انفجار جديد على الحدود اللبنانية السورية. انفجار هذه المرة يختصر كل الإنفجارات التي يعانيها لبنان واللبنانيون. ما انفجر ليس مجرد مستودع للغاز والمازوت وغيرها من المواد التي يتم تهريبها إلى سوريا، إنما الإنفجار وقع بما تبقى من ودائع في المصارف وبالإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان. وربما الكمية التي انفجرت من المواد ستفترض التعويض على المهربين والمخزنين، ما يعني المزيد من الضغط على اللبنانيين وعلى ما تبقى من دولة لتوفير الدعم اللازم وشراء هذه المواد على سعر الصرف الرسمي مقابل بيعها إلى سوريا بسعر السوق السوداء.
سيؤسس الإنفجار لإنفجارات متتالية على مختلف الصعد، إجتماعياً ومالياً وإقتصادياً، ناهيك عن الإنفجارات السياسية، وهذا من شأنه أن يضع مجدداً ملف التهريب إلى سوريا على طاولة البحث بكل جدية، ومنعه لأنه ثبت بلا شك أن التهريب جزء أساسي وراء الإنهيار الذي يشهده لبنان مالياً، وهو نتيجة أيضاً لتداعيات سياسية حتمتها الخيارات الخاطئة، والتي سيتجه لبنان إلى المزيد من السوء فيها. والملفت أيضاً أن التفجير وقع بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي للعدو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
ما حصل على الحدود الشرقية الشمالية، هناك من يحاول تكريسه على الحدود الجنوبية ايضاً، وقد جاء ذلك على لسان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي أكد أن المقاومة وسلاحها هم الذين يحمون السيادة وثروة الغاز والنفط. وإذا كانت الحدود الجنوبية وثرواتها ترتبط بترسيم الحدود بانتظار عودة المفاوضات، فإن الثروات اللبنانية كاملة لا بد لها ان تضبط من الجهة الشرقية أيضاً ومنع عمليات تهريبها.
يحصل ذلك على وقع تطورات سياسية كبيرة وتوتر يتصاعد في المنطقة، فيما لبنان يغرق في صراع الخيارات وحرب التوجهات، فيشمل النزال كل الملفات والإستحقاقات، أولاً حول تشكيل الحكومة، وثانياً حول وجهة التفاوض وموعده وثالثاً في مقاربة أية خطة إصلاحية أو اقتصادية.
لا يبدو حزب الله أنه في وارد تقديم أي تنازل لا بل سيتشدد أكثر، وليس فقط سياسياً او في عملية تشكيل الحكومة، إنما اقتصادياً وفي الطروحات السياسية بعد تصريحات مسؤولين إيرانيين حول صواريخ الحزب وأهميتها في مشروع المواجهة، او بمعنى أصرح المشروع الإيراني. ذلك لا يمكن فصله أيضاً عن تشدد أمين عام حزب الله في مسألة إطلاق أسماء قادة إيرانيين على شوارع في لبنان أو نصب تماثيل ومجسمات لهم، وراء ذلك غاية عميقة في النفوس، وهي أخذ لبنان أكثر إلى الوجهة الإيرانية.