Advertise here

تجاذبات تُجمّد ترشيد الدعم.. الحوّاط: لقرار صارم بوَقف التهريب

19 كانون الثاني 2021 10:18:58

تدور البلاد في حلقة مفرغة وتُعيد الأسئلة طرح نفسها مع إضافة علامة تعجّب حول الخلفيّات التي تحول دون تغيير في الواقع حتى الآن. وتبرز بين العناوين الشائكة علامة استفهام عريضة تسأل عن الأسباب التي تحول دون اتّخاذ الحكومة القرار الواضح بإصدار بطاقات تموينية لا بدّ أن تستفيد منها العائلات الفقيرة قبل العمل على رفع الدعم. 


تشير المعطيات المتوافرة لـ"النهار" من مصادر مطّلعة عن كثب على الكواليس، إلى أنّ عدم اتخاذ قرار رفع الدعم أو ترشيده بالحدّ الأدنى سببه الأوّل الخوف من تبعات القرار شعبيّاً ومحاولة إرجائه قدر المستطاع، في غياب توصّل الحكومة حتى الآن إلى جردة واضحة للتعويض على العائلات الفقيرة بسبب عدم توفّر إحصاء دقيق بكامل أسماء الأسر التي أصبحت مصنّفة فقيرة وتحتاج بدورها إلى مساعدات وبطاقات تموينيّة. وتحتاج جدولة العائلات الأكثر فقراً إلى تعديلٍ ما يسمح بتأمين المساعدات إلى أكثر من 200 ألف عائلة، حيث المطلوب التنظيم تزامناً مع رفع الدعم وسط معطيات تؤكّد وجود نزاع سياسي بين قوى حاكمة، تدور حول الأسماء التي ستستفيد من الدعم. 


وفي معطيات المصادر المطّلعة من منطلق تقني واقتصادي، فإنّه طالما أنّ فارق السعر كبير في صفيحة البنزين مثلاً، فإنّ الوقود سيبقى عرضة للتهريب، فيما يتمثّل الحلّ الأفضل في تأمين البدائل للعائلات الفقيرة ورفع الدعم أو خفضه تدريجاً في مرحلة أولى - على الوقود بشكل خاص - بهدف أن يلامس سعر الصفيحة لبنانياً سعرها في الأراضي السوريّة، ما يحدّ من التهريب ويكبح المهرّبين الذين يحقّقون أرباحاً طائلة نتيجة فارق الأسعار، مع الاشارة إلى أنّ الاتجاه الحكومي ينحو إلى رفع سعر صفيحة البنزين تدريجاً على مراحل إلى 40 ألف ليرة فـ60 ألفاً حتى تقارب في النهاية الـ100 ألف، حيث ترى المصادر أن لا خيارات إلا بالتأقلم مع الواقع من خلال العمل على زيادة الرواتب، علماً أن الوضع لن يعود إلى ما هو قبل الأزمة الاقتصادية، إلا إذا تحقّق نهوض استثماري وسياحي على مدى سنوات مقبلة. 


ومن المضحك المبكي أنّ الأشهر مضت وعلامات الاستفهام والاستغراب لم تتبدّل في موضوع التهريب المستفحل أيضاً، في وقت يدقّ عضو تكتّل "الجمهورية القوية" النائب زياد الحوّاط الذي يواكب هذا الملف، ناقوس الإنذار في قوله لـ"النهار" إنّ "التهريب لا يزال قائماً ومنظّماً وممنهجاً وليس باستطاعة أحد إيقافه لأنّ القسم الأكبر منه مغطّى من حزب الله الذي يعتمد على التهريب كأحد أبرز دعائم اقتصاده المضارب، فيما تعمد الدولة اللبنانية إلى التباهي بإيقاف شاحنات صغيرة غير منخرطة في عمليات التهريب الممنهج الذي لا تستطيع الاقتراب منه أو إيقاف شاحناته". ويرى أنّ "التهريب تسبّب بخسارة مليارات الدولارات ولم يعد جائزاً استمرار الوضع على ما هو، أمّا الحلّ فيكمن في قرار سياسي جديّ ورسميّ من الدولة بإيقاف التهريب عبر ضبط المعابر الشرعية منها وإقفال غير الشرعية وضبط الحدود، في وقت يغيب أيّ قرار سياسي جديّ بوضع حدّ للتفلّت الحدودي القائم في ظلّ اختطاف البلاد من حزب الله. ولا يمكن التعويل على حلول إذا لم ينعقد المجلس الأعلى للدفاع بشكل دوري وإعطاء القوى الامنية - ولا سيما الجيش اللبناني - الضوء الأخضر لضبط الحدود بشكل حازم والتواصل مع المجتمع الدولي لتأمين كل مستلزمات ضبط الحدود من أبراج مراقبة وأجهزة تقنية متطورة". 


