Advertise here

هل حان موعد الرد الإيراني على مقتل سليماني وزاده؟

17 كانون الثاني 2021 12:12:14

تتوالى ضربات الطيران الإسرائيلي لمواقع إيرانية في سوريا، وكان آخرها وأعنفها على منطقة دير الزور والبوكمال، والتي شملت مقرّين للقيادة والسيطرة التابعَين لفيلق القدس ولواء فاطميون، وكتائب "حزب الله العراقي" التابع للحشد الشعبي، و(فرع الأمن العسكري ومقراً بالقرب من مطار دير الزور)، وثلاثة مخازن لتخزين الذخيرة والصواريخ الدقيقة، ورتلين من سيارات عسكرية كانت تهمّ بمغادرة المنطقة نحو موقعٍ في جنوب سوريا بالقرب من الحدود مع إسرائيل.
وُصف ذلك الاستهداف بأنه الأكبر والأشد قسوة ضد مواقع إيرانية في سوريا، لناحية حجم الضربة وكثافتها، والتي قالت الصحف الإسرائيلية إنها كانت تتهيأ للقيام بهجوم صاروخي على إسرائيل خلال الأيام المقبلة. 

مصادر أمنية مطلعة، اعتبرت أن هذه الضربات النوعية ما كانت لتحصل دون تعاونٍ استخباراتي عسكري بين قوات التحالف الدولي وإسرائيل، والذي ظهر إلى العلن لأول مرة على الأرض السورية، وسيكون له تداعيات على الوجود الإيراني في سوريا، وهو ما أكّده مسؤول استخباراتي أميركي بارز لوكالة "أسوشيتدبرس"، حيث قال إنّ "الضربات الجوية نُفِّذت بناءً على معلوماتٍ استخباراتية قدّمتها الولايات المتحدة لإسرائيل، بعد أن تأكّدت منها طائرات الاستطلاع التابعة للتحالف الدولي التي نفّذت طلعات للتجسّس الإلكتروني على طول الحدود جنوب شرق سوريا وصولاً إلى البوكمال، حيث يعتقد العديد من المسؤولين الإسرائيليين أن فيلق القدس سيستغل الفراغ السياسي، الناجم عن انتقال السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، لتنفيذ هجمات صاروخية نحو شمال إسرائيل".
 
وفي سياقٍ متصل نقلت صحيفة "الجريدة الكويتية" عن مصدرٍ مهمٍ في "فيلق القدس"، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، طبيعة المواد التي كانت في المخازن التي قصفتها إسرائيل في سوريا، والتي كانت، "تحتوي على قطع ومحركات لصواريخ بالإضافة إلى طائرات من دون طيار كان يتمّ العمل على تجميعها داخل الأراضي السورية"، إضافةً إلى "وقودٍ جامد يتم استخدامه في الصواريخ المتوسطة المدى. وبعض المخازن احتوت على رؤوس حربية متوازية التفجير"، مشيراً إلى أن "هذه المخازن قد دُمّرت بالكامل في الهجوم".

ونوّهت المصادر الخاصة التي نقلت عنها صحيفة "الجريدة" إلى أن هذه الرؤوس وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية "نُقلت قبل الهجوم بأيامٍ قليلة"، بعد زيارةٍ سريعة لقائد "فيلق القدس"، اللواء إسماعيل قاآني إلى سوريا ولبنان والعراق، وبعد أن تلقت إيران تحذيرات من فريق الرئيس الأميركي المنتخَب جو بايدن، حول تصميم إدارة الرئيس دونالد ترامب على توجيه ضربةٍ لإيران، أو لحلفائها في سوريا أو العراق أو لبنان.
 
من جهته كشف "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها، نفّذت إعادة انتشارٍ واسعة غداة الغارات الإسرائيلية التي أدّت إلى مقتل 57 شخصاً من قوات النظام والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها. وأشار إلى، "إخلاء مواقعها على أطراف مدينتَي البوكمال والميادين، واللّتان تقعان على الحدود مع العراق، موضحاً أن قسماً من الميليشيات انتشر ضمن أحياءٍ سكنية خوفاً من ضربات إسرائيلية جديدة قد تستهدفها".

