Advertise here

عهد "معزول" و"عازل"

28 كانون الثاني 2021 13:46:31

لم يعد هناك أدنى شك بأن هذا العهد "القوي" قد جلب من الويلات على لبنان ما لم تتمكن كل الحروب والغزوات التي تعرّض لها عبر التاريخ من تحقيقه. غير أن ما أصبح لافتاً مؤخّراً هو أنه إلى جانب العزلة الدولية التي فُرضت على هذا العهد نتيجة "عنتريات" الصهر الميمون في وزارة الخارجية، وبعد "إنجازاته" في قطاع الطاقة، أضيفت العزلة الداخلية التي فُرضت على المواطن اللبناني نتيجة "بُعد نظر" حكومة "الإنجازات" وتخبّطها في معالجة جائحة كورونا، فقررت "عزل" المواطن في منزله، ومنعه من أبسط حقوقه اليومية في التجوّل و"الاطمئنان" إلى صحة أهله، وأقاربه، وأصحابه، و"الجيران".

لقد عطّل الوزير "المعاقَب" أثناء توليه وزارة الخارجية كل قنوات التواصل الديبلوماسية مع العالم، وأفسد علاقات لبنان الطبيعية مع محيطه العربي، بسبب التزامه التحالف "الهجين" مع "حزب الله" واعتقاداً منه أنّه من خلال هذا التحالف فإن وصوله إلى بعبدا لخلافة "عمّه" مضمون، فكانت النتيجة الوحيدة "المضمونة" مقاطعة دولية وعربية للبنان، ورزوحه تحت ضائقة اقتصادية ومالية واجتماعية خانقة.

ولم يكفِ لبنان هذا الحصار العربي والدولي نتيجة سياسة العهد "القوي"، فاجتاحته جائحة كورونا لتزيد من مآسي اللبنانيين، وتعطّل عليهم لقمة عيشهم التي يجاهدون لكسبها، فراحت تضرب خبط عشواء وتحرمهم من أعزاء وأصدقاء وأهل وأقارب، وتمنع عنهم حتى "واجب" النظرة الأخيرة على من يحبّون ويودّعون، نظراً لما يترتب عن تلك "النظرة" من احتمالات الإصابة بالعدوى القاتلة.

عهد "قوي" وبعيد النظر، يدير حكومةً لا تقل "قوة" وبُعد نظر، ولا تشوب علاقات أعضائها خلافات جذرية حول كيفية مواجهة الجائحة، فكل القرارات التي اتخذتها دفعت المواطنين للتساؤل عمّا إذا كانت "منطقية"، وعمّا إذا كان شعار لا "داع للهلع" يتوافق مع "قوة" العهد الكفيلة بدرء أخطار الجائحة عنهم، و"بُعد" نظره يؤمّن لهم "اللقاحات" التي ستمنحهم مناعة "القطيع"، فيصبحون بمنأى عن الاضطرار إلى الوقاية الضرورية لعدم الإصابة.

وأبرز هذه القرارات "العشوائية" قرار منع التجول والإغلاق العام، وهو بمعنى أدق "عزل" اللبنانيين في منازلهم، وكأن العزل الدولي والعربي لم يكفِ، فجاء العزل الداخلي ليتكامل مع "إنجازات" العهد "القوي" وسياساته.

لا يمكن للبنانيّين سوى التوقف عند "حقيقة" الإنجازات التي يطبّل لها أزلام هذا العهد وزبائنيته، وعلى ما تقوله الأمثال الشعبية "الحارة ضيّقة، ومنعرف بعضنا"، الفشل جرّ الفشل، والبؤس ولّد بؤساً فوقه. ولن يسجّل التاريخ سوى أن عهد "المسيحي القوي" جرّ الويلات على لبنان، والأنكى من ذلك أنه من لم يكن يُحسب لهم أي حساب، ولا يزالون في خانة المجهولين، بدأوا يطبّلون، ويزمّرون، ويروّجون للتمديد. 

أعان الله اللبنانيّين على ما ينتظرهم من ويلات إضافية، والله ولي التوفيق.