لنستمد من الموت إرادة البقاء
03 كانون الثاني 2021
12:35
Article Content
في ذكرى الأربعين لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط علا صوت وليد جنبلاط، وهو يخاطب الجماهير المحتشدة في المختارة، بقوله لهم مراراً " ادفنوا موتاكم وانهضوا"، وكأني به يستشرف هذه المرحلة المصيرية التي نُكب بها العالم على وقع تراقص الفيروسات التاجية فوق رؤوس البشر.
ادفنوا موتاكم وانهضوا، ولا تدعوا الأحداث أقوى من إرادتكم. فلنواجه الموضوع جميعاً ونعود دوماً إلى وليد جنبلاط. عندما دعانا في بداية هذه الهجمة قائلاً: "إلى أهل الجبل، وجميع اللبنانيين. إنّ شبح الموت، وشبح كورونا في كل زاوية وناحية. كفى تلك الأعراس، والاختلاط غير المسؤول، وكفى التمسّك بتقليد المشاهدة عند الوفاة، والتشييع الجماعي".
ادفنوا موتاكم وانهضوا، وحكّموا العقل في تصرفاتكم، وابتعدوا عن العاطفة القاتلة في هذه الظروف المصيرية.
ادفنوا موتاكم وانهضوا، وقد دخلنا في عنق الزجاجة حيث أصبح الاختناق يلفّ وطننا، ومجتمعنا، وأهلنا.
ادفنوا موتاكم وانهضوا، واستمعوا أيضاً إلى وليد جنبلاط: "إنّنا أمام خطر إبادة جماعية أخطر من الطاعون أو الكوليرا، واذا استمرت الأمور على هذا الشكل فقد نصل إلى مرحلة لمّ الأموات من الشوارع والأزقة، وتهيئة مقابر جماعية لاختصار المراسم. في هذه الظروف، الخروج عن الطقوس أفضل رحمة للأحياء. وحده المولى أرحم الراحمين. ربي اشهد إني بلغت".
وبعد هذا يا محبّي ومريدي وليد جنبلاط، ماذا تنتظرون كي لا تنفذوا توجيهاته، وأنا على يقين من محبتكم واحترامكم، ولا برهان عن المحبة والاحترام إلّا بالالتزام من أجل أهلكم وأولادكم. من أجل الاستمرارية لبقاء أجيالٍ تمثّلكم.
لنعقل ونتوكّل، وتدفن كل قرية موتاها ونتعود عادات جديدة بحاجة إليها كي نستطيع البقاء.
لنبتعد عن المظاهر الزائفة ولنحترم حرمة الموت، ونستمد من حقه إرادة البقاء.
لندفن أمواتنا وننهض من كبوتنا، ومن جهلنا، ومن عاداتنا المتوارثة التي ستوصلنا في هذه الظروف إلى الفناء.
لندفن أمواتنا، ونعتبر أن الموت حق، والبقاء للّه المتمثّل دوماً بصوت العقل المعبود، ولا معبود سواه.