Advertise here

لبنان 2020... حكومة سرّعت الانهيار وزلزال المرفأ قلب كل الموازين

29 كانون الأول 2020 09:01:00 - آخر تحديث: 29 كانون الأول 2020 16:08:58

كان من المفترض أن يكون العام 2020 مكرّساً للاحتفال بمئوية لبنان الكبير والتحضير للبناء لمستقبلٍ يختلف بالطبع عن كل ما شهدته هذه السنة من ويلات على الوطن والشعب اللبناني على كافة المستويات، فالانهيارات توالت من الاقتصاد الى الأمن والسياسة ومؤسسات الدولة من إدارة وقضاء، حتى بات لبنان بأسره رهينة الأزمات وغياب أي أفق للحلول.

 حكومة الإنهيار 

إفتتحت بلاد الأرز العام المنصرم بتشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، وهي تلت استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري إثر إحتجاجات 17 تشرين 2019. إمتنع حينها الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار المستقبل والقوات اللبنانية عن المشاركة في الحكومة، فكانت الأولى من نوعها ذات اللون الواحد بعد فترة طويلة، وشكّلها حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وتيار المردة وحلفائهم.

كان من المفترض أن تكون حكومة وقف الإنهيار وحماية الطبقات الأكثر عرضة للخطر، لكن الحكومة فشلت في مهمتها، فلم تستطع التخفيف من حدّة السقوط لا بل سرّعت الانهيار بقراراتها غير المدروسة وأخرى انتقامية، وطبعاً لم تحقق  حماية الأسر الفقيرة، بالعكس واجه اللبنانيون مصيرهم الأسود والفقر والعوز وارتفاع غير مسبوق في سعر صرف الدولار، وأزمة ثقة في العلاقات مع المجتمع العربي والدولي والمؤسسات المانحة، خصوصا صندوق النقد الدولي الذي فشلت الحكومة في التفاوض معه، وعجزت عن القيام بأي بند إصلاحي.

 إنفجار مرفأ بيروت 

الحكومة المذكورة لم تقوَ على الصمود جرّاء تصادم الفريق الواحد داخلها، وقد عطّل مختلف الأفرقاء المشاركون فيها أدوار الوزراء، وشلّوا حركتهم، إلى أن وقع أحد أضخم الإنفجارات في العالم وأكثرها دمارا، في الرابع من آب، في مرفأ بيروت. كان الإنفجار، الذي راح ضحيته أكثر من 200 شهيد و6000 جريح، بمثابة رصاصة الرحمة للحكومة وفريق الحُكم على حد سواء، إذ أظهر الفشل في إدارة البلاد، وكأنّ المرفأ كان مثالا مصغّرا عن لبنان. فإستقالت الحكومة بُعيد الإنفجار بأيام، وبرفقتها عدد من النواب. وكان الانفجار بمثابة الزلزال الذي قلب كل الموازين.

وإلى جانب الخسائر البشرية الهائلة، فقد لبنان في ذاك الإنفجار رئته الإقتصادية، إذ كان المرفأ من أكثر المرافق إنتاجية على صعيد مرافق الدولة، نسبة لحجم التبادل التجاري، إضافة إلى أنه كان من الأكثر تطورا على ضفة البحر المتوسط. كما دمر الإنفجار أبنية بيروت وأسواقها، وشرد عددا من المواطنين وقضى على الكثير من المبادرات الاقتصادية الفردية.

