Advertise here

2020 جهنّم اللبنانيين: إرتفاع نِسَب البطالة والجريمة واكتظاظ السجون... وعام التعليم "أونلاين"

31 كانون الأول 2020 16:12:15

يودّع اللبنانيون عام 2020، واحداً من أسوأ الأعوام التي مرّت على لبنان، حيث كثرت التحديات والهموم والأزمات، من اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، ومالية، وبيئية، وصحية، حتى بات عام جهنّم بالنسبة للبنانيين... على أمل أن لا يكون العام المقبل أسوأ من الذي مضى.

بدأ عام 2020 على وقع جائحة كورونا التي هزّت العالم، وقضت على الآلاف من البشر حول العالم وفي لبنان. ففي الواحد والعشرين من شهر شباط، أعلن وزير الصحة، حمد حسن، عن أول إصابة لمواطنة لبنانية قادمة من إيران بالفيروس. وكان هذا أول إعلان عن ظهور للفيروس في لبنان، ومع تكاثر عدد الإصابات يوماً بعد يوم، بدأت مخاوف الناس والمسؤولين تزداد، فقرّر المجلس الأعلى للدفاع الإغلاق العام لمدة أربعة عشر يوماً، والذي استمرّ لغاية الثاني عشر من نيسان، وبعدها أصبحت البلاد في دوامة الإقفال وإعادة الفتح، وفرض إجراء "المفرد والمزدوج" على السيارات، وفرض محاضر ضبط على المخالفين للإجراءات الصحية، لا سيّما عدم وضع الكمامة، وقد بلغت قيمة هذا الضبط 50 ألف ليرة. 

إلّا أن هذه الإجراءات والإقفالات المتكررة لم تمنع الفيروس من الانتشار حتى وصلت الإصابات إلى أعداد قياسية تخطّت الألفي إصابة في نهاية العام، وحتى بعد قرار الإقفال الأخير، والذي انتهى في الأول من كانون الاول. 

ارتفاع الفقر

خسر الكثير من اللبنانيين خلال جائحة "كورونا" عملهم، فعدد من الشركات أفلست، وشركات أخرى أقفلت أبوابها، وبعضها عجزت عن دفع رواتب موظفيها، فتفاقمت الأزمة الاجتماعية وبدأ الفقر يطرق الأبواب، في حين كان سعر صرف الدولار يواصل التحليق، ما جعل الأزمات تتراكم على الشعب اللبناني في ظل غياب الدولة، التي قررت أن توزّع مساعدات مالية للعائلات المتضررة بقيمة 400 ألف ليرة، وأنشأت منصة لتسجيل العائلات المحتاجة عبر البلديات، فكانت النتيجة أن المساعدات لم تصل إلّا لذوي الطلاب في المدارس الرسمية، ولسائقي السيارات العمومية، الأمر الذي فاقم أزمة الطبقة الوسطى التي تصدّعت بسبب أزمة كورونا، وارتفاع سعر الدولار.

ومع تفاقم الأزمات، ووصول الدولار إلى 8,000 ليرة لبنانية في الأشهر القليلة الماضية، تراجعت القدرة الشرائية في البلد مما أدّى إلى عجز بعض العائلات عن تأمين مطالبها الأساسية وقوت يومها. واستيقظ اللبنانيون على أزمات متتالية منها قرار وقف تسليم الخبز لأصحاب المحلات التجارية، ما دفع الناس إلى التوجّه بأعداد كبيرة إلى المخابز المركزية متهافتين لشراء ربطة خبز.

بلغت نسبة الفقراء في لبنان حوالي 55%، أي ما يوازي 2,7 مليون شخص بعد أن كانت 28% في عام 2019، فضلاً عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف، من 8 إلى 23% خلال الفترة نفسها، بعد فشل سياسة الدعم التي أُقرّت لمساعدة هذه العائلات في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار.

تعايش اللبناني مع أزماته، فبات كل يوم يستيقظ على خبرٍ جديد يدمّر ما تبقى من هذا البلد، فلم تنتهِ أزمة الأفران حتى أتت أزمة المحروقات، وأزمة الدواء، فمحطات أقفلت مراراً بسبب انقطاع مادتي المازوت والبنزين، وصيدليات شح فيها الدواء، فباتت حياة اللبناني مهددة بالموت في كل ثانية.

التعليم "أونلاين"

وأمّا تربوياً فكانت الأضرار جسيمة. فمع بداية جائحة كورونا أقفلت المدارس، والمعاهد، والجامعات، وانتقلت الصفوف إلى المنازل، واستُكمل العام الدراسي عن بُعد "أونلاين"، ولكن للأسف تفاقم وباء كورونا ما دفع بالعام الدراسي إلى الانتهاء على طريقة الإفادات، كما انطلق  العام الدراسي الجديد بطريقة مدمجة بين التعليم عن بُعد والتعليم الحضوري. 

