Advertise here

2020 عام الانهيار الكبير... اللبنانيون رهائن الجوع والفقر واليأس

30 كانون الأول 2020 11:16:00 - آخر تحديث: 30 كانون الأول 2020 11:47:30

كثيرة هي مخلّفات العام 2020 الاقتصادية على لبنان، والتي كانت للأسف بمعظمها كارثية، فكان عام الإنهيار والجوع والفقر واليأس والدمار والموت والعزلة.

لقد كان من المتوقع أن يكون هذا العام سيئاً وصعباً ولكن ليس الى هذا الحد، فلبنان اليوم يعيش أسوأ أزماته منذ الحرب الأهلية، مع تواتر الأزمات السياسية والاقتصادية، خلال العام الأخير، كما أن تسارع الأحداث يشير إلى مرحلة تراجع جديدة في المؤشرات الاقتصادية. فخلال الأشهر الماضية، تتابعت اللكمات على اقتصاد لبنان بدءا من الاضطرابات السياسية، وفشل سداد الديون الأجنبية، وانهيار العملة وارتفاعات قياسية للتضخم، إلى فشل الاتفاق على قرض من صندوق النقد الدولي، اضافة الى تداعيات فيروس كورونا التي تزيد الأوضاع سوءا. 

الدين العام

يقع لبنان تحت عبء الدين العام الذي يعادل نحو 170 في المئة من قيمة الناتج الإجمالي المحلي. ويحتاج لبنان إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرّها مؤتمر "سيدر" الذي عُقد في باريس في 2018، ولكن في ضوء برنامج إصلاح اقتصادي لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن.

تخلّف لبنان في آذار الماضي، وللمرة الأولى في تاريخه، عن تسديد مستحقات بقيمة 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوندز التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار.

فكان العمل مع صندوق النقد الدولي هو الحل الوحيد للبنان لكن المفاوضات تعثرت للحصول على قرض بقيمة 10 مليارات دولار، بسبب خلاف بشأن حجم الخسائر المالية أحدث توتراً بين الحكومة والمصرف المركزي والبنوك التجارية، في ظل فضيحة الاختلاف على ارقام خسائر لبنان ما بين الحكومة ولجنة المال والموازنة النيابية.

تدهور الليرة

منذ أواخر 2019، بدأت بوادر الأزمة الاقتصادية تتبلور في لبنان، مما أدى ببعض كبار المودعين إلى سحب أموالهم من المصارف أو تحويلها إلى الخارج، وبدأ شح العملات الأجنبية وتحديداً الدولار في المصارف.

ونظراً لأن معظم السلع يتم استيرادها من الخارج، أي أن ثمنها يُدفع بالدولار، ظهر ما يسمّى "السوق السوداء"؛ التي سجلت فجوة كبيرة بين أسعارها وسعر السوق الرسمية، فكل ذلك إنعكس على سعر العملة الوطنية، ففقدت الليرة اللبنانية 78 بالمئة من قيمتها في العام 2020؛ فبعدما كان الدولار الواحد يساوي 1500 ليرة، وصل هذا العام إلى 9000 ليرة في السوق السوداء.

منذ ذلك الحين، أصبحت سوق الصرف تتضمن ثلاثة أسعار للدولار، الأول هو السعر الرسمي من مصرف لبنان البالغ 1500 ليرة للدولار، والثاني سعر منصة إلكترونية لعمليات الصيرفة ويتراوح بين 3000 و3900 ليرة. بينما السعر الثالث هو سعر السوق السوداء الذي وصل في الأشهر الماضية إلى 9000، واليوم يتراوح بين 8000 و8600 ليرة للدولار الواحد.


    

الاحتياطي الإلزامي

تبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك في لبنان 15 بالمئة من إجمالي الودائع. والاحتياطي الإلزامي، هي أموال تضعها المصارف العاملة في السوق المحلية لدى البنك المركزي، كسيولة تحميها من أية مخاطر، وترتفع قيمتها بارتفاع حجم ودائع القطاع المصرفي. ويتهدد لبنان بتنفيذ خفض في الاحتياطي الإلزامي.

في المقابل، يواجه لبنان تراجعا متسارعا في احتياطي النقد الأجنبي منذ تشرين الأول 2019، وأفادت بيانات رسمية لمصرف لبنان المركزي، بأن احتياطات النقد الخارجية للبلاد انخفضت بنسبة 6.5 بالمئة على أساس شهري حزيران/ تموز الماضيين إلى 30.8 مليار دولار.

ويعود سبب هذا الانخفاض، إلى تمويل المصرف المركزي استيراد المحروقات والطحين والأدوية ودعم سلّة غذائية وضخ الدولار في سوق الصرف. الذي يتم تهريبها الى الخارج عبر المعابر الغير الشرعية.
ووفق بيانات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الذي كان وصل إلى 53 مليار دولار في 2019، من المتوقع أن ينخفض بشكل غير مسبوق إلى حوالى 17 مليار دولار مع نهاية 2020.

التضخم والغلاء

بحسب إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك هذه السنة بنسبة 136.80 بالمئة خلال شهر تشرين الثاني الماضي، على أساس سنوي.

ويعطي هذا المؤشر لمحة عامة عن تطور أسعار السلع والخدمات التي تستهلكها الأسر، ويؤشر إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع المستوردة والمحلية، بسبب هبوط العملة، وتحويل فروقات أسعار الصرف للمستهلك النهائي.وبسبب انهيار الليرة، يشهد لبنان ارتفاعات غير مسبوقة لأسعار المستهلك (التضخم) بنسبة 89.7 بالمئة خلال حزيران الماضي، بعد أن سجلت ارتفاعا 56.6 بالمئة في أيار السابق له.

