Advertise here

55% من اللبنانيين فقراء والشارع يصرخ جوعاً... والسلطة توقد نار الأزمة: تمييع في قرض البنك الدولي

28 كانون الثاني 2021 05:45:00 - آخر تحديث: 04 شباط 2021 05:37:42

يبدو واضحاً في المشهد الذي رسمه نزول اللبنانيين في بعض المناطق إلى الشارع، رغم قرار الاقفال التام، أنهم باتوا يفضّلون المرض على الموت جوعاً في دولة تتخبّط فيها سُلطة الحكم في كل قرار تتخذه. وفوق ذلك يتعنجه الفريق الحاكم ويزعم بأنه دائماً على صواب. إلّا أن الناس بدأت تنزع عن هذا الفريق آخر أثواب الثقة، فهو الذي اتخذ قرار الإقفال دون أن يؤمّن للمواطن الحد الأدنى للصمود، لا بل جاء بقرار توزيع مساعدات إنسانية متأخرة، ومتناسياً أن ليس لديه أي لوائح جاهزة باستنثاء برنامج الأسر الأكثر فقراً في وزارة الشؤون الاجتماعية، وقد تقاعس عن تحديثه طوال العام الماضي.

أما الأهم، فهو لو باشر الفريق الحاكم بوضع خطة لترشيد الدعم ولدعم العائلات الفقيرة، أو حتى قَبِل سماع الاقتراح الذي تقدم به الحزب التقدمي الاشتراكي الذي بُحّ صوته وهو ينادي بترشيد دعم المواد، وتوفير صمود الأسر المحتاجة عبر تحديث داتا برنامج الأسر الأكثر فقراً، لكانت هذه السلطة وفّرت على الناس كل المآسي، كما على المؤسسات والدولة كل هذا الضغط.

لكن واقع اليوم هو أن الفقرَ يقتنص كل يوم أسرةً لبنانيةً جديدةً، فبات أكثر من 55% من المواطنين في لبنان فقراء. وعلى ما يبدو فإن الهدف غير المُعلن للفريق الحاكم عبر تعطيله ولادة الحكومة الجديدة، وبتمييعه إقرار آلية صرف القرض من البنك الدولي، يتلخص في تجويع كل اللبنانيين وتدمير كل ما تبقى من هيكل الدولة.

بالتأكيد، لم يكن يفضّل اللبنانيون أياماً مشابهة لتلك التي يختبرونها، فبات الخبر "البُشرى" يكمن في موافقة البنك الدولي على منح لبنان قرضاً لدعم العائلات الأكثر فقراً، وضمان صمودهم في وجه الأزمة الاقتصادية الخانقة. لكن، دون أي إجراء حكومي طيلة فترة الإنهيار، وفي ظل ارتفاع أسعار المُنتجات والسلع، والنشاط غير المسبوق لخطوط التهريب، لم يكن أحدٌ يتوقع سيناريو مُغايراً، فاستسلموا لقدرهم، ومكثوا ينتظرون.

وافق البنك الدولي قبل أيام على منح لبنان قرضاً بقيمة 246 مليون دولار، لكن البيروقراطية اللبنانية والمماطلة المُعتادة ظروفٌ ستؤدي إلى تأخير صرف القرض للبنانيين. كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تقم طيلة فترة العام الماضي بتحديث بيانات الأسر الأكثر فقراً، التي سيتم صرف مبالغ المساعدات وفقاً لها، ما سيؤدي إلى تأخير إضافي إلى حين قيامها الآن بتحديث معلومات البرنامج.

مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية أشارت عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "البيانات سيتم جمعها عبر فرقٍ متجوّلة تابعة للوزارة، وستقوم بزيارة المواطنين في منازلهم وتطرح عليهم 55 سؤالاً لتحديد ظروف معيشتهم واستيفائهم لمعايير الاستفادة، بعد أن يتقدموا بطلبات عبر منصّة وزارة الشؤون". وللمفارقة المنصة تتوقف تكراراً تحت ضغط التسجيل.

وأوضحت مصادر "الشؤون" أنه "سيتم صرف مبلغ الـ246 مليون دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 6240 ليرة، أما الأسر التي ستستفيد من القرض، فهي ستحصل على مبلغٍ قدره 200 ألف ليرة، بالإضافة إلى 100 ألف ليرة لكل فرد في العائلة، إلى حد الستة أفراد، ما يعني أن المبلغ الأقصى سيكون 800 ألفاً لكل أسرة، وسيستمر توزيع المبلغ شهرياً طيلة سنة كاملة". وحول الآلية التي ستُعتمد في التوزيع، فهي ستتم عبر الوزارة مباشرةً، حسب المصادر.

المصادر لفتت إلى أن "150,000 أُسرة سوف تستفيد من القرض، وهذه المساعدات غير مرتبطة بمساعدة الـ400 ألف التي يتلقاها المواطنون، ما يسمح بالجمع ما بين المساعدتين في حال توفّرت المعايير لدى الأسر". أما بالنسبة للموعد الذي سيبدأ فيه صرف المبالغ، فالموضوع يتعلق "بالإنتهاء من الإجراءات الروتينية المطلوبة على صعيد مجلسي الوزراء والنواب، والمعاملات الإدارية في ديوان المحاسبة، من أجل الرقابة المُسبقة"، وفق المصادر ذاتها.

وفي سياق الخطوات المطلوبة على هذا الصعيد، أشار عضو لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية النيابية، فادي سعد، إلى أن "مجلس النواب لم يتلقَ أي مشروع قانون من قبل الحكومة لإقرار قانونٍ لتشريع استقدام القرض، علماً أن الهبات والمساعدات تحتاج إلى قوانين، والبرلمان لا يمكنه أن يتحرك حيال هذا الأمر إلّا بعد مجلس الوزراء".

وفي اتصالٍ مع "الأنباء" الإلكترونية، نبّه سعد "للتغيّر الكبير الذي حدث على صعيد الظروف الاقتصادية والاجتماعية في ظل الإنهيار الاقتصادي، وتراجع قيمة العملة الوطنية توازياً وقيمة الأجور، بالإضافة إلى موجات صرف الموظفين، فيجب الأخذ بهذه الظروف أثناء توسيع قاعدة بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية لتشمل مختلف ما يُمكن تسميتهم بالفقراء الجُدد، بعد انحسار الطبقة الوسطى"، مطالباً بـ"وضع معايير واضحة ومحددة لتفادي أي استنسابية أو زبائنية".

وحول صرف القرض بالليرة اللبنانية بدل الدولار، أدرج سعد هذا الإجراء ضمن "الخطوات المالية العشوائية" التي يقوم بها فريق الحكم، واعتبر أن "هذه المبالغ سيعود صرفها على سياسة الدعم التي تستهدف التجار والمهربين". وختم حديثه مشدداً على "وجوب أن تتحمل السلطة الحاكمة المُتمثّلة بالأكثرية النيابية لمسؤولياتها، في ظل الإنهيار إزاء رفضها للقيام بواجباتها تجاه المواطنين".