وبسبب جائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية، شهدت المدارس الخاصة نزوحاً كبيراً إلى المدارس الرسمية بسبب غلاء الأقساط، وعدم قدرة الأهالي على تسديد مستحقات المدارس.

انتحار وجرائم

ضاقت سبل العيش أمام الكثير من اللبنانيين الذين يواجهون مصيرهم باللحم الحي، حتى وصل الأمر برجل ستّيني إلى الانتحار في منطقة الحمرا. رجلٌ أقفلت أمامه كل الأبواب ليقرّر الانتحار برصاصة أنهى بها حياته، وعبارة كتبها على سجلّه العدلي قبل وفاته "أنا مش كافر"، وغيره الكثير من حالات الانتحار التي توالت حرقاً، وشنقاً، أو بالرصاص.

أمام الواقع الكارثي الذي يعيشه اللبناني، وارتفاع معدّلات البطالة والفقر والجوع، يُسجّل لبنان أرقاماً خطرة في معدّلات الجرائم التي تختلف بأنواعها، من عمليات تزوير للعملة، ونصب واحتيال، وترويج المخدرات، والانتحار، والقتل، وعلى رأسها جرائم السرقة التي باتت كثيرة في الآونة الاخيرة.

وذكرت "الدولية للمعلومات"، في تقريرٍ لها بعنوان "جرائم السرقة والقتل والانتحار، وحوادث السير في أيلول 2019 - 2020"، أشارت فيه إلى أنه "لا تزال المؤشرات الأمنية من حوادث سرقة السيارات، والسرقة، وجرائم القتل، تسجّل ارتفاعاً كبيراً خلال الأشهر الـ 9 الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019".
فارتفع صافي عدد السيارات المسروقة منذ بداية العام وحتى نهاية شهر أيلول 2020 بنسبة 129% مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019. وفي مقارنة بين شهرَي أيلول 2019- 2020 سجلت ارتفاعاً بنسبة 177%.

وسجّلت حوادث السرقة ارتفاعاً خلال الأشهر الـ 9 الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2020 بنسبة بلغت 53.2%. وفي المقارنة بين شهرَي أيلول 2019- 2020 بلغت نسبة الارتفاع 93.8%.

وارتفع عدد القتلى خلال الأشهر الـ 9 الأولى من العام 2020 بنسبة 100% مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019. وفي مقارنة ما بين شهرَي أيلول2019- 2020، بلغ الارتفاع نسبة 62.5%.

كما تراجعت حوادث الانتحار خلال الأشهر الـ 9 الأولى من العام 2020 مقارنة بالفترة ذاتها في العام 2019 بنسبة 18.8%، وخلال شهري أيلول 2019- 2020، ارتفعت بنسبة 40%.

وتراجعت حوادث السير خلال الأشهر الـ 9 الأولى من العام 2020 مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019 بنسبة 35.7% كما تراجعت أعداد القتلى (نتيجة حوادث السير) بنسبة 24.8% وأعداد الجرحى بنسبة35.5%.

وأفادت "الدولية للمعلومات"، بأنّ الأرقام المذكورة أعلاه هي استناداً إلى أرقام المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.

العفو العام

مشكلة أخرى برزت وهي الاكتظاظ الحاصل بالسجون، حيث زاد تفشي وباء كورونا في كل السجون اللبنانية، ما أدى إلى مطالبة بعض النواب خلال جلساتهم في مجلس النواب بإقرار قانون العفو العام، لتخفيف الاكتظاظ الحاصل، ولتخفيف أعداد الإصابات بكورونا، إلّا أن هذا القانون لم يبصر النور، لا بل كان سبباً لتفجير الجلسات التشريعية وتطييرها أكثر من مرة.

العنف الأسري

أما المرأة فكانت لها الحصة الأكبر هذا العام. فمع انتشار وباء كورونا فضحت فترة الحجر الصحي حجم العنف المُمارس داخل المجتمع اللبناني على المرأة. وأسهمت عوامل مجتمِعةً في ازدياد منسوب العدوانية بين أفراد المجتمع والأسرة الواحدة. 

ومن جهة اخرى فشل النظام القانوني القائم في البلد في الحد من ظواهر العنف المستشري في المجتمع، مثلما فشلت أنظمة أخرى كالعادة. ففي لبنان لا توجد أنظمة وقوانين تطبّق.

وفي إنجازٍ تشريعي، صادق مجلس النواب خلال جلسته التشريعية الأخيرة في العام 2020 في قصر الأونيسكو، على اقتراح القانون الرامي إلى تعديل القانون 293/ 214 والمتعلق بحماية النساء، وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وإقرار اقتراح القانون الرامي إلى معاقبه جريمة التحرّش الجنسي لا سيّما في أماكن العمل.