Advertise here

التفاوض السوري - الإسرائيلي بعيداً عن الجولان يُسقط مبرّر سلطة البعث

18 كانون الثاني 2021 23:47:58

بالرغم من تحالف دمشق الاستراتيجي مع طهران منذ أكثر من عقد، فإنّ تفاوض دمشق - تل أبيب برعايةٍ تركية يهدف، على الأقل، لكسر الاصطفاف الدولي والإقليمي ضدّها، وهذا ما حدث بالفعل.

تعلّم سوريا أن الهدف التركي من رعاية المفاوضات السورية - الإسرائيلية يتمثّل في سحب رافعة إيران الإقليمية في المشرق العربي، وبالتالي تفكيك الحضور الإيراني في المنطقة. 

لكن سوريا تترك الباب مفتوحاً أمام الأطراف كافة فتصبح في وضعٍ يمكنها معه "استدراج العروض" دون حسم خياراتها حتى اللحظة الأخيرة، لكنّها فقدت هذا الموقع حالياً. 

إنّ النظام السوري بعد خروجه منهكاً من الحرب السورية المستمرة أصبح تحت المقصلة الإيرانية التي شدّدت قبضتها على سوريا والعاصمة دمشق، والمحافظات المجاورة، ولا سيّما بمسك الأساس المادي من المنشآت والقواعد، ودور الميليشيات الموالية لها، وصولاً إلى الاستملاكات والاستثمارات الواسعة وغيرها.

وبعد ضعف الدور التركي في سوريا، والنقاط الخلافية حول الموضوع السوري، أصبحت دمشق بحاجةٍ ملحةٍ لإنقاذ ما بقي من السلطة وآل الأسد الذين نخرتهم الخلافات، وتأثير الحصار الخانق، ووضع اقتصادها المأزوم بعد تدمير سوريا. لذلك أصبح اللجوء إلى  موسكو، الطرف الحاسم في دمشق، وبعد تغليبه في الصراع بداخلها لعوامل إدارة السلطة والتفاهم مع الأميركي حول تقاسم الثروات في المنطقة بالرغم من عدم التطابق الكامل. لذلك أصبح الأسد تحت المبضع الدولي، الأميركي - الإسرائيلي- الروسي، والمتوافق على طرد إيران من سوريا، مما يجعله لاهثاً على حجز مكانٍ له في التسوية المقبلة، وحريصاً على أن يقبض ثمناً بخساً بعد أن فقَدَ دوره الإقليمي، وضعُف داخلياً  وعليه أن يلعب دوره المطلوب إسرائيلياً، وتنفيذ شروطها بمواجهة إيران وميليشياتها، وكل ذلك برعاية روسيةٍ نافذة تُملي وتفرض بعيداً عن التمنّي. 

إنّ اللقاء الإسرائيلي - السوري مؤخراً وبحضور روسي في اللّاذقية، إنّما هو حجر في استكمال خريطة التطبيع، والتطويق، والتطويع، وعلى حساب سوريا وإيران. 

تعلم سوريا أنّ نجاح الوساطة الروسية والمنطق الداخلي سيقودان  إلى التراجع في أولوية التحالف مع إيران،  وربما القطيعة، على سلّم اهتمامات صانع القرار السوري.
  
في الاستنتاج، أن نجاح المفاوضات سيكون هزيمةً لدمشق وطهران معاً، وانتصاراً مبيناً لتل أبيب، في ظل استبعاد مبرّر الصراع حول الجولان والأراضي المحتلة عن المفاوضات، لا بل فقدان مبرّر شعارات القضية القومية التي كانت المبرّر الممجوج الظاهري لبناء سلطة البعث، والتي كانت إبّان الرعاية التركية أساساً في التفاوض.

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".