وفيما ترى المصادر المتابعة أن الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا قد تتضاعف بعد تولي الرئيس بايدن مقاليد الرئاسة الأميركية، وتهدف إلى تثبيت ديمومة الاتفاق الأمني – العسكري (الأميركي – الروسي – الإسرائيلي)، وتأكيد الدور الإسرائيلي في المنطقة، لا سيّما بعد اتفاقات التطبيع الإسرائيلية مع كلٍ من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وبعد توسيع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مهام القيادة العسكرية الأميركية الرئيسية في الشرق الأوسط، وإعادة هيكلتها لتشمل إسرائيل، ما يعني أن القيادة المركزية (أو الوسطى) الأميركية ستشرف على السياسة العسكرية الأميركية التي تشمل إسرائيل والدول العربية.

ووفقَ ما قالت وزارة الدفاع الأميركية في بيان لها نشرته "وكالة الصحافة الفرنسية" إن "تهدئة التوتر بين إسرائيل وجيرانها العرب بفضل "اتفاقات أبراهام"، تعطي الولايات المتحدة فرصةً استراتيجيةً لجمع الشركاء المهمّين ضد تهديدات مشتركة في الشرق الأوسط". وإيران هي المعنيّة بذلك على ما يبدو، وإن لم يذكرها البيان بشكلٍ مباشر.
وقدّر البنتاغون أنه يمكن بالتالي إدارة الروابط العسكرية مع إسرائيل عبر الذراع الشرق أوسطية في القيادة المركزية (سنتكوم) وليس عبر الذراع الأوروبية، ما يسهّل التعاون العسكري في المسائل الإقليمية، ويقرّب المسؤولين العسكريين الإسرائيليين من نظرائهم في دول الخليج.
 
أمام هذه التحولات التي تقابلها طهران بتصعيد سياسي وعسكري وأمني، تجاوز رفع نسبة التخصيب النووي نسبة 20%، وذهب باتّجاه التصعيد العسكري، وزيادة عدد المناورات العسكرية الاستعراضية الاستفزازية، البحرية والصاروخية، وتكرار تهديد القادة الإيرانيين بالانتقام لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ومقتل العالم النووي محسن فخري زاده، وضرب المنشآت النووية في "نطنز"، في وقتٍ أدّى فيه سوء إدارة أزمة كورونا، وتضرّر الاقتصاد الإيراني من العقوبات الأميركية، إلى مضاعفة نسبة السخط الشعبي بوجه القيادة الحاكمة؛ كما ضاعفت عمليات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية خليجية، من قلق إسرائيل من تعزيز قوة التحالف المناهض لها في المنطقة.

كل ذلك يعزّز في نفوس قادة إيران الرغبة العارمة في إظهار القوة أمام الإدارة الأميركية الجديدة، فطهران تنوي تنفيذ سلسلة من التحركات العسكرية والدبلوماسية الهادفة إلى إبراز قوّتها، ورفع قيمة شروطها أمام إدارة بايدن وحلفائها، والقول بأنه لا يمكن العودة إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 في ظل العقوبات المفروضة، ومع فرض قيود إضافية على الصواريخ البالستية والأنشطة التوسعية في المنطقة - وكلاهما خط أحمر لدى الخامنئي، الذي ينظر إلى الانتخابات الرئاسية القادمة بعين من القلق - لذلك بات من المستحيل استبعاد وقوع حدثٍ مفاجئ في الأيام التي قد تلي تنصيب بايدن وتسلّمه مقاليد الرئاسة الجديدة. فاحتمالات حدوث سوء تقدير فوق صفيح الخليج الساخن ليست ضئيلة في ظل الاستفزازات الإيرانية، والتصعيد الإسرائيلي المتواصل.