Advertise here

مواجهة الكورونا بالوقاية..

10 كانون الثاني 2021 13:27:03

لم يعد مفاجئاً القول ان الوباء في لبنان قد تفلت من عقاله وان الامور باتت بنسبة كبيرة متروكة  على غاربها . الاسباب الكامنة خلف ما وصلنا اليه باتت معروفة ،  من التفلت والاستهتار وعدم التقيد (هذا من ناحية الناس في غالبيتهم) الى الخطوات المرتجلة والدعسات الناقصة والقرارات العبثية (هذا من ناحية السلطات المعنية في معظم الاحيان ) . وقد تكون هناك اسباب خفية اخرى  وراء كل ذلك ( تطبيق سياسة مناعة القطيع دون اعلان ذلك، حسابات مادية  لدى كبار المستوردين للادوية والاجهزة والادوات الطبية ، استنزاف اللبناني حتى الرمق الاخير.. والله اعلم!) 
وبما ان  القطاع الصحي  اصبح يعمل بكامل طاقته  واقصى امكانياته،  بات لزاماً على الناس الاتكال  على  الوقاية والحذر ، اكثر من الرهان على الدواء والعلاج في حال الاصابة ،  وهذا ينسحب على كافة الفئات العمرية ،  وليس فقط على المسنين وضعيفي المناعة والمرضى المزمنين . 
الكمامة طبعاً اساسية ، ولكن الاهم هو تجنب الاحتشاد  في الاماكن المغلقة  وهذا ما يشكل النسبة الكبرى للعدوى في الشتاء . يحدث هذا  بشكل خاص في المناسبات  الاجتماعية  ، وفي السهرات المنزلية (بين الاقارب والجيران والمعارف)، وفي المطاعم والملاهي والحانات،  وفي المراكز التجارية وفي دور العبادة . وعليه يمكن تفادي  السهرات المنزلية خاصة في  الغرف الصغيرة المغلقة ، وتخفيض عدد الرواد في المطاعم وسواها الى 75 بالمئة (اي الابقاء على ربع الرواد فقط) مع رقابة شديدة على ذلك . كما يمكن للمؤسسات المعنية استحداث عوازل  بلاستيكية شفافة حول  الطاولات  لتخفيض نسبة احتمال العدوى ، خاصة وان القصة طويلة قد تمتد الى آخر  السنة الحالية وربما حتى ربيع 2022!
أما في المآتم فيمكن  تقديم التعازي عن بعد (وهذا ما صار شائعاً)،  ويستحسن في حال الحضور  الاكتفاء  بالمشاركة الرمزية دون  المكوث في المكان ، لأن ذلك  يسبب الاحتشاد  الاضافي والتقارب الى حدود الالتصاق بين المشاركين ، خاصة وأن الكمامة في مثل هذه الحالة لا تنفع إلا بنسبة ضئيلة . ويستحسن تعقيم الامكنة بعد كل مناسبة اجتماعية ، لتأمين ظروف صحية افضل للمناسبة التالية . 
كلمة أخيرة عن اللقاح ، حيث عاش اللبنانيون على أمل انهم سيكونون "من الاوائل في العالم " في تلقي هذا اللقاح (الموعود في شباط) ، وذلك طبعاً  بحكم فرادتهم ، وامكانياتهم المادية المذهلة ، وحرص المجتمع الدولي على مصيرهم ومستقبل ابنائهم !  طبعاً يُفهم هذا الوعد من زاوية حسن النية ورفع المعنويات ، ولكنه يمكن ان يوجه رسالة خاطئة تجعل اللبناني يتصرف وكأن اللقاح بات في متناول اليد ، بينما الواقع المرير ينبئ ان الامور معقدة  و ان لا لقاح قبل نيسان ولا تلقيح قبل حزيران ، وان ذلك حتى لو تم  فهو لن يشكل فارقاً نوعياً كبيراً في  تخفيض اعداد الاصابات  او لجم الوباء ، كما يمكن  لذلك الوعد أن يندرج ضمن  مسلسل الاوهام  التي  بدأت مع الكهرباء 24 على 24 ولم تنته مع حكاية استخراج النفط والغاز . 
وفي حين تم تلقيح مئات الآلاف في اسرائيل  وقطر والامارات وتركيا وغيرها من الدول المجاورة ، نجد اننا  ما زلنا حتى اليوم  لم نوقع  بعد العقد مع الشركة المعنية ، ولم نفسح المجال امام لقاحات اخرى اخذت موافقة  منظمة الصحة العالمية ، على الاقل لخلق منافسة شريفة بين الشركات ، وتأمين الحد الادنى المطلوب من اللقاحات في المرحلة الاولى .
اذن  لم يبق لنا سوى الوقاية وتخفيف المخالطة والحد من الاحتشاد ووضع الكمامة والتعقيم الرشيد والمدروس والمنهجي ،  مع ضرورة تحاشي البرد لانه يخفض المناعة  ويسبب النزلات الصدرية المعروفة ، الى ان يفرجها  الله عن البشرية جمعاء