 ماكرون والمبادرة

كان من المقرر أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت في ذكرى مئوية إعلان لبنان الكبير في أيلول في زيارة رمزية، إلّا أن إنفجار المرفأ سرّع من زيارته، فزار العاصمة المنكوبة في ثالث أيام الإنفجار. تضامن ماكرون مع الشعب اللبناني وأعطاه جرعة أمل بعد سلسلة من النكبات السياسية والإقتصادية.
غادر ماكرون ووعد بالعودة بعد شهر، فوفى بوعده عائداً بجعبته مبادرة لمساعدة لبنان على الخروج من النفق المظلم، فجمع القادة اللبنانيين في قصر الصنوبر، وأطلعهم على مضمون المبادرة التي ترتكز على تنفيذ الإصلاحات، والتي ستفتح أبواب المجتمع الدولي على لبنان في سبيل خروجه من العزلة التي عاناها، إثر إقحامه في سياسات المحاور.
وعد الجميع بالإلتزام بالمبادرة، فتم تكليف السفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب لتشكيل حكومة مهمة، تضع برنامجها وفق المبادرة الفرنسية، إلّا أن ذلك ما لم يحصل، اذ أرغمته التجاذبات السياسية على الإعتذار عن التكليف. ومع الأسف إستمرت هذه التجاذبات وسياسة المحاصصة وضرب الدستور بأعراف إبتدعها أهل السلطة، ثم تم تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة بعد اعتذار أديب، لكن مطالب الثلث المعطّل وتسمية الوزراء وغيرها نسفت المبادئ التي قامت عليها مبادرة ماكرون لتشكيل حكومة أخصائيين يتمتعون بمساحة من الإستقلالية. وانقضى العام دون حكومة.

 تحقيقات إنفجار المرفأ 

بعد إنفجار المرفأ بأيام، وعدت السلطة القائمة الشعب اللبناني بإجراء التحقيقات في مهلة 5 أيام، إلّا أنه وبعد مرور 5 أشهر من الإنفجار، فقد اللبنانيون الأمل بأي تحقيق شفاف، خصوصا إثر الصدام الحاصل مؤخرا بين القضاء والسياسة، وإعتماد الإستنسابية في الإدعاءات، كما ووضع الخطوط الحمراء، لحماية المواقع. فقد إدّعى المحقق العدلي القاضي فادي صوان على حسان دياب وزيري الأشغال السابقَين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر ووزير المال السابق علي حسن خليل، وتحوّل ادعاؤه الى معركة طائفية ومذهبية لحماية هذا الموقع أو ذاك، مع الاشارة الى ان مواقف سياسية عدة طالبته بأن تشمل ادعاءاته كل المعنيين بدءا من رئيس الجمهورية الى آخر موظف.

 العقوبات الأميركية 

واظبت الولايات المتحدة الأميركية، ضمن سياسة الضغط الأقصى على إيران وحلفائها،  فرض العقوبات على شخصيات وكيانات مقربة من حزب الله. إلّا أن الإدارة الأميركية توجّهت في العام 2020 إلى الضغط على حلفاء حزب الله من شخصيات الصف الأول، فأدرجت رئيس تكتّل "لبنان القوي" جبران باسيل، وزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، على لوائح العقوبات الأميركية.

 ترسيم الحدود 

بعد 10 سنوات على المفاوضات بين لبنان والولايات المتحدة، لوضع إتفاق - إطار لبدء التفاوض بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه إنطلاق المفاوضات برعاية أميركا والأمم المتحدة، فإلتقى الوفد اللبناني وفدا إسرائيليا في الناقورة مرات عدّة، وخاض جولات التفاوض غير المباشر، إلّا أنها عادت وتوقّفت إثر رفع لبنان لسقف المطالبات، في ظل رفض الإسرائيلي.

 فوضى أمنية 

الوضع الأمني لم يكن أكثر إستقرارا من الوضعين السياسي والإقتصادي. إذ شهد لبنان نكسات أمنية خطيرة كادت أن تُخرج الأمور عن سكة السيطرة. أبرز هذه الأحداث كانت الإشتباكات المسلحة التي شهدتها منطقة خلدة، إضافة إلى مقتل 3 أشخاص في كفتون إثر إطلاق الرصاص عليهم، ومن بعدها إشتباك المجموعة المسلحّة مع الجيش. كما وإنفجار عين قانا، الذي قيل أنه ناتج عن إنفجار مخلفات العدو الإسرائيلي. هذا إلى جانب الإشتباكات اليومية في مدينة بعلبك والعراضات العسكرية التي نفذتها العشائر، في إشارة واضحة إلى غياب الدولة بشكل تام، وكان آخرها جريمة الكحالة والتي راح ضحيتها جو بجاني وقبلها جريمة قتل ضابط متقاعد من الجمارك بظروف غامضة.