من الطاعون إلى كوفيد19.. إجراءات وقائية مفيدة عمرها أكثر من 400 عام

13 كانون الثاني 2021 05:20:00

على الرغم من أنّ جائحة "كوفيد 19" حصدت الكثير من الأرواح حول العالم، إلا أنّها لا تعدّ الأولى التي عانى منها الناس، ولذلك يمكن الإستفادة من الدروس والتجارب الماضية من أجل الخروج منها بأقلّ الخسائر البشريّة. 

وفي هذا السياق، نشرت شبكة "BBC" مقالاً أعدّته الصحافية زاريا غورفيت، تحدّثت فيه عن الطاعون الذي كان متفشيًا منذ أكثر من 400 عام وتحديدًا في تشرين الثاني1582، حين أُصيب أحد البحارة بالطاعون وبدت الأعراض لديه من خلال الأورام التي ظهرت في فخذه، وذلك بعدما أبحر إلى مرسيليا وعاد إلى في ميناء ألغيرو في سردينيا، وحينها تمكّن الرجل من تجاوز الأشخاص الذين وضعوا كمسؤولين لمنع كلّ من ظهرت عليه الأعراض بإكمال طريقه إلى المدينة، وتوفي بعد وصوله، ثمّ بدأ تفشي الطاعون في مدينة ألغيرو المتاخمة للبحر المتوسّط، وماتت بعده سيدتان بعد ظهور كدمات على أجسادهما، وهذه سمة أخرى للوباء. 

واستنادًا إلى السجلات الرسمية، يظهر مؤرخون من القرن الثامن عشر أن الطاعون أسفر عن وفاة 6000 شخص، ولم يترك سوى 150 شخصًا على قيد الحياة. ويُعتقد أن الوباء قتل حينها 60% من سكان المدينة، ما أدّى إلى إقامة مقابر جماعية. 

واستمرّت العدوى في ألغيرو ثمانية أشهر قبل أن تختفي، ويعود السبب إلى الطبيب كوانتو أنجيليريو الذي شدّد على ضرورة التباعد الاجتماعي في المدينة، بحسب ما رواه الأستاذ في جامعة أوسلو أولي بنديكتو. 

وفي التفاصيل، فعندما أدرك الطبيب مخاطر الوباء وانتشار العدوى، طلب الإذن بحجر المرضى، لكنّه لم يلق تجاوبًا من القضاة ولا من مجلس الشيوخ الذي رفض تقريره وقلل من أهمية المخاوف والنتائج المروعة التي أعرب عنها.

وبعد اليأس، توجّه الطبيب إلى نائب الملك ليستحصل على موافقة الملك بفرض حجر صحي ومنع أي تجارة مع الناس من خارج المدينة. في البداية، لم تكن تحظى الإجراءات بشعبية كبيرة لكن مع زيادة الوفيات كُلّف الطبيب بالعمل على احتواء تفشي الوباء، وبعد سنوات نشر كتيبًا شرح فيه 57 قاعدة كان قد فرضها على سكان المدينة. 

ومن بين الإرشادات الصحيّة التي طلبها من المواطنين، ألا يغادروا منازلهم ولا يزوروا بعضهم البعض، كما فرض منعًا لإقامة الاجتماعات وحفلات الرقص والترفيه، إضافةً إلى تحديد شخص واحد فقط من كل أسرة لكي يقوم بالتسوّق. 

 وجرت رقابة على تنفيذ الإجراءات، فعلى سبيل المثال وضعت سيدة جوارب في سلّة وأوصلتها إلى شقة ابنها الذي يعيش تحتها من أجل إصلاحها، ثمّ أعادها إليها، فأتى مسؤول من مجلس الصحة واصطحبها إلى السجن. لكنّ آخرين ارتكبوا الأخطاء أيضًا وتحايلوا على الإجراءات، فصعد بعض الأشخاص إلى أسطح المنازل المتلاصقة، والتقوا بأصدقائهم وعزفوا على الغيتار واحتسوا الكحول معًا. 

ومن الإجراءات التي فرضت أيضًا كانت ما يسمّى بـ"قاعدة الستة أقدام"، حيث يجب على الأشخاص المسموح لهم بالخروج أن يحملوا عصا بطول ستة أقدام، وأن يحافظوا على هذه المسافة بين بعضهم البعض. 

وإضافةً إلى ما تقدّم، اعتبر بعض المفكرين أنّ "الهواء السيئ" هو سبب الأمراض ولذلك تمّ تحذير الناس من لمس الأشياء التي قد تكون تلوثت بالوباء، وطُلب من أصحاب المنازل تنظيفها وتهويتها وحرق الأشياء التي ليس لها قيمة وغسل الأثاث وتعريضه للهواء.