Advertise here

رزنامة 2020 الثقيلة تطوي آخر أوراقها ومزيد من التغيرات قادمة.. والكورونا خطرٌ مستمر

31 كانون الأول 2020 06:15:05

تطوي الليلة سنة 2020 آخر أوراقها غير مأسوف عليها لما حملته من ويلات أذاقت اللبنانيين كل أصناف المعاناة التي لم يألفها لبنان خلال مئة عام على قيام كيانه الحالي منذ عام 1920، في ظل عهدٍ لا يُقيم وزنا لكل هموم الناس وقضاياهم، وفي ظل حكومة دشّنت عملها بالقرارات الهمايونية والمواقف الإرتجالية التي أدت إلى سلخ لبنان عن محيطه العربي، وفرضت عليه عزلة دولية غير مسبوقة من خلال سلسلة من الخيارات الخاطئة التي أوصلت الى فلتان الأمور والارتفاع الجنوني لأسعار الدولار، ما انعكس إرتفاعاً مخيفا في أسعار المواد الغذائية والسلع الإستهلاكية، وفتح الباب واسعا في عملية الإذلال المُمنهج للبنانيين في كل القطاعات، وبالأخص في المصارف التي عجزت عن رد ودائعهم ومدخراتهم التي وفروها لليوم الأسود، بعد أن أصبحت أيامهم كما لياليهم سوداء حالكة، وسط التقلبات في السياسات المصرفية المتبعة وإقفال مئات المؤسسات المتوسطة والصغيرة وتدمير القطاعين الخدماتي والسياحي برمّتهما ما زاد من البطالة التي تجاوزت الـ60% وبلوغ ما يقارب هذه النسبة من اللبنانيين تحت خط الفقر، والمخاطر التي تحدق بالقطاع التعليمي.

كل ذلك بالتوازي مع جائحة كورونا التي تجتاح العالم منذ ما يقارب السنة، ووصلت شرارتها إلى لبنان مع تشكيل الحكومة الحالية لتتقاسم معها مهمة تصعيب حياة اللبنانيين الذين ظلوا يأملون بالفرج، حتى تاريخ الرابع من آب، التاريخ المشؤوم لإنفجار المرفأ الذي دمّر ثلث العاصمة بيروت وأودى بحياة أكثر من 200 شخص و6000 جريح من دون أن يرف جفن المسؤولين لمعرفة الذين تسببوا بهذا الزلزال الخطير، وعلى الرغم من إستقالة الحكومة ومجيء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان مرتين وتكليف الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة جديدة منذ 3 أشهر، ما زال الوضع الداخلي يسير من السيء إلى الأسوأ، نتيجة الخلاف المتجذّر بين رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يصرّ على تشكيل حكومة سياسية يحصل بموجبها على الثلث المعطّل وعلى الوزارات الأساسية، والرئيس المكلّف سعد الحريري الذي يصر على حكومة إختصاصيين يسمي فيها هو الوزراء.

وبعد أن رُحِّل تشكيل الحكومة إلى السنة الجديدة، فهل ستكون سنة 2021 سنة الإنقاذ وخلاص لبنان من مشاكله ويصغي المسؤولون إلى نداءات المخلصين والغيارى على البلد ومن بينهم نداءات البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، أم ستكون سنة 2021 مكمّلة لسابقتها وينهار الهيكل على رؤوس الجميع؟ فكيف تبدو الصورة في اليوم الأخير من السنة؟

المراقب والمحلل السياسي الياس الزغبي اعتبر أن السنة الجديدة : مقبلة على تغيرات ليس فقط في لبنان بل على مستوى المنطقة"، ورأى في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن: ليس هناك تشابك مصالح في إنتقال الإدارة من الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، للرئيس المنتخب جو بايدن، إقليميا ودوليا بعد مرحلة من التشظّي العسكري والسياسي، ولا بد من إعادة ترسيم التوازنات في المنطقة".

وقال الزغبي: "لا شك في أن إيران بلغت ذروتها في مسألتين، رفع منسوب حصولها على السلاح النووي، ورفع منسوب تدخّلها في المنطقة العربية، وإنتقلت إلى المعالجة الهادئة مع إدارة بايدن وإعادة تشكيل علاقتها مع أوروبا وأميركا، ولا سيما من خلال العلاقات مع القوتين الصاعدتين إيران وتركيا على ترتيب سياسيتهما بحيث تتحول إيران إلى إعادة بيتها الداخلي".

وأعرب الزغبي عن تقديره "كمراقب"، أن "التفوق الذي بلغه حزب الله عسكريا وأخيرا ًماليا من خلال القرض الحسن وكل هذا النفوذ، سيعود إلى حجمه المعقول، وسيشهد الحزب إنحساراً قد يسمح بإعادة تشكيل السلطة اللبنانية، لا يكون لحزب الله سلطة مؤثرة عليها، وربما نشهد ولادة حكومية بعد فترة وسطية تكون ترجمة لهذا التقلّص في النفوذ، وذلك بإرادة دولية تكون أقرب إلى المبادرة الفرنسية (حكومة مستقلين) بضغط دولي للقبول بهذه الحكومة، لأن إعادة إنتاج حكومة على غرار حكومة حسان دياب لا يمكن القبول به من أجل إعادة ترتيب التوازنات الداخلية".

