤولية.

لقد سِرنا في الظلام عقوداً حتى صار الظلام مستودعاً ومستقراً. أما آن أوان البحث عن نفوسنا المظلمة، وإعادتها إلى حقيقة جوهرها. 

فدرب الوعي طويلٌ وشاق، وإذا أزال الإنسانُ الحجابَ عن نفسه، ونزع منها العلائقَ والرغباتِ الماديةَ المتعلّقةَ بالمدركات الحسيّة، وقف في النور حراً من ذاته، ومن فرديّته، ومن أي قيدٍ أو علاقةٍ في هذا العالم...

فالحياةُ نبعٌ من التغيّر والتجدّد المستمرَّين، والله سبحانه وتعالى هو الثابت الذي لا يتغيّر أبداً. أمّا الزمن والحياة والوجود فهي في تجدّدٍ مستمر. وهكذا الإنسان يجب أن يشاركَ الحياة في مسيرتها إلى الأمام دون أن يغفلَ أنّه إنسانُ البارحة الذي صار اليوم، وانسانُ الغد الذي سيتجدّد كلّ يوم.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".