ويحذّر الحوّاط من "أننا بتنا في قلب كارثة مالية - نقدية ولم يعد احتياطي مصرف لبنان قادراً على إنعاش اقتصاد لبنان، فكيف يمكن أن ينعش بلدين إضافةً إلى التهريب إلى دول أخرى؟ يتوجّب على رئيس الجمهورية مسؤولية تاريخية ووطنية للحدّ من الانهيار وعمليات التهريب الممنهجة وعلى الحكومة التصرّف لأن تصريف الأعمال لا يعفيها من مسؤولية الحفاظ على المصلحة العامة. لا نزال ننتظر ترجمة الدعوة التي وجّهها رئيس الجمهورية في أيار 2018 قبل الانتخابات النيابية السابقة، إلى طاولة حوار للبحث الجديّ في الاستراتيجية الدفاعية. فأين هي هذه الدعوات والاجتماعات؟ ولماذا لم تتبلور حتى الآن؟"، مضيفاً: "لا يستطيع حزب الله أن يستمرّ في وضعه الحالي ممسكاً بمفاصل البلد وأن يفتح على حسابه في قرارات الحرب والسلم وفي زجّ لبنان بصراعات المنطقة تنفيذاً لحسابات المحور الممانع ما أدخل لبنان في عزلة عربية ودولية وحصار اقتصادي. وعليه أن يدرك أخيراً أنّه لا يستطيع اختطاف لبنان إلى محور لا يمتّ اليه بصلة ولا يشبه الشعب اللبناني، وأن يعي بأن صواريخه وارتباطاته الخارجية وتغطيته عمليات الفساد لحلفائه قد أفلست لبنان". 


وفي موضوع رفع الدعم، يشدّد الحوّاط على "أننا لا نزال ننتظر خطة الحكومة المستقيلة في هذا الموضوع مع التأكيد على أهمية وضع دراسة واضحة ومعمّقة، وإلا فإن الوضع يتّجه إلى كارثة معيشيّة حيث لا يمكن اتّخاذ هكذا قرار عشوائيّاً، ومن الضروري بلورة إعادة مسح شامل للفئات المحتاجة وتوجيه الدعم إليها من طريق البطاقات التموينية وإبعاد هذا الملف عن زواريب السياسة وعصابات الاستزلام والمحميات. ومن الضروري التنسيق مع البنك الدولي والمنظمات الدولية التي لا بدّ من أن تشارك وتشرف على المسح الشامل. كما يستوجب الأمر إعادة دراسة هيكلة القطاع العام وزيادة رواتب الموظفين المنتجين وفصل الذين يتقاضون رواتب في الادارات من دون إنتاجية، وهي في جميعها قرارات أساسيّة"، مؤكّداً أن "البدء الجدي بوقف الفساد والهدر في الوزارات والمؤسسات العامة يتطلّب حكومة مهمّة تتشكل بأسرع وقت لتعطي الثقة للمجتمعين الدولي واللبناني بعيداً عن المحاصصة الحزبية المدمّرة، فيما لا يزال البعض يتعاطى بموضوع تشكيل الحكومة بذهنية الحصص والمصالح وكأن البلد بألف خير".