Advertise here

بين العهدين... الأسماء فقط تتغير

20 كانون الثاني 2021 17:56:37

"إقرار قانون لضمان استقلال الهيئات القضائية بحيث يغدو الخطوة الأولى لاعتماد مبدأ فصل السلطات الذي هو أساس المجتمع الديمقراطي". 

هذا هو أحد أهم المطالب التي تقدّم بها النواب الإصلاحيون عام 1946، لرئيس الجمهورية آنذاك، بشارة الخوري، وكان على رأسهم المعلّم كمال جنبلاط، وذلك بالإضافة إلى الكثير من الإصلاحات الأخرى التي نادى بها هؤلاء النواب في ذلك الوقت ضمن "المذكرة الإصلاحية"، من تعديل قانون الانتخاب ليؤمّن عدالة التمثيل في المجتمع اللبناني، بعيداً عن الطائفية ومخلّفات الانتداب، واللّا- مركزية الإدارية التي تختصر على المواطنين مشقّة الوصول إلى العاصمة بيروت، وأماكن أخذ القرار، لتخليص معاملاتهم، بالإضافة إلى مطلبٍ بالغ الأهمية أيضاً، وهو إقرار "قانون التوظيف". 

يهدف هذا الأخير إلى إلغاء "المحسوبيات" والتدخّلات السياسية في التوظيفات والترقيات الخاصة بإدارات الدولة ووظائفها، والمنصاعة لأهواء السلاطين، والتي كانت من مخلفات الانتداب آنذاك، وباتت كلها حرفةً لبنانية في عهود كثيرة بعد الاستقلال، ولا سيّما العهد الأبرز، والذي يأخذ علامة امتيازٍ فيه، وهو عهدنا اليوم. إذ، ورغم وجود قوانين تحمي من التوظيف العشوائي، ووجود مجلس خدمة مدنية لتحصين الكفاءة وحمايتها من الابتزاز، إلاّ أنّ الطائفية لا تزال الأقوى بينها.

في مطالعةٍ سريعة وعميقة لتلك المطالب عام 1946، يتبيّن لنا أن تلك "المذكرة الإصلاحية"، التي طرحتها المعارضة آنذاك، لا تزال تصلح ليومنا هذا، وللعهد الذي نعيشه اليوم مع الكثير من المقاربات والحقائق المشتركة.

وما بين عودة بشارة الخوري وتسلّمه الرئاسة عام 1943 بعد الاستقلال، وهو الذي كان لديه باع طويل، وبين عودة الجنرال من المنفى وتسلّمه الرئاسة عام 2016، وما بين العهد الأوّل بعد الاستقلال، وبين العهد القوي، الذي لربما يكون الأخير منه إلّا أن الفساد، وعدم الإنصات، والتنكّر للحقيقة ذاتها، قواسم مشتركة.

ما بين العهدين سلطانان حاكمان بأمرهما، تكون في منازلهما  التعيينات، والصفقات والقوانين، وتعطيل عجلة الدولة. يُغرقان البلاد في أعمالهما البعيدة كل البعد عن بناء وقيام دولة ديموقراطية مستقلة وحرّة، محاولَين استعباد المواطن واستغلاله لمصلحتهما العليا، وأطماعهما وطموحاتهما. فالأوّل عهد السلطان سليم، واليوم عهد السلطان جبران.

ما بين الأمس واليوم، ما بين بشارة الخوري وميشال عون، ما بين سليم وجبران، الانهيار والانحلال ذاته. ولربما تكون النهاية ذاتها لمصلحة الوطن والمواطن، ولكن قبل نهاية الولاية الأولى من عهد اليوم.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".