وحسب التقارير الصادرة، فإن لبنان أول بلد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشهد تضخما جامحا.
و"التضخم الجامح" يحدث عندما يتجاوز معدل التضخم في بلد ما 50 بالمئة شهريا على مدى فترة من الزمن.
وارتفعت تكاليف الأغذية والملابس بما يقارب 200 بالمئة حسب بيانات رسمية أوردها بنك الاعتماد اللبناني، مما دفع المواطنين إلى توفير احتياجاتهم الأساسية عبر مقايضتها الملابس والأثاث في ظل انهيار العملة.

البطالة

الأزمة الاقتصادية بأكملها انعكست على المواطن اللبناني، من غلاء الأسعار إلى فقدان فرص العمل وارتفاع نسب البطالة. ووجد عشرات الآلاف من اللبنانيين أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة، يخسرون وظائفهم أو جزءا من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة بحسب إحصاءات رسمية، إلى أكثر من 35 بالمئة.

فقطاع المطاعم والمقاهي الليلية بمفرده، شهد حتّى تشرين الأول الماضي، إقفال 265 مؤسسة بحسب "نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان".

وتوقعت الدولية للمعلومات، أن يكون عدد العاطلين عن العمل في لبنان نهاية عام 2020 مليون شخص أي بنسبة 65 بالمئة.

الإحتجاجات

كان لقرارات الحكومة بفرض حزمة ضرائب في 17 تشرين الأول 2019، السبب الرئيس وراء اشتعال الاحتجاجات الشعبية فتحرّك المواطنون على مدار العام باحتجاجاتٍ مطلبية.

السائقون العموميون، الأساتذة المتعاقدون، الاتحاد العمّالي العام وغيرها من الجهات نقابية تحرّكت باعتصامات وإضرابات شملت معظم المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب.

وشارك بهذه الوقفات مجموعات متعدّدة من المواطنين استنكار للأوضاع المعيشية الصعبة، وهبوط الليرة أمام الدولار وما نتج عنها من أعباء كغلاء أسعار المواد الأساسية والأقساط.

 تداعيات وباء "كورونا"

زادت أزمة وباء"كورونا" والإغلاق الذي نجم عنها الوضع الإقتصادي سوءاً، ففي 22 شباط الماضي، حل فيروس كورونا ضيفا ثقيلا على المستويات كافة في لبنان، بعد اكتشاف أول إصابة به لسيدة قادمة من إيران.
ومع تفشي الفيروس السريع، أصبح الاقتصاد اللبناني أمام تحد حقيقي، لا سيما أمام مدى استطاعة احتوائه.
بالإضافة الى عدم توافر العملات الصعبة للاستيراد وخصوصًا ما يتعلق باستيراد المعدات واللوازم الطبية إذ يستورد لبنان في الواقع 100% من معداته الطبية. فتم تخصيص 686 مليار ليرة لبنانية لموازنة وزارة الصحّة العامة لعام 2020 ليفاقم الأوضاع الاقتصادية للبلد.

تضامن عربي ودولي واسع مع لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت

انفجار مرفأ بيروت

جاء تفجير مرفأ بيروت ليخلق نقصا محتمل في السلع الأساسية وتعطل حركة التجارة مع العالم الخارجي.
وأسفر الانفجار الضخم، عن سقوط191  قتيلا ونحو 6 آلاف جريح، إضافة إلى عشرات المفقودين، بجانب دمار مادي هائل.

ويعتبر المرفأ مخزنا مؤقتا للعديد من السلع الرئيسية، كالحبوب على أنواعها، إذ تصنف أرض المرفأ على أنها موقع التخزين الأكبر في لبنان للحبوب والمواد الغذائية والدواء وغيرها.

البنك الدولي يفصل أسباب وقف تمويل مشروع سد بسري.. إليكم التفاصيل - جريدة  الأنباء الإلكترونية

انتقاد البنك الدولي

إنتقد البنك الدولي السلطات اللبنانية لما يقول إنه تقاعس "متعمد" في اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة. ويقول تقرير صادر عن البنك إن عددا كبيرا من السياسات غير المنسقة وغير الفعالة جعلت الوضع الاقتصادي يزداد سوءا. وتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنحو 20 في المئة، كما رجح أن ينتشر الفقر بين أكثر من نصف سكان البلد.

إن لبنان، الذي يبلغ تعداد سكانه 5.4 مليون نسمة على البحر الأبيض المتوسط، مع مجموعة متنوعة من الطوائف الدينية ومجموعات كبيرة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، عانى طويلاً من الصراع الداخلي وانتشار حروب جيرانه. فقد اعتمدت سياسته الضعيفة تاريخياً على مبالغ متزايدة من الديون لدفع فواتيرها، بينما فشلت في تنفيذ الإصلاحات التي كان من الممكن أن تدعم اقتصادها أو تطلق العنان للمساعدات الدولية. وهو ما جعله ثالث أكبر دولة مثقلة بالديون في العالم، مما أدى إلى إفقار الطبقة الوسطى، والبعض من الأفضل والأذكياء لن يكونوا فقط مجرد مهاجرين، ولكن هذه المرة قد يديرون ظهورهم بشكل دائم لهذا البلد.