Advertise here

الفرصُ حياتُنا

23 كانون الثاني 2021 08:30:00 - آخر تحديث: 23 كانون الثاني 2021 22:54:38

على شاطئ الفرصِ، وعلى ضفافِ التحدي، مغامراتٌ تُولد من رحم الطُموح والأملِ. في الواقع يوجد حلم، وفي الحلم يوجد واقع، وبين الحلم والواقع هدفٌ. فالإنسان بطبيعته يحلم ويطمح لتحقيق أهدافه متناسياً ما يكتبهُ الوقت من تحديات في كُتب النّدم. 

تحملُ الحياة في أعماقها العديد من المغامرات، وتختبئ في أجوافها فرصٌ تتماشى مع عقارب الزمن، لتبقى الإرادة والعزيمة الطريق نحو بلوغ الغاية والأهداف. وعندما تبدأ الحياة سباقها مع الإنسان، تصرخ دهاليز أهدافنا متسائلةً: ما أهمية الإقدام وعدم التردد؟ وكيف يُعتبر الوقت مرتبطاً بالأهداف والغايات؟ 

الوقت نعمة من الله سبحانه تعالى علينا، فهو كنزٌ إن لم نغتنمه في الخير ذهب. والوقت كالروح إذا خسرها الجسد لا يمكن أن يسترجعها. كما أن الوقت هو ما يجعل الحياة ذات قيمة مليئة بالمواجهات التي تساعدنا على بناء شخصيتنا ورسم مستقبلنا ومصيرنا. أمّا إضاعة الوقت فهي أشد من الحزن، لأنّ الحزن  يتلاشى ويموت مع مرور الزمن، لكنّ الوقت لا يتكرّر مهما تنوّعت الفرص. بالإضافة إلى أن استغلال الوقت بالطّريقة المفيدة يعود إلى حكمة الإنسان في إدارة وقته من  خلال قدرته على العزم والقوّة في سبيل تحقيق أهدافه ملتزماً بما تطلبه خصائص الوقت من سرعة واجتهاد في آنٍ معاً. فالنّدم عند الإنسان يبوح بظلامه عندما تغيب الفرصة مع مرور الزمن. 
ويؤدّي إهمال الطالب لدروسه وواجباته إلى رسوبه في الامتحانات، وبالتالي يشعر بالندم حيال كسله متمنّياً أن يعود به الزمن إلى الوراء، فيحقّق ما لم  يستطِع تحقيقه بسبب عدم إعطاء وقته الحقّ الكافي. الوقت كفيلٌ بتغيير معادلات الحياة، ولديه القدرة على تغيير جميع الموازين والمسارات في حياة الفرد، فمن الممكن أن يحطّم مستقبلاً، أو يحقّق حلماً. فالوقت الذي يتضمّن الفرص لا يُعاد ولا يتكرّر، لذا عمل الغد يبدأ من اليوم، لأنّ للغد عملٌ آخر. فالعديد من الدراسات أثبتت أن الأشخاص الّذين يقومون بتنظيم وقتهم بطرق إدارية هم الأكثر نجاحاً. أمّا الإصرار على بلوغ الهدف فهو الطّاقة الوحيدة الّتي يمكن للإنسان الاستعانة بها لتحويل الوقت إلى نجاح. فالإنسان الّذي يسعى نحو طموحاته بإمكانه أن يقدّر قيمة الوقت ويستغلَّهُ بالدروب الّتي تخدم غايته وهدفه. وقد جاء في قول  رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ''الوقت كالسّيف إن لم تقطعه قطعك''. حيث دعا الرّسول عبر قوله المؤمنين للاستفادة من الوقت لتحقيق أهدافٍ سامية، لأنّ الوقت لا يرحم في نتائجه. لكنّ العديد من الفلاسفة اعتبروا أنّ الإنسان هو من يصنع الوقت إذا أراد. فذلك يعني أن وجود الوقت وغياب الإصرار يُؤدّيان إلى الفشل الحتميّ. وإذا استغلّ الإنسان الوقت، فينبغي عليه أن يستثمره لخدمة نفسه ومجتمعه من أجل بناء بيئةٍ حضاريّة إداريّة ذات قيمة.

تمرّ الأيّام، ويمضي بنا العمر، وتبقى إنجازاتنا هي من تمثلّنا في الحياة. العمر غفلة، وما أصعب أن يمرَّ بنا ونحن ما زالنا غارقين في سباتٍ عميق! 

هلمّوا يا أبناء جيلي لنستغلّ كلّ لحظات العمر بالعمل والاجتهاد، فإنّ الحياة للأقوياء في نفوسهم لا للضُعفاء. هل يموت المستقبل إذا ماتت الفرصة؟ أم أنّ الفرص عديدة، لكن ليست جميعها قيد التّكرار؟

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".