Advertise here

الفضيحة الجديدة في "دكانة" الطاقة.. تواطؤ مع شركة وتنازل وزيرة وفيول غير مطابق

30 كانون الأول 2020 10:05:34

عقود غير شرعية، صفقات مشبوهة، إنعدام للشفافية والحوكمة، ومخالفات بالجملة، أهلا بكم في مغارة وزارة الطاقة، حيث يكاد لا يمر أسبوع إلّا وتتكشف للرأي العام رواسب فساد وزراء الطاقة المتعاقبين في المرفق، في ظل تعامٍ غير مبرر من قبل القضاء وبعض الهيئات الرقابية، في حين يستمر إستنزاف أموال اللبنانيين، وتخاض المعارك الوهمية لذر رماد التضليل في عيون المراقبين.

ما لا يفعله صاحب "دكانة" صغيرة، قامت به وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني، المؤتمنة على المال العام، في التفويض والتنازل الذي أصدرته بتاريخ 22 نيسان 2019، والذي ينص على تفويض مصرف لبنان بقبول المستندات التي سوف ترد تنفيذا لطلب فتح إعتماد مستندي لصالح "شركة كهرباء لبنان"، كما هي مقدمة وبالرغم من أية مخالفات أو مغايرات محتملة قد ترد عليها، كما والتنازل بصورة نهائية غير قابلة للرجوع عنها عن إبداء أي تحفظ أو إعتراض أو مطالبة، مهما كان موضوعها، قضائية أو غير قضائية، بهذا الشأن مهما كانت الأسباب أو الدفوع.

في هذا السياق، رأى عضو لجنة الطاقة النيابية جوزيف إسحق في إتصال مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "التنازل المذكور لا يمت للمنطق بصلة، إذ كيف تتنازل الوزارة عن حقها في المراجعة والملاحقة في حال وجود أي شوائب أو تخلّف عن الإلتزام بالشروط بالنسبة للفيول المستورد وفق الإعتماد؟ لا يمكن لأحد أن يتنازل عن حقه مسبقا"، مبديا أسفه لـ"طريقة التعاطي التي ينتهجها وزراء الطاقة، والتي تحمل في طياتها فوضى عارمة وإستهتار وإهمال للقانون، خصوصا لجهة التعامل مع دائرة المناقصات ومصرف لبنان".

إسحق أشار إلى أن "جميع من تصّرف وفق التنازل المذكور يتحمل المسؤولية، من وزراء الطاقة والمالية وصولا إلى مصرف لبنان"، مشددا على "ضرورة تحرّك القضاء في هذا الملف، خصوصا في ظل وجود عدد كبير الإخبارات المتعلقة بقطاع الكهرباء المقدمة أساسا، إلّا أن القضاء لا يتحرك، ولهذا السبب نطالب بإستقلاليته".   

وذكر إسحق أن "لجنة الطاقة والأشغال النيابية أنشأت لجنة لتقصّي الحقائق، إذ لا نريد كنواب أن نكون شهودَ زورٍ في حين أن دورنا رقابي، وحسب القانون، في حال لم تستطع اللجنة الوصول إلى المعلومات المطلوبة، عندها تُشكّل لجنة تحقيق برلمانية"، لافتا إلى ان "لجنة الطاقة سبق وأن طالبت الوزارة المعنية بدفتر شروط جديد حول إستيراد الفيول، لكن الوزير المعني لم يقدّم حتى الآن أي دفتر، وهذا غير مقبول". 

بدوره، أكد عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي محمد بصبوص "عدم إمكانية الدولة التخلي عن حقها في إبداء أي تحفظ أو إعتراض أو مطالبة في أي شأن كان، فماذا لو كانت نوعية شحنة النفط المستوردة مخالفة أو مغايرة للشروط؟ قد تتضمن الشحنة نوعيات رديئة، وبموجب التنازل لا يحق للدولة ملاحقة الموضوع والإعتراض. الموافقة المسبقة حول أية شحنة تناقض دفتر الشروط الموضوع لإلزام الشركات بمواصفات معينة لإستقدام الفيول".

وفي حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية، لفت بصبوص إلى أن "صيغة التنازل عامة، وهي تنفيذا للإعتماد المذكور، يعني أن التنازل عن الإعتراض والملاحقة القضائية يشمل النقاط الثلاث: كمية النفط المستورد، والسعر، والمواصفات". 

سأل بصبوص: "لماذا إذا تقوم وزارة الطاقة بأخذ العينات لفحصها إذا كان لا يمكن إبداء التحفظ أو الإعتراض؟ هذا يعني أن أخذ العينات وفحصها هو بدعة لا أكثر، أما تبريرات الوزيرة البستاني بأن جميع الوزراء كانوا يقومون بالعمل نفسه، فهي غير مُقنعة، بل تُظهر إهمالا للمال العام، إذ الدولة اللبنانية مُلزمة دفع الأموال للشركة المصدّرة للنفط بغض النظر عن نوعية الفيول، نسبةً للتنازل". 

وحول الأسباب التي تكمن وراء تقديم الوزيرة هذا التنازل، فإعتبر بصبوص أن "التواطؤ واضحٌ بين الشركة المصدّرة والوزيرة لتمرير فيول غير مطابق، إذ لا يوجد أي تبرير منطقي آخر".

وأشار بصبوص إلى أن "الوزيرة البستاني مسؤولة مباشرة عن أي شحنة فيول غير مطابقة تندرج ضمن الإعتماد المذكور، في حين أن مسؤولية دائرة المناقصات تقتصر فقط على إرساء الصفقة الأساسية بين وزارة الطاقة والشركة، إلّا أن للمدعي العام المالي دورا كبيرا في محاسبة المسؤولين، كما وديوان المحاسبة، ومختلف الأجهزة القضائية، لأنها جريمة موصوفة".

وحول إحتمال وصول فيول غير مطابق للمواصفات والمعايير وإستخدامه لتسيير عمل معامل الكهرباء، قال بصبوص: "من المؤكد وصول شحنات كهذه إلى معامل شركة كهرباء لبنان، ما قد يؤدي إلى تلف ماكينات المعامل أو تراجع الإنتاج، وقضية الفيول المغشوش الأخيرة أُثيرت حينما وصلت الكميات غير المطابقة لتزويد البواخر، والتي تتبع لشركات خاصة لا تقبل بإستخدام فيول غير مطابق".

وتطرق بصبوص إلى "وضع وزارة الطاقة مواصفات ومعايير عالية جدا ضمن دفتر الشروط لإستيراد الفيول، بعيدا عن المواصفات المطلوبة في لبنان حسب ما يؤكد خبراء أوروبيون، والسبب مردّه إرتفاع أسعار الفيول بحكم تحسين المعايير، وفي المقابل يتم إستيراد شحنات سيئة النوعية، وفارق السعر بين الإعتمادات والكميات التي تم شراؤها، تضيع بطريقة مشبوهة".


وختم معتبرا أن "الفساد في وزارة الطاقة يتكشّف يوما بعد يوم، وللتقدمي واللقاء الديمقراطي فضل في ذلك، نسبةً للمتابعة والعمل الذي يقومون به على هذا الصعيد".