سؤالٌ يطرح نفسه دوماً وأبداً، وخاصة من جيلنا الذي واكب وعاش مرحلة الحركة الوطنية اللبنانية: لماذا لا يقوم وليد جنبلاط بالدعوة لتأسيس جبهة معارضة للوضع العام السائد على الساحة اللبنانية؟
جبهات وتحالفات متعددة قامت على الساحة اللبنانية منذ الاستقلال وحتى اليوم، بدأت بالجبهة الاشتراكية الوطنية، واستمرت بعدها سلسلة تحالفات منها الوطني، ومنها الإقليمي، ومنها المذهبي. والعدد كبير ولا فائدة في التعداد.
لقد وصلنا إلى وضعٍ في لبنان بمشاكله الاقتصادية والصحية والإقليمية، يتطلب حلاً إنقاذياً لحفظ هذا الشعب الذي عانى الأمرَّين من المشاكل التي تعرّض لها.
ولأجل ذلك فلنبسّط المشكلة بالقول إنّ في لبنان تيارين:
الأول: تيار الطائف بكل أسبابه وبنوده، كونه هو دستور البلاد، ويمكننا تسمية هذا التيار بالدستوريين.
الثاني: تيارٌ معارض للطائف يدعو إلى مؤتمرٍ تأسيسي جديد عنوانه إكمال ارتباط لبنان بإيران، وتثبيت المثالثة، والعمل لتنفيذ اتفاق مار مخايل، وجبران رئيساً للجمهورية.
وفي خضم هذه المعادلات يبرز موقف وليد جنبلاط مميّزاً كعادته، يسمّي الأمور بأسمائها، ويضع الإصبع على الجرح، ويتناغم موقفه مع موقف حليفه الدائم، أي الشعب.
فماذا يقول جنبلاط؟
1- ضرورة تشكيل حكومة فورا تحفظ ما تبقّى من البلد.
2- الكشف عن حقيقة جريمة انفجار المرفأ.
3- تعديل قانون الانتخاب على أساسٍ لا طائفي.
4- إجراء انتخابات نيابية وفق هذا القانون الجديدة تؤسس لتغيير فعلي في الحياة السياسية.
5- ملاقاة البطريرك الماروني في الدعوة إلى تحييد لبنان.
لماذا باقي الطبقة السياسية لا تلاقي جنبلاط في طرحه؟
لماذا لا أحد من الأحزاب السياسية داخل السلطة وخارجها يلاقي طرح جنبلاط؟
لماذا؟ ولماذ؟ وعشرات من الأسئلة التي لا جواب عليها، ربما سوى الحقد المتمرّس في هذا العهد القائم على التبعية الخارجية في جميع مواقفه، والذي لا يهمّه تدمير العاصمة على أهلها وقد مضت ستة أشهر على انفجارها، وهو ما يذكّرنا بلحود عندما علّق على اغتيال رفيق الحريري بـ "زعرنات أولاد".
عودٌ على بدء، مع مَن نتحالف في هذا الوطن الذي تتناتشه المصالح الطائفية الضيّقة والارتباطات الخارجية ذات الفاتورة المرتفعة على الوطن والشعب؟
لا تحالف لنا إلّا مع هذا الشعب الطيّب الأبي الممتد من الناقورة جنوباً إلى وادي خالد شمالاً. شعبٌ أبيٌ صادقٌ خرج من عباءة الطائفية الهدّامة لنبني سوياً وطن الكفاية والعدل، ولنسترجع حلمنا القديم المستمر الذي وضعه لنا كمال جنبلاط في "مواطن حر وشعب سعيد". حلمٌ عشناه، وسنعمل دوماً من أجل تطبيقه.