أثبت الإنهيار الذي يشهده لبنان فشل البنية الأساسية التي قام عليها اقتصاد البلاد منذ سنوات، والتي إعتمدت على أموال القطاعات التجارية والسياحية والمصرفية، بعيدا عن أي إنتاج محلي. فتم ربط الإستقرار الإقتصادي بالإستقرار السياسي والأمني، وما أن إهتزت الأوضاع حتى إنهارت القطاعات تباعا، وتهدد أمن المواطن بشكل عام، والأمن الغذائي بشكل خاص.
تقوم بنية الإقتصاد المتين على إنتاج داخلي يسد جزءاً من الإستهلاك المحلي ويؤمّن نسبةً من الإكتفاء الذاتي بهدف خفض حجم الإستيراد للإحتفاظ بالعملات الصعبة. وهذا ما أيقنه اللبناني بعدما فشلت القطاعات الإقتصادية النشطة في لبنان من إنقاذه. فبدأ التوجّه نحو الإهتمام بالزراعات الداخلية والصناعات الغذائية، التي ستحمي الأمن الغذائي للمواطن نسبيا، وتنشّط الحركة الإقتصادية الداخلية والخارجية في حال تطوّر الأمر.
إنطلاقا من هذه القواعد، دأبت جمعية "التمكين" للقروض الصغيرة والمتوسطة الحجم، على دعم المنتجين وتأمين رأس المال المطلوب لهم لبدء الإنتاج. وتدعم المؤسسة الزراعيين والصناعيين وأصحاب المشاريع الصغيرة الناشئة، في وقت أحجمت المصارف عن دعمهم.
يتحدّث رئيس الجمعية وليد عطالله في تصريح لجريدة "الأنباء" الالكترونية عن "شراكة بين "تمكين" ومؤسسة "الفرح" الإجتماعية، تقوم على دعم المنتجين والقطاعات المحلية التي تتناسب مع الواقع، وتدريب اليد العاملة لإكتساب خبرات جديدة في سوق العمل، كما ومحاولة إنشاء مشاريع لتصريف الإنتاج المحلي، علما أن الدعم قد رفع من نسبة الإنتاجية بشكل ملحوظ في المناطق وشجّع المواطنين على أخذ المبادرة".
على صعيد دعم المنتجين، أشار عطالله إلى أن "دعم الجمعية يطال المزارعين الذين يملكون أراضٍ صالحة للزراعة تفوق مساحتها الـ1000 متر، فتُعطى لهم قروض تصل إلى حد الأربعة ملايين ليرة، وفي العام 2020، أقرضت الجمعية 72 شخصا، بمبلغ قدره 271 مليون ليرة".
"كما يستهدف الدعم الصناعيين، لتشكيل حلقة تكامل مع الزراعيين، فيُعطى أصحاب المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وخصوصا أصحاب الصناعات الغذائية، قروض تتراوح قيمتها ما بين الـ10 والـ15 مليون ليرة، وقد توزّع مبلغ 289 مليون ليرة على 28 صناعي، في الـ2020"، حسب عطالله.
ويضيف: "أما بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة، غير المتعلقة بالزراعة والصناعة، لأشخاص قد فقدوا وظائفهم أو أجبرتهم الظروف الصعبة على تغيير مجال عملهم، فلهم حصّة من الدعم، وقد تمّت مساعدة 12 شخص بمبلغ 66 مليون و500 ألف ليرة، العام الفائت".
وحول الشراكة مع "الفرح"، فقد لفت عطالله إلى أن "العلاقة تقوم على التكامل، فيتواصل الراغب بالإستفادة من القروض معنا أو مع "الفرح"، فترسل الأخيرة مهندسا زراعيا أو صناعيا (على صعيد قروض المشاريع الزراعية والصناعية فقط) لتقييم المشروع وإعطاء الموافقة، فيما نتحملّ نحن مسؤولية التمويل، كما نعمل والمؤسسة على إقامة حلقات تدريب على المهن الأكثر طلبا في سوق العمل اليوم، إضافة إلى مشاريع لتصريف الإنتاج الزراعي والصناعي (مشاتل – مؤسسة تعبئة Packaging)، ومن شأن كل هذه الدورة الإقتصادية تأمين فرص عمل للشباب، والنهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة".
وقد أشار عطالله إلى أن "القروض حاليا تُعطى بالليرة اللبنانية، والجميعة لا تطلب أي رهنية مقابل القرض، بل كفالة للمقترض من قبل أي موظف في السلك العام، ونطاق عمل المؤسسة يمتد من البقاع الغربي وحاصبيا وراشيا إلى الشوف وعاليه والمتن، أما دعم هذا المشروع، فيقوم على التمويل الذاتي للجمعية، ودعم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، بالإضافة إلى النائب نعمة طعمة".
وحول قانونية عمل الجمعية في ظل تنامي بعض المؤسسات المالية والمصرفية غير الشرعية والتي تعمل خارج القوانين، قال عطالله: "إن عمل الجمعية قانوني، فهي تلتزم بفائدة تبلغ 5% على القروض، علما أن القانون يتيح فائدة تصل نسبتها إلى الـ7%، كما لا تطلب المؤسسة أي ضمانات تقوم على رهن الذهب أو غيره، بل تطلب الكفالة فقط، علما أننا سبق وتكاملنا مع القطاع المصرفي سابقا، وخضنا شراكةً مع بنك بيبلوس، إلّا أن ظروف القطاع المصرفي الحالية حتّمت وقف التعاون".
ويختم عطالله حديثه مذكّرا بأن "نطاق عمل الجمعية كان أوسع، فقد سبق أن دعمت منذ العام 2003 نحو 2388 شخصا، بمبلغ فاق الـ 6 مليون و825 ألف دولار بالعملة الأجنبية، حتى العام 2019، إلّا أن الظروف الإقتصادية حتّمت حصر الدعم بالقطاعات المنتجة، وبالعملة الوطنية".