Advertise here

أبعاد المصالحة الخليجية.. تطويق إيران وترتيب أوراق "المونديال"!

05 كانون الثاني 2021 18:12:36

ليس أمراً بسيطاً، أو ثنائي الفاعلية، أن تعود العلاقات السعودية - القطرية الى طبيعتها، ولا هي خطوة محصورة بمنطقة الخليج العربي وحدها.

فالعناق بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، لدى وصول الثاني الى السعودية للمشاركة في القمة الخليجية، يمتدّ الى ما هو أبعد من مجرّد استثمار عادي لإعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين الرياض والدوحة.

تجفيف منابع

فعودة الحرارة "الحدودية" على خطّ السعودية - قطر، هي واحدة من أبرز الترتيبات الاستراتيجية عشيّة خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من "البيت الابيض". وهي خطوة تستكمل حلقة العقوبات على إيران، بعدما شكّلت متنفّساً حدودياً لقطر خلال فترة الحصار.

ولهذا الواقع مفاعيله مستقبلاً، على صعيد تقليص الأثمان المالية التي تجنيها طهران من جراء هذا الوضع، إذ ما عادت الدوحة مضطّرة بعد اليوم لاعتمادها (طهران) كمنفذ لها، وهي حلقة ستنعكس على استكمال تجفيف منابع تمويل إيران، من أي مصدر أتى.

"مونديال"

فضلاً عن أن "مونديال" قطر، عام 2022، سيشكّل منصّة تلاقٍ دولي - عربي في الخليج، تمتدّ مفاعيله الى دول الجوار القطري، انطلاقاً من أن بعض جماهير المشجّعين لفِرَق الدول المُشارِكَة فيه ("المونديال") قد ترغب بسياحة، ولو محدودة، في الإمارات أو البحرين مثلاً... (حتى ولو أن موعد المونديال القطري في فصل الخريف)، وهو ما يستوجب ترتيب الوضع الخليجي الحدودي والسياسي مُسبَقاً، وضمن وقت كافٍ يمكّن من النّجاح في عملية الإستقطاب.

وبالتالي، نجد أن خلطاً كبيراً للأوراق يحصل في المنطقة، على ضوء استكمال تخفيف الحضور العسكري الأميركي المباشر فيها، وبعدما حُوِّلَت قطر رسمياً الى ما يصحّ اعتباره منصّة أمنية أميركية لحماية الخليج كلّه، والمصالح الأميركية في المنطقة. وهذا الأمر يظهر بوضوح من خلال نشر الجيش الأميركي دفعة من قوات "قوّة الفضاء"، في قاعدة "العديد" في قطر، قبل أشهر.

ليس أكثر

وضع مصدر مُطَّلِع "عودة الحرارة الى العلاقات السعودية - القطرية تحديداً، ضمن واقع يلتقي مع المعطى الاستراتيجي الجديد منذ أشهر، والذي يقوم على أن إسرائيل أصبحت على الحدود الإيرانية، انطلاقاً من منطقة الخليج".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "المصالحة الخليجية تصبّ أيضاً في إطار الترتيبات الأميركية لتطويق إيران وتقليص أدوارها الخارجية، مع الإبقاء على نفوذ محدود جداً لها داخل العراق، بحُكم ضرورات التنسيق الإيراني "الشيعي"، مع المكوّن العراقي الشيعي، في بعض الملفات المحدودة هناك، ليس أكثر".

استراتيجي لا تكتيكي

وشدّد المصدر على أن "المصالحة الخليجية هي خطوط حمراء عربية للنّفوذ الإيراني أيضاً، تلتقي مع الاستراتيجيا الأميركية حول إيران، وذلك بعد فشل "الإتّفاق النووي" المُوقَّع مع طهران عام 2015 في لَجْم الطموحات النووية والتوسُّعيّة الإيرانية".

وأكد أن "قطر هي إحدى مرتكزات الحضور العسكري الأميركي الاستراتيجي لا التكتيكي، في الشرق الأوسط، أكثر من غيرها بقليل، وذلك رغم وجود أنشطة عسكرية أميركية لمواجهة إيران، في الإمارات أيضاً".

مرحلة انتهت

وأوضح المصدر أن "هذا الواقع سمح للدوحة بالقيام بمناوشات موضعية مع جيرانها في الخليج، خلال السنوات القليلة الماضية، من ضمن التنافس التقليدي والتاريخي بينها وبين السعودية. ولكن على المستوى الاستراتيجي، عندما تحزم واشنطن أمرها بتطويق إيران، تتحوّل قطر سريعاً الى ركن من أركان هذا الطَّوْق، بأشكال مختلفة ومتعدّدة".

وأضاف:"مرحلة اللّعب التكتيكي بين دول الخليج العربي انتهت حالياً، لمصلحة التفرّغ الى الانتصار الفعلي على إيران، وعلى دورها في المنطقة، وبدء الإستثمار الفعلي في مرحلة ما بعد اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، مهندس وراعي الدّور الإيراني خارج الحدود الإيرانية".

وختم:"عندما أرادت واشنطن تخفيف الإحتقان المتصاعد في المنطقة، عبر سَحْب حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" منها، زادت إيران من وتيرة تهديداتها، بحجّة الذكرى الأولى لاغتيال سليماني، في شكل دفع الإدارة الأميركية الى الإبقاء على تلك الحاملة في الشرق الأوسط. فالهيبة الأميركية لا تحتمل إستفزازات تزيد عن حدّها، وهو ما يلتقي مع طلعات قاذفات "بي - 52" المتكرّرة في المنطقة، خلال مدّة زمنية قليلة، ولا سيّما فوق العراق".