Advertise here

مع ولادة المخلّص.. لنخف الله ونبنِ بلداً

24 كانون الأول 2020 09:02:01

..هو شهر ولادة المخلّص ومنقذ البشرية ورائد الإنسانية والتسامح والمحبة... فأين نحن اليوم في لبنان من تعاليم السيد المسيح وسائر الأنبياء والرسل؟ وهل يعقل أن يعيّد اللبنانيون مثقلين بكمّ هائل من المعاناة والفقر؟ إنّه الزمن الصعب على هذا الشعب الطيب المبدع، والذي صال وجال في كل أصقاع العالم، فبرع في إنماء دول كثيرة وأسهم في إعمارها، وكانت له اليد الطولى في هذا الإطار، ولكن لم تُتح له الفرصة في بلده المكبّل بالطائفية والمذهبية والإخفاقات والارتكابات وتفتُّت المؤسسات الرسمية وترهُّلها، فنحن نعيش ضمن وطن أوصاله مقطّعة ولكنّ نفوس أبنائه نقية وتوّاقة لتقدّم لوطنها ما فعلته في كل أرجاء المعمورة، وإنّما ليس في اليد حيلة في خضمّ هذا الصراع الذي نعيشه في السياسة والأمن والاقتصاد والمال، والمواطن يرزح تحت أعباء لم يسبق له أن مرّ بها، حتى أنّ الكثيرين أخذوا يترحّمون على الحروب رغم مآسيها، وقد باتت وراءنا... وهل أصعب من العوز والذلّ؟ حرام أن يُذلّ أي لبناني في بلده.

 

 

في هذا الشهر المبارك والأعياد المجيدة، نسأل ونتساءل: ماذا بعد؟ فلا الحكومة تشكلت بحسب روحية المبادرة الفرنسية وإرادة اللبنانيين وتطلّعاتهم، ولا الذين دُمّرت بيوتهم ومنازلهم في بيروت الحبيبة قد أعيد إعمارها، وهم مشرّدون ينتظرون دولتهم الغائبة عما أصابهم من زلزال لا مثيل له في هذا العصر... أما الإصلاح فحدّث ولا حرج، لقد بُحّ صوت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون داعياً إلى عملية إصلاحية جذرية، وأن تكون الحكومة العتيدة إصلاحية بامتياز، ولكنّ صراعاً مستمراً على الحصص والوزارات هو السائد، وليس ما يشي أو ينبئ بأنّنا متّجهون إلى بناء دولة نعتزّ بها، ويفتخر أبناؤنا وأحفادنا بها، وقد طال الانتظار، فإلى متى؟!

 

في شهر الأعياد، اشتاق اللبنانيون إلى المغتربين، إلى أهلهم وأبنائهم وعائلاتهم، واشتاقوا أيضاً إلى أهل الخليج الذين كانوا يتوافدون في فرصة الأعياد ويُنعشون الدورة الاقتصادية، وهم لطالما اعتبروا لبنان، وما زالوا، بلدهم الثاني، إنّما قمنا بـ"تطفيش" الأشقاء، الذين كانوا إلى جانبنا في السراء والضراء، نتيجة السياسات العقيمة عوض أن نبادلهم الوفاء بالمثل... والأمر الآخر المؤسف الذي يدمي القلوب ما يحيط بجامعاتنا التاريخية ومستشفياتنا التي ذاع صيتها في دنيا العرب والعالم أجمع، من معاناة وصعوبات تبعث على الأسف والحزن في آن...

 

مع ولادة المخلص، لا مناص إلا بالتسامح والمحبة والإيمان ونبذ الطائفية والتلاقي بين كل مكونات هذا البلد وشرائحه... مع حرصنا وتأكيدنا على أنّنا في الجبل، من إقليم الخروب والساحل إلى الشوف وعاليه والمتن، وفي كل لبنان، نجسّد هذه القيم، مؤكّدين في زمن الشعبوية والتصعيد السياسي ونبش الماضي، أنّنا متمسّكون بمصالحة الجبل والوحدة بين كل شرائحه الروحية أكثر من أي وقت مضى، فالخلاف السياسي أمر مشروع ويعبّر عن الديموقراطية، ولكن من غير المسموح العودة إلى الماضي الأليم والمؤسف، فكفانا تفرقةً وتشرذماً وطائفيةً وأحقاداً.

 

وعَود على بدء، في شهر الأعياد يكاد اللبنانيون يردّدون: "عيد بأية حال عدتَ يا عيد"، آملين أن تأتي الأعياد المقبلة ويكون لبنان قد تعافى من أزماته وشرعنا في بناء دولة عصرية وفتحنا طريق الإصلاح، فهل يسمع المتناحرون على الحصص؟ كفى قهراً لهؤلاء الناس الذين عانوا ما عانوه من هجرة وبِطالة وفقر... وآن الأوان للخلاص من هذا الجحيم.