Advertise here

المخرج الدستوري في ظل الأزمة الحكومية

19 كانون الثاني 2021 16:19:15

لطالما كان لبنان يعاني من أزمةٍ حكومية، فطبخة الحكومات في لبنان تأخذ وقتاً طويلاً في ظل تعدّد الطبّاخين داخل المطبخ الطائفي، والنزاع الدائم على الحصص. إذ أنه ليس بجديد أن تأخذ فترات التشكيل شهوراً، كحكومة الرئيس تمام سلام في العام 2014، والتي أخذ وقت تشكيلها ما يقارب 11 شهراً، وحكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2015، والتي استغرق تشكيلها 8 أشهر. أمّا اليوم، وبعد استقالة الرئيس حسان دياب في العاشر من آب الماضي بعيد انفجار المرفأ ووسط الأزمة الاقتصادية والصحية على مستوى البلاد، والقطيعة ما بين رئيس الجمهورية، ميشال عون، والرئيس المكلّف سعد الحريري. فهل هو دستوري ومنطقي أن تبقى السلطة التنفيذية في البلاد وسط شللٍ جزئي، أو ما يُعرف بتصريف الأعمال نتيجة الكباش السياسي الدائم على الساحة اللبنانية؟ 

دستورياً، مهمة التشكيل الحكومي أناطها الدستور اللبناني بالرئيس المكلّف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وذلك وفق المادة 53، الفقرة 2 و4، إذ نصّت على مسؤولية رئيس الجمهورية بإصدار مرسوم تسمية رئيس الحكومة، وباصدار مرسوم تشكيل الحكومة وتوقيعه الى جانب توقيع رئيس الحكومة وفق المادة 64. لكن تبقى المشكلة في أن الدستور اللبناني لم ينص على مهلةٍ محددةٍ لتشكيل الحكومة، بل اقتصر الاجتهاد على الحديث عن المهلة المعقولة دون أي تعريفٍ أو شرحٍ أكبر. أما بالنسبة لسحب التكليف من الرئيس المكلّف فقد نصّ الاجتهاد الدستوري على عدم إمكانية سحب هذا التكليف إلّا في حال اعتذار الرئيس المكلف، أو في حالاتٍ تمنع الشخص من ممارسة مهامه، مثل حالات المرض والقوة القاهرة المتعلقة بشخص الرئيس المكلّف. 

يعود هذا النقص حسب الخبراء الدستوريين إلى عدم إمكانية إعطاء رئيس الجمهورية (السلطة المارونية الأولى) صلاحية عزل رئيس الحكومة المكلّف (السلطة السُنيّة الأولى)، وبالتالي إجبار جهتَي السلطة التنفيذية على التعاون والتوافق في الحكم. 
والمشكلة الأكبر تبقى في ارتباط تشكيل الحكومة بالقوى السياسية الممثّلة داخل المجلس النيابي، كونها هي التي تمنح الثقة للحكومة في جلسةٍ يُفترض أن يحضرها أكثر من نصف عدد النواب، وأن تنال ثقة نصف عدد النواب الحاضرين،  وبالتالي لا بدَّ من توافق وقبول معظم الكتل النيابية، وذلك لتأمين النصاب الدستوري والثقة الدستورية.
بالاستناد لكلّ ما ذُكر آنفاً، (يمكننا القول بأنّه) لا مخرج دستورياً، إلّا بالتوافق والحوار بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف من جهة، وبينهما والكتل النيابية من جهةٍ أخرى. 

أما للحل الجذري لمشكلة التكليف الحكومي الدائمة فلا بد من ان يكون عبر إيضاح المسؤوليات التي تقع على كل طرفٍ يماطل في تشكيل الحكومة، خاصةً وأن هناك بعض الآراء التي تعتبر أن رئيس الجمهورية يماطل عمداً، واعتماده في غضون ذلك على قرارات المجلس الأعلى للدفاع وكأنه حكومة عسكرية مصغرة، فهل فعلاً قرارات مجلس الأعلى للدفاع تعوّض تشكيل الحكومة؟

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".