Advertise here

وداعاً محمود عبد الباقي... رجل الإعمار والعطاء والإنسانية

14 كانون الثاني 2021 13:55:00 - آخر تحديث: 14 كانون الثاني 2021 14:23:05

منذ أن تخرَّج مهندساً من الجامعة الأميركية في بيروت في ستينيات القرن الماضي، اختار محمود عبد الباقي طريق الإنتاج والعمل في بيئة وطنية وقومية عربية خالصة، فتعاون مع الكبيرين سعيد خوري وصهره حسيب صبّاغ من فلسطين الحبيبة، وساعدهم في ترسيخ مكانة أكبر شركة مقاولات في الشرق الأوسط "اتحاد المقاولين أو  CCC". وهؤلاء كان هدفهم الرئيس استيعاب شباب من فلسطين المنكوبة في سوق العمل في الخليج، وفي إفريقيا وفي المُغتربات والشتات. وقد واكب محمود عبد الباقي هذه المهمة الإنسانية بحماسة، وعمل على توفير فرص العمل لمئات اللبنانيين في الشركة التي تجاوز حجم العاملين فيها 30 ألفاً.

وعلى خلفيّته الوطنية والعربية تقرَّب محمود عبد الباقي من المعلّم كمال جنبلاط الذي عرض عليه وظيفة مدير عام في الدولة، ولكن عبد الباقي اعتذر قائلاً له، وفق ما ذكره أمامنا أكثر من مرَّة: "خلّيني بالقطاع الخاص، بقدر بساعدك أكثر. ومع الرئيس وليد جنبلاط كان محمود عبد الباقي مخلصاً ورفيقاً في مراحل متعددة، ليس أقلّها إبان مرحلة إعادة بناء مطار بيروت الدولي التي أشرف عليها بوصفه مديراً لشركة اتحاد المقاولين، التي التزمت المشروع بين العام 1994 والعام 2000، وحيث ساهم جنبلاط في تذليل الكثير من العقبات التي واجهت العمل، معاوناً بذلك الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تبديد العقبات وتجاوز الابتزازات التي أطلّت من بعض الزوايا لعرقلة المشروع.

استمرَّ محمود عبد الباقي في نهجه الإنساني والوطني من خلال مؤسّسة وليد جنبلاط للدراسات الجامعية، وعبر رابطة أصدقاء كمال جنبلاط، وفي مؤسّسة الرعاية الإجتماعية، ولاحقاً في عضويته بالمجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدروز، وفي كل الساحات والمواقع التي تُعنى بإعانة الطلاب والمحتاجين، وبقيَ على حماسته لخدمة الشباب الذين يبحثون عن فرص عمل في لبنان والخارج من خلال صداقاته المتعددة. وقد ساعد الأستاذ تيمور جنبلاط في هذه المهمة الشاقة وخدم العديد منهم، وسط ظروفٍ صعبة تعيشها كافة القطاعات الإنتاجية في البلاد وفي الخارج.

قال لي منذ شهر قبل وفاته: إنه اتّفق مع الرئيس وليد جنبلاط على اللقاء على العشاء عندما تتراجع اندفاعة جائحة كورونا المقيتة والمُميتة، لكن القدر والجائحة اللعينة نسفا كُل ما كان يشتهيه. أما الرئيس، أطال الله بعمره، فقد خرق سكينة طول المسافة إلى اللقاء بهدية معايدة رمزية خصَّه بها جرياً على عادته منذ أكثر من 30 عاماً، لكن الراحل الكبير لم يتسنَّ له استلامها كونه لازم الفراش منذ مطلع العام الجديد.

رحم الله محمود عبد الباقي، لقد ترك بصمات لا تُمحى في ميادين الإعمار، والعلم، والوطنية، والإخلاص، والصدق، والتواضع، والمحبة، وفي كل الأعراف التي تُحاكي القيَم النبيلة.