Advertise here

الأخضر الإبراهيمي: هل يكون الحل الجزائري؟

13 آذار 2019 10:15:00 - آخر تحديث: 13 آذار 2019 14:41:06

أحرزت الإنتفاضة الشعبية الجزائرية خطوة متقدمة على خط التغيير الرئاسي بإعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عزوفه عن الترشح لدورة رئاسية خامسة.

لكنه خرق الدستور بإعلانه تمديد موعد الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها يوم 18 نيسان المقبل، كما انه أقال رئيس الوزراء أحمد أو يحيى وعيّن بديلاً منه نور الدين بدوي الذي كان وزيراً للداخلية.

ولم تكن لهذه الخطوة التي أقدم عليها النافذون في القيادة باسم الرئيس أصداء مطمئنة الى ان هذه القيادة سوف تخلي الساحة السياسية لشخصية مدنية من القيادات الشعبية الإصلاحية التي تمتلك مواصفات المرشح الذي تتطلع إليه الجماهير المنتظمة في شوارع العاصمة وساحاتها في الضواحي والملحقات وترفض إخلاءها قبل توجيه الدعوة لانتخاب رئيس جديد في أقرب موعد ممكن.

ويقول بعض القادة السياسيين وممثلو جبهات العمال والمنظمات الشعبية، وبينهم سيدات ناشطات في المجتمع المدني والنقابي، ان الرسالة التي تليت باسم الرئيس بوتفليقة بعد عودته الى البلاد من المستشفى السويسري محشوّة بالالغام المموهة، منها "عزمه على بعث تعبئة أكبر للسلطات العمومية"، وإجراء تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة" ما يعني أن ثمة مخططاً مكتوماً لإبقاء مؤسسات الدولة والمصالح العامة تحت سلطة القيادة العسكرية.

ملاحظات كثيرة مكتومة، ومعلنة، تتابعت بعد إعلان عودة بوتفليقة إلى العاصمة الجزائرية، منها: لو ان الرئيس المريض قادر على اطلالة قصيرة امام الشعب بعد عودته من المستشفى السويسري، لربما كان باستطاعته ان يرفع يده بالتحية...وكفى...

لكن الرئيس اكتفى، وربما القيادة العسكرية إكتفت بنشر مقتطفات من رسالة نسبت الى الرئيس، جاء فيها: "لقد تابعت كل ما جرى، وكما سبق لي أن أفضيت إليكم، أني أتفهم ما حرك تلك الجموع الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا هذا الاسلوب الذي لا يفوتني مرة اخرى ان انوّه بطابعه السلمي".

وما لفت الاهتمام بعد وصول الرئيس الى جناحه الخاص أنه إستقبل، مباشرة الديبلوماسي السياسي الشهير الأخضر الإبراهيمي الذي تولى وزارة الخارجية الجزائرية في مطلع عهد الرئيس الجزائري الشهيد محمد بوضياف (1992) بعد إنقلاب سلمي على الرئيس الاسبق الشاذلي بن جديد. فهل دعي الديبلوماسي العريق الذي تولى المهمات الصعبة بصفة ممثل الامين العام للجامعة العربية في مرحلة عذاب لبنان خلال عقد التسعينات من القرن الماضي ثم عاد وقبل مهمة الموفد الدولي للدخول في محاولة لتطويق إنفجار الثورة السورية في محافظة درعا سنة 2010؟..

هل دعي هذا الجزائري المخضرم للقيام بدور لحل أزمة شعبه مع حكمه؟.. كان عنوان دعوة الابراهيمي الى القصر الرئاسي يوم الاحد الماضي الدعوة لعقد "ندوة وطنية" (تعقد قبل نهاية هذا العام!) وتعد مشاريع إصلاحات تكون "أساساً لنظام جديد" للجزائر تأتي بعدها "حكومة كفاءات"، ثم تتبعها "ندوة وطنية مستقلة تعد لاصلاحات ستشكل أساساً لنظام جديد للجزائر"، على أن تكون هذه الندوة برئاسة شخصية مستقلة..

فهل دعي الاخضر الإبراهيمي إلى قصر المرادية لتكليفه رئاسة تلك الندوة الواعدة بانتقال الجزائر الى عصر جديد؟.. وهل تكون تلك الندوة، إذا إكتملت، فرصة إختبار للشخصية الرئاسية التي ستتولى رئاسة الجزائر بعد عبد العزيز بوتفليقة؟ وهل تكون الجزائر موعودة برئاسة الأخضر الإبراهيمي؟

خمس وخمسون سنة مضت على إنتصار ثورة الجزائر، وبين الملايين المحتشدة في الشوارع والساحات العامة هناك قامة ما زالت منتصبة تمشي في مقدمة التظاهرات... هي قامة المناضلة التاريخية جميلة بوحيرد التي كافحت بالسلاح، وعانت سجن الاستعمار الفرنسي، هي ورفيقاتها اللواتي أضفين على الثورة وهجاً خلاقاً للشجاعة والبطولة، ودخلت أسماؤهن في أدبيات رموز من النخب الثقافية الفرنسية التي كانت مع ثورة الجزائر ضد المستعمرين من شعبها، وجيشها، ودولتها في ذلك الزمن.. وخمس وخمسون سنة، ولم تبلغ الجزائر بعد، الاستقلال الذي يعني الحرية، والديموقراطية، والعدالة، والقرار الوطني الحرّ.