بدوره، رئيس دائرة الإعلام والاستطلاع في القوات اللبنانية شارل جبور، رأى في حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "لبنان يتجّه نحو الأسوأ على الرغم من أن سنة 2020 كانت سيئة وكارثية على لبنان، وهي ستدخل في التاريخ بأنها كانت الأسوأ منذ تاريخ المجاعة التي حصلت في لبنان في العام 1919، وإعتبر أن سنة 2021 ربما تكون أسوأ من سنة 2020، قائلا "لا أقول هذا الكلام على خلفية تيئيس الشعب اللبناني، إنما من منطلقات ومعطيات علمية، فطالما الأكثرية الحاكمة لا تبادر إلى تشكيل حكومة إختصاصيين تعمل على إنقاذ البلد وانتشاله من هذه الأزمة التي يتخبّط بها، فلا حل إلّا بكف يد هذه الأكثرية الحاكمة، لأن المجتمعين العربي والدولي ليسا بوارد دعم لبنان إقتصاديا وماليا، والفريق الحاكم ليس بوارد إجراء الإصلاحات المطلوبة، ولذلك الأزمة اللبنانية إلى تدحرجٍ مستمر من السيء إلى الأسوأ".

جبور رأى أن "الأمل الوحيد أن يُصار إلى وحدة موقف بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي والمستقبل من أجل خلق دينامية جدّية تواكب ثورة 17 تشرين، ووضع برنامج وطني سياسي وإتخاذ قرار بالإستقالة من المجلس النيابي والذهاب إلى انتخابات تشريعية جديدة، تعيد التوازن إلى البلد، وإلّا فلا أفق سياسي واضح والمستقبل سيكون مجهولا، ولكننا لن نسمح لهذا الفريق السياسي والأكثرية الحاكمة بأن تدفع بالبلد إلى الإنهيار، وسنبقى نناضل من أجل إبعاد الأكثرية عن السلطة، فالمؤشرات الدولية والعربية مشجّعة، ولا ثقة لهم بهذه الأكثرية الحالية".

وفي الشق القضائي، وفي تعليقه على حديث رئيس الحكومة حسان دياب إلى الإعلام، أشار رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية أن في المسائل القضائية يحق للمسؤول السياسي أن يدلي بدلوه أمام القضاء، وليس أمام الإعلام، بغض النظر عن الفتاوى حول إستماع القضاء إلى إفادة المسؤولين"، وقال: "كان أحرى بالرئيس دياب وباقي المسؤولين الذين طلب القاضي صوان الإستماع إلى إفادتهم أن يمثلوا أمام القضاء، حتى ولو لم يكن هناك مسؤولية مباشرة أو جنائية تترتب على المسؤول إنطلاقا من المسؤولية التي يشغلها، بدءا من رئيس الجمهورية مرورا برئيس الحكومة وصولا إلى كل الوزراء والمسؤولين الأمنييين، الذين لهم علاقة بموضوع حادثة المرفأ، لكن القضاء في لبنان مكبّل لأسباب عديدة، تتعلق بالتعيينات والمحسوبية والزبائنية".

ولهذا السبب، برأيه، لم نصل في لبنان إلى قضاء حقيقي، وبالتالي ما قاله دياب هو "لزوم ما لا يلزم، كان من المفترض على دياب أن يعطي مثالاً لباقي المسؤولين، وأن يمثل أمام المحقق العدلي، خاصة وأن النيترات لم تحصل على أيامه، وتقع عليه مسؤولية علمه مثله مثل رئيس الجمهورية". وقال: "لو كنا بدولة تحترم نفسها، وفيها قضاء فاعل ونزيه، وفي كارثة بحجم كارثة المرفأ، لم يبقَ أحد على الكرسي"، مضيفا: "بمطلق الأحوال، الأيام المقبلة إبتداءً من منتصف كانون الثاني 2021 ستظهر مفاجآت كبيرة في كارثة المرفأ"، والتحقيق برأيه ذاهب بإتجاه التدويل، متوقعا الكشف عن أسماء كبيرة، متوقعاً أن "تحدث مفاجأة تشبه مفاجأة العقوبات الأميركية التي طاولت بعض الشخصيات السياسية، فهي ستغير الكثير من المعادلات، وهذا الإنفجار سيتصدّر الأولويات على المستوى الدولي".

وعن رأيه بتسليم صوان الكلف إلى النيابة العامة التمييزية، إعتبر محفوض إن المراجعة تتطلب تبادل للملف والأوراق المتعلقة به، والشاكي عليه أن يسلم المستندات، والمحقق العدلي من حقه أن يبرز المستندات أمام النيابة العامة التيمييزية، وبهذه الحالة يكون القاضي صوان محامي الدفاع عن ملفه الذي يعتبر متماسكا، مقدرا أن صوان باقٍ في مهمته، وأنه خلال مدة أسبوعين سيستعيد نشاطه وبشكل أفضل وستكون له ضمانة دولية.

في الشأن الصحي، ومع التزايد المفرط في عدد الإصابات بكورونا في الأسبوع الأخير من نهاية السنة، عبّر طبيب الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي البروفسور بيار أبي حنا عن شعوره "بالحزن العميق لهذا الحجم المتزايد بعدد المصابين، متخوفا من مضاعفة عدد المصابين مع رأس السنة.

وقال أن المطلوب تخفيف الحالات لأن ما يحصل مخيف على كافة المستويات، داعيا اللبنانيين للتقيد بإجراءات الوقاية التي تختصر بثلاث عناصر، الكمامة والتباعد الإجتماعي وعدم المخالطة، أقّله من الآن إلى حين وصول اللقاح المتوقع في منتصف شباط المقبل.

أبي حنا أبدى إرتياحه لإقبال اللبنانيين الموجودين في بلدان الإغتراب وخاصة في الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة على تناولهم اللقاح، وهذه مسألة مفيدة جدا ستبعد عنهم الإصابات وقد تنعكس إيجابا على ذويهم وأهلهم في لبنان من خلال تشجيعهم على تناول اللقاح عند وصوله إلى لبنان.