Advertise here

غابة في عهد الانهيار... اختزال للدولة بشخص والمسّ باخر حصون المؤسسات

12 كانون الثاني 2021 16:46:40

يستكمل رئيس الجمهورية كل عناصر انقلابه على ما تبقى من دولة. هو لا يؤمن بالدستور وهذا ثابت تاريخاً وحاضراً، ولا يؤمن بشراكة أو عيش مشترك، وهو أيضاً ما لا يقبل الشك. لكن مراسه وهو في الموقع الأول في الدولة، يثبت أن الرجل لا يؤمن بالدولة ولا حتى بالكيان، ولا ضير بالنسبة إليه أن يذهب الكيان في سبيله أو سبيل صهره. 

إنها معالم الدولة العونية، والمراد جعلها فيما بعد دولة باسيلية. مع العلم أن كل الدول التي نسبت في مسمياتها إلى أشخاص آلت إلى زوال أو حروب.

 

لم تعد المشكلة بالنظام، ولا بالدستور، ولا حتى بالدولة وشكلها ووجها، إنما بشخص يربطها كلها بشخصه، يصنّف نفسه أب الدساتير، وكل القوانين تصل إليه وتعود. أن يلجأ رئيس جمهورية مفترض إلى تسريب متعمد لمقطع فيديو يذم فيه رئيس الحكومة المكلف، فإن ذلك لا يدل أبداً على احترام الموقع ولا احترام الدور، ولا ان ما يجري خاضع لنظام دولة ودستور وقوانين. 

مشكلة عون انه لا يريد اختزال المسيحيين فقط، إنما يريد اختزال كل القوى السياسية، والدولة بمؤسساتها وتفسير دستورها على ما يشتهيه ويريده، وصولاً إلى حدّ المس بالمؤسسة الاخيرة المتبقية والتي تحظى بثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، وتمثل آخر مؤسسات الدولة والنظام العام. إنها مؤسسة الجيش اللبناني، التي تارة يريد تشويه سمعتها، وطوراً يسعى إلى تطويق قائد الجيش كرمى لعيون الصهر الذي يستشعر بقائد الجيش خطراً منافساً على رئاسة الجمهورية، ولا يخجل من استخدام تعابير طائفية تؤسس لانقسامات لا تغذي إلا الجشع، على قاعدة عدم الرضى بتمثيل المؤسسة العسكرية بشخص رئيس الأركان.

 

أمام مثل هذه الممارسة، لم يعد من حاجة للبنانيين إلى طرح السؤال حول سبب الإنهيار، وسبب الويلات التي يعانونها. لكل نتيجة سبب، والسبب أصبح معروفاً، ويمثل خطراً ليس على المسيحيين فقط ولا على امتيازاتهم وخصائصهم ما دفع البطريرك الماروني إلى رفع الصوت عالياً واعتراضاً، إنما يشكل خطراً على السلم الأهلي، وعلى الوحدة الوطنية، وعلى دولة تميزت بفرادة تاريخية في هذا الشرق، بتنوعها ونظامها السياسي والمالي والإقتصادي، هذه كلها تحولت إلى غابة من العبثية في عهد ميشال عون، عهد الإنهيار، عهد معاداة العرب والغرب، وعهد تطويع الدولة لصالح الصهر ومطامع الصهر، فاستحالت بيروت درة الشرق، مدينة منكوبة، ولبنان الأخضر ذابلاً على مشارف الموت. 

السبب معروف، وهناك الكثير من اللبنانيين الذين يرفضون الخضوع أو الإستسلام إلى قدر يظنّ عون أنه محتوم، الأيام المقبلة ستشهد قيامة جديدة في مواجهة عبثية كان عون يسعى إلى إغراق الشارع فيها من خلال تحريك بعض المجموعات في تظاهرات مرسومة الأهداف لإضفاء المزيد من التخريب واستدراج التوترات السياسية في حرب تصفية الحسابات، لكن ذلك لن يكون وهناك استشعار لخطر ممارسات الرجل ما سيستنهض الكثيرين إلى مواجهة مشروع التفتيت هذا.