هي الحالة العبثية تأخذ بطريقها الكيان إلى الاندثار، بعد أن أمعنت في ضرب كل شيء في إدارة شؤون البلاد، وهي ذاتها تتجلى في كل مشاهد ويوميات السلطة، إن في التخبط في نقاش مكافحة الوباء أو في مشاهد الوباء السياسية المتفلتة في شتى الملفات، وآخرها في الملف الحكومي الذي تعرض أمس لضربة شبه قاضية من رئيس الجمهورية ميشال عون.
الحديث المسرَّب لرئيس الجمهورية، معطوفاً على تصريح صهره النائب جبران باسيل قبل يومين، قطعا الشك باليقين بأن تأليف الحكومة بات في دفاتر الغياب. وبعد إعلان باسيل أنه لا يأتمن سعد الحريري على تأليف الحكومة متجاوزاً حدود دوره كقوة سياسية إلى حاكم بأمر عمّه، خرج "العم" بذاته أمس ليكرّر القول نفسه بطريقة أكثر مهانة للموقع والدولة والمؤسسات.
هذا الأسلوب غير المسبوق في أدبيات الحياة السياسية، والذي حمل إضافة إلى الشكل المستهجن، مضموناً متناقضاً، بقول عون إنه لم يستلم أي مسودة حكومية متناسياً أن موقع رئاسة الجمهورية كان تولى بنفسه الإعلان عن هذا الأمر الشهر الماضي على صفحته الرسمية، وأن إعلان الحريري عن تسليم هذه المسودة قد جاء بتصريح رسمي من قصر بعبدا... فمَن هو الذي يكذب؟
وإذا بيان الحزب التقدمي الإشتراكي وكتلة اللقاء الديمقراطي قد جاء حاسماً في دعوته إلى "رسم حدود بوجه هذه الاستباحة في إدارة شؤون البلاد ووبائها"، فإن مصادر تيار المستقبل" علّقت على حديث عون بالقول عبر جريدة الأنباء الإلكترونية بالقول: "معروفٌ من الذي يكذب، فأدبيات الحريري وتربيته البيتية والوطنية لا تسمح له إلا بقول الصدق"، معتبرةً في المقابل أن "تاريخ التيار الوطني الحر قائم منذ نشأته على الكذب، فقد باعوا أنفسهم للشيطان، ويريدون بناء دولة بالكذب والاحتيال، وها هو عهدهم بعد 4 سنوات من فشلٍ إلى فشل، ويريدون تحميل المسؤولية إلى الحريري، الذي قبِل تشكيل الحكومة انطلاقاً من المبادرة الفرنسية، وليس حباً بالتعاون مع عون وفريقه السياسي بعدما خبرهم لأكثر من 3 سنوات وذاق منهم الأمرّين. ولكن هذه المرة فليطمئن الرئيس عون وباسيل بأن الحريري لن يعتذر".
وبالتزامن، وبعد يوم عاصف من الاجتماعات الأمنية والصحية، أعلن المجلس الأعلى للدفاع خطة طوارئ صحية تبدأ من بعد غد الخميس وتستمر حتى 25 كانون الثاني الجاري، بعد إعطاء المواطنين فرصة يومين لشراء حاجاتهم بما يكفيهم لفترة الإقفال المقررة... فهل سيُكتب للخطة النجاح بعد التجارب الفاشلة في قرارات الإقفال السابقة؟
مصادر أمنية أكدت لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "مقررات مجلس الدفاع الأعلى ستُنفذ بحذافيرها على اللبنانيين في كافة المناطق اللبنانية من دون استثناء، وخاصة في المناطق التي شهدت فوضى وفلتاناً غير مسبوق لجهة عدم الالتزام بإجراءات الوقاية"، مشددةً على أن "ما شهده اللبنانيّون في الفترة الماضية من استهتار لن يتكرر، لأن القوى الأمنية مدعومة من الجيش اللبناني ستقوم بتطبيق الإجراءات المتخذة، والمخالفون سيحالون إلى القضاء المختص، وسيتم تغريمهم مبالغ مادية موجعة من قاضي الأمور المستعجلة".
وشدّدت المصادر الأمنية على أنه "لن تكون هناك مناطق مقفلة في وجه الدولة، لا في بيروت ولا في أي منطقة أخرى، وأن أي مخالف لقرار التعبئة يعرّض نفسه للملاحقة القانونية"، مؤكدة أن إجراءات خطة الطوارئ ستكون مختلفة تماماً عن سابقاتها، ولن يكون هناك تساهل مع أحد باستثناء الذين شملهم قرار الاستثناءات فقط لا غير".
تزامناً، أفادت مصادر وزارة الصحة عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "مدير العناية الطبية، الدكتور جوزيف حلو، طلب من المستشفيات الخاصة التي لا زالت متوقفة عن استقبال مرضى كورونا ضرورة فتح أجنحة لكورونا تحت طائلة المسؤولية، وأن التذرّع بالمسائل المادية لم يعد مقبولاً، وأن كل مستشفى لن يبادر إلى فتح هذه الاقسام سيتعرّض للملاحقة القانونية".
المصادر نقلت ارتياح الوزير حمد حسن لقرارات مجلس الدفاع الأعلى، آملة أن تسهم في تخفيف عدد الإصابات لأن المدة الفاصلة عن وصول اللقاح أصبحت محدودة جداً، على أمل أن تصبح الأمور بالاتجاه الصحيح.
في المقابل، طالبت مصادر طبية عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية بأن تقوم وزارة الصحة بمساعدة المستشفيات الخاصة من مبلغ 23 مليار دولار المستخدم من البنك الدولي لمواجهة جائحة كورونا، ما سيساهم بحل مشكلة المستشفيات المتعثرة.
وفي هذه الأثناء، شهدت المراكز التجارية هجوماً من اللبنانيين بهدف التموين، ما أدى إلى اكتظاظ خطير في محال السوبرماركت، لكنّ مصادر وزارة الاقتصاد ذكّرت بوجود مهلة يومين أمام المواطنين وبالتالي لا داعي لهذا التهافت، مطمئنة أن لا خوف من فقدان مواد غذائية لأنها متوفرة في المخازن.