Advertise here

مــن يسقــط سيــدر؟

17 كانون الأول 2018 01:00:00 - آخر تحديث: 18 كانون الأول 2018 21:19:32

قدمت وزارة المال ملخصا للوضع المالي للاشهر الستة الاولى من السنة يتعارض مع شروط مؤتمر سيدر من ناحية ضبط المالية العامة واصلاح الكهرباء، ولا يأخذ في الاعتبار تحذيرات المؤسسات المالية الدولية من إرتفاع المخاطر الخاصة بلبنان وخفض النمو الاقتصادي وتقلص التدفقات المالية وتدهور المالية العامة وتنامي الدين العام، واستنفاد فعالية الادوات المالية التي يستخدمها المصرف المركزي (الهندسات المالية) واضطراره الى الاستعانة بالادوات النقدية التقليدية (الفوائد العالية وتعقيم السيولة) المكلفة على الاقتصاد لحماية الاستقرار النقدي.
يتضمن ملخص الوضع المالي المعطيات التالية:

1- العجز الاجمالي (الموازنة والخزينة): مرتفعا جدا اذ يصل الى 4577 مليار ليرة مقابل 1368 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام 2017 أي بزيادة كبيرة تصل الى 3208 مليار ليرة ونسبتها 234% نتيجة زيادة ملحوظة في الانفاق العام بنسبة 25.72% وتراجع الايرادات العامة بنسبة 5.71%.

2- الانفاق العام: إزداد حوالي 2496 مليار ليرة للاسباب التالية:

- الرواتب والاجور وملحقاتها: إزدادت اكثر من 900 مليار ليرة نتيجة المغالطات وعدم الدقة في تقدير كلفة سلسلة الرتب والرواتب ومعاشات التقاعد اضافة الى التوظيفات العشوائية والسياسية. 

يفترض على الحكومة تجميد فعليا التوظيف لمدة سنتين لضبط الكلفة المرتفعة لموظفي القطاع العام.

- خدمة الدين ارتفعت حوالي 513 نتيجة زيادة معدلات الفوائد بعد الازمة السياسية في تشرين الثاني 2017، ونتيجة إرتفاع معدلات الفوائد عالميا والمنافسة الاقليمية لاستقطاب التدفقات المالية، وضعف نمو الودائع المصرفية وأخيرا بسبب العجز الكبير في المالية العامة ما يزيد من المخاطر السيادية.

يقتضي على الحكومة وضع آليات بالتنسيق مع مصرف لبنان والقطاع المصرفي لخفض كلفة الديون المرشحة للارتفاع بشكل كبير في المرحلة المقبلة.

- قطاع الكهرباء: إزداد العجز حوالي 275 مليار بسبب ارتفاع اسعار النفط عالميــا حوالـــي 29% من 53 دولار لسعر برميل النفط وسطيا الى 69 دولار. يعتبر اصلاح القطاع بشكل شامل وجذري وغير مؤقت بالشراكة مع القطاع الخاص أولوية في المرحلة القادمة

- نفقات متنوعة لصالح مجلس الانماء والاعمار ووزارة الاشغال والهيئة العليا للاغاثـــة: إزدادت حوالي 364 مليار ليرة لاسباب إنتخابية وسياسية.  يفترض على الحكومة ضبط عمليات الهدر والفساد وتعزيز دور الهيئات الرقابية. 

إزاء العجز الكبير في المالية العامة أعلن وزير المال انه "ما في معنا ليرة واحدة في إحتياطي الموازنة" ما يعني حسب المادة 26 من قانون المحاسبة العمومية ما يلي:

- إن الاعتمادات المرصودة في موازنة 2018 في باب "إحتياطي الموازنة" المقدرة 700 مليار ليرة قد استنفدت بشكل كامل أي لم يعد يوجد إعتمادات إحتياطية لتغذية نفقات بعض الوزارات (معاشات التقاعد، الرواتب والاجور، مساعدات المرض، الادوية...) أو إعتمادات للنفقات الطارئة والاستثنائية (الهيئة العليا للاغاثة، المطار، قروض الاسكان...)

- إن الحكومة مضطرة الى الاستدانة لتغطية الاعتمادات الاضافية التي أقرت في الجلسة التشريعية الاخيرة (الادوية، سلفة الكهرباء...)

3- الايرادات العامة تراجعت حوالي 5.71% أي 532 مليار ليرة نتيجة تراجع الايــرادات الضريبيــة 230 مليار ليرة، والايرادات غير الضريبية 169 مليار ليرة للاسباب التالية:

- الايرادات الضريبية: تراجعت بنسبة 3.24% رغم إتخاذ الحكومة 17 إجراءا ضريبيا لتمويل سلسلة الرتب والرواتب (مغالطات في تقدير الواردات) تلحظ الايرادات الضريبية زيادة إيرادات ضريبة الدخل على الرواتب والاجور (17.90%) وزيادة ملحوظة لايرادات الضريبة على فوائد الودائع لدى المصارف (74%) وإيرادات الضريبة على القيمة المضافة (10.16%) وايرادات رسوم الاستيراد (6%). في المقابل تلحظ إنخفاض الرسوم العقارية نتيجة جمود القطاع العقاري وتراجع مبيعاته، وإنخفاضا ملحوظا لايرادات ضريبة الدخل على الارباح نتيجة معاناة ومشكلات المؤسسات والمهن الحرة، ورسوم التبغ والتنباك (46%) نتيجة صعوبة الوضع المعيشي والاجتماعي وتراجع الاستهلاك. 

- الايرادات غير الضريبية: إنخفضت 264 مليار ليرة ونسبتها 16.93% نتيجة عدم رصد ايرادات لمرفأ بيروت، وانخفاض ايرادات الاتصالات ومطار بيروت الدولي.

تشير أرقام المالية العامة الى ان العجز السنوي سيتجاوز 9000 مليار ليرة ونسبته 11% من الناتج المحلي بعد اضافة الاعتمادات الاضافية (1177 مليار ليرة) التي أقرت في الجلسة التشريعية الاخيرة، وأن الدين العام سيتخطى 85 مليار دولار ونسبته 157% من الناتج المحلي ما يهدد بسقوط "سيدر" وخسارة التعهدات المالية وينذر بكارثة مالية حتمية اذا لم تتخذ الحكومة الجديدة في مشروع موازنة 2019 خطوات إصلاحية وإنقاذية.
 

*خبير